في هذا العصر الذي يتسم بثورة المعلومات والاتصالات اصبحت الثقافة المهنية مطلبا هاما وضروريا للمعماريين والمهندسين فلم يعد ممكنا ان يمارس المهندس مهنته وهو منغلق على نفسه بعيدا عن التطورات التي تشهدها المهنة او التغيرات التي تمر بها الحقول الاخرى ويكون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على المهنة الهندسية. لقد اصبح المهندس غير المثقف في هذا الوقت بالذات اشبه (بالامي) الذي لا يقرأ ولا يكتب لان الحصول على المعلومة اصبح امرا سهلا ومتسيرا للجميع في كل زمان ومكان، اذا لم تعد المشكلة في الحصول على البيانات والمعلومات بقدر اشكالية تحويلها الى معرفة من قبل المهندسين بحيث يتم استغلالها وتوظيفها في ممارسة العمل الهندسي وفي اتخاذ القرارات الحاسمة وهذا ما ينقص كثيرا من المهندسين، في هذا الخصوص فان احدى الدراسات التي اجريت مؤخرا عن مدى استفادة المهندس السعودي من الانترنت وجدت ان شريحة كبيرة من المهندسين السعوديين يستخدمون الانترنت الا ان هذه الدراسة بينت ان فاعلية استخدام هذه التقنية والاستفادة من الخدمات الهندسية المقدمة عبر الشبكة من قبل المهندسين السعوديين غير مرضية. وهنا اود ان اوضح بان شبكة الانترنت تعطي كما هائلا من البيانات والمعلومات المتدفقة ولكنها لا تمنح باي حال من الاحوال معرفة (جاهزة)، فعلى الرغم من ان المعرفة ترتكز على عدة ركائز ابرزها تقنية المعلومات الا ان معالجة المعرفة في النهاية لا تتعلق بالتقنية بقدر ما تعتمد على المهندس نفسه وممارسته المهنية بيئة العمل التي يوجد بها، فالبيانات والمعلومات يتم تخزينها وحفظها في الاوراق والحواسيب اما المعرفة فانها تولد وتوجد في عقلية المهندس (العارف). ربما يسأل سائل من الزملاء المهندسين.. كيف يمكن ان انمي ثقافتي المهنية؟، من وجهة نظري المتواضعة انه لا يوجد خط فاصل بين الثقافة المهنية والثقافة العامة لدى المهندسين، بل ان كلتا الثقافتين تؤثران ببعضهما البعض، ومع ذلك فالثقافة العامة تبقى هي الاساس والقاعدة الصلبة لان العقلية الثقافية ستبحث عن المعلومات الهامة من جميع منابعها ومصادرها بغض النظر عن مجالها او تخصصها، فلم يعد هناك مجالات او تخصصات مفصولة ومعزولة عن المجالات الاخرى في هذا العصر، فكثير من العلوم والحقول التي كان يعتقد في السابق بانها متباعدة ومتنافرة اصبحت متشابكة ومتقاربة بشكل كبيرة في هذا العصر. للتذكير فقط اذكر الزملاء المهندسين بان وسائل تنمية الثقافة المهنية عديدة ومتنوعة ولا حدود لها وهي تتمحور حول الاستفادة الفعالة من المصارد التالية: شبكة الانترنت، الكتب والمطبوعات والنشرات العلمية، المؤتمرات والندوات والمحاضرات العامة، المعارض العلمية والهندسية، الجمعيات المهنية، وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، ومع ذلك فان غالبية هذه المصادر تقدم فقط بيانات ومعلومات ومؤشرات ويبقى الدور الاهم على المهندس (المثقف) الذي يستطيع اختزالها وتحليلها وتحويلها الى معرفة راسخة تترك بصماتها الواضحة على ادائه المهني وعلى القرارات التي يتخذها في مجال المهنة