من أعطى هذا الانطباع عن بيوتنا الجديدة، نحن الذين تركنا مصاطب الريحان ورائحة القرفة ومضينا إلى حواف المياه؟ من قال لهم إن حياتنا في الجزر غير حياتنا على البر الآخر؟ أصدقائي، الذين ظلوا يتطوحون بين ذوائب النساء والمروءة المفتعلة، تحدثوا كثيرا إلى من صادفوهم في الشوارع عن بيتي الجديد. أصدقائي، الذين ظلوا يحتفظون بوصايا أمهاتهم، حتى بعد أن جاوزوا الثلاثين، أمسكوا أناسا في الشوارع وراحوا يحدثونهم عن بيتي الجديد. من أعطى هذا الانطباع عن ثيابنا الجديدة، نحن الذين خلعنا الصداري المزركشة وأحزمة الخصر المجدولة من جلد الأفاعي واتدينا الحراشف؟ من قال لهم إن قمصاننا في الجزر لم تكلح عند الإبطين كما على البر الآخر؟ أصدقائي، الذين ظلوا يتلصصون تحت الشرفات الواطئة، حتى بعد أن جاوزوا الثلاثين، جلسوا في المقاهي، وراحوا يتحدثون الى المارة عن ثيابنا الجديدة. أصدقائي الذين أقلعوا عن الكتابة إلي، ذهبوا الى جيراننا وراحوا يحدثونهم عن قميصي الجديد، أصدقائي، الذين ظلوا يكشفون عن صدورهم ويشمرون عن زنودهم رغم أنهم جاوزوا الثلاثين, ذهبوا إلى أمي وراحوا يحدثونها عن حياتي الجديدة.