تقوم النظرية الاقتصادية الحديثة على مبدأ تبادل المنفعة, وكان الناس قبل النقود يتعاملون بطريقة المقايضة وهي تبادل السلع. ومع انتشار النقود اصبحت هي الوسيلة الاساسية للتبادل.. وتطورت عمليات البيع وفنون التسويق حتى اصبح الناس يشترون ما يحتاجونه ومالا يحتاجونه بحسب قدرتهم المادية وسلوكهم الشرائي, وعملية الشراء تعتمد على عناصر كثيرة منها هرم الحاجات وهي ان المستهلك يبدأ اولا بتلبية احتياجاته الاساسية من مأكل ومشرب ثم المسكن واذا سمحت امكانياته المادية بالتوسع في الكماليات وسلع المفاخرة والسفر وغيرها.. المهم ان المستهلك يسعى لتلبية احتياجاته من خلال الشراء الا ان انتشار بعض السلوكيات والعادات الاجتماعية السلبية يحدث خلالا في سلوكيات الانفاق وفي توزيع موارد الاسر بشكل سليم.. فالجانب الآخر من المعادلة هو اهمية سلوك المواطنين بالنسبة للاقتصاد الوطني.. فنحن اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على الاستيراد لسد معظم احتياجاتنا المعيشية فالاتفاق على السلع الاستهلاكية المستوردة يؤثر سلبا على الاقتصاد كما ان زيادة المدخرات الشخصية للمواطن تساهم ايجابا في الاقتصاد.. وبالتالي فان ظاهرة التسوق بشراهة وبسبب وبلا سبب هي ظاهرة سلبية على الاقتصاد.. فقد نشرت احدى الصحف تحقيقا عن ظاهرة هوس التسوق النسائي في المنطقة الشرقية وكيف ان بعض المصابات بهذا الهوس يضيعن المال والوقت لشراء ما لايحتاجون؟ حتى ان احد اصحاب المحلات وصف المرأة السعودية بأنها استهلاكية من الدرجة الاولى.. ولنستعرض بعض ما عبر عنه بعضهن ليؤكدن اعراض هذا المرض.. تقول احداهن (اكثر تجوالي وذهابي الى السوق بغرض التسلية ولقاء الصديقات) وتقول اخرى (ادفع مبالغ باهظة لسلع لاتستحق لكنها تجعبني وانا ميسورة ماديا ولا اقلق من الدفع).. واذكر انني زرت احد محلات الملابس المشهورة والذي يغلق ابوابه من شدة الزحام فقال لي احد البائعين ويبدو عليه الارهاق من كثرة الزبائن (دول عندهم مرض الشراء و..) فتخيل ان البائع (عفوا البائعين, فالمحل يعمل به ما لا يقل عن 15 بائعا) اصيبوا بالارهاق من كثرة الزبائن وتخيل ان احداهن يمكنها تقديم تقرير كامل عن اخر البضائع في عالم الموضة في كل المحلات واين تجد السلعة المناسبة (انها طاقات مهدرة).. وهذه الظاهرة السلبية بحاجة الى علاج والى حملة وطنية للتوعية.. فالمرأة جزء مهم من مجتمعنا ووقتها ثمين اذا هي استغلته فيما ينفعها وينفع اسرتها.. اما ان يكون الفراغ سببا للتسكع في الاسواق وشراء مالا نحتاجه.. فهذه ظاهرة لها سلبياتها الاقتصادية والاجتماعية.. وهذه الظاهرة ليست مقصورة على النساء فهناك بعض الرجال الذين اصابهم شيء من هذا المرض.. نسال الله الشفاء للجميع.