كالراحلين في الحوادث المفاجئة حين عادوا في أحلام أمهاتهم الحزانى أبتسمُ ولي ثوبٌ جديدٌ، وبيْ ظلمُ المنافي وحيد، غريب، خائف، تَعِبْ.. أتلوّى على عَظمي ليس في دمي حرارةُ دهشة.. وال»زجاج» مُحطّمٌ في فؤادي يجرحُ ويحدوني على الخرافات طعمُ الصمت والأرض بعيني تشكو من رائحة التبغ والمصانع تئن من الحمّى.. وتكحُّ في الشرق براكين حين ارتطمت قطرة النّيّة الطيبة بسطح «الشحوح» وتقطعت حبالها الصوتية على معزوفة الفقدِ والمحيط الهادر الملعونُ جَرّ موانئ الأخيار صوبَ أخدودٍ تائِهٍ في غُصَّةِ المَدَى والشمس تشكو من عتمتها؛ وتكاد تكون قرصًا أسود لا صليب يكون له ظلٌّ منها، ولا حتى ظل طفل! وفي كل حي، يجثم الأوغاد الكُثر حول الحوانيت تلك التي تبيع البذورَ الفاسدة يشترونها بثمن بخس، ويهرعون لمزارع «السمع» وفيها؛ يضربون «ظِلال» الراحلين يمضغون ثياب «العشاق» المفؤودين يحفّون آثار «العابرين» بألسنتهم ويدسّون تحت جلد الكلمات «دودة»! **** وها أنا ذا كحلم الحزانى، وسيمًا.. حزينًا أبحث عن غدي الجميل المزركش أغازله؛ خلف دعوات أمي الغالية.. وخلف لثام حبيبتي خلف عذر الغياب الكسول الأشيب وخلف جمرة تتَّقدُ في نفسي.. تحرق الشتاء وتخرجُ مَرْجَ ربيعي الفوّاح بأماني سهري وعلى كف النشيد أغني: «المرايا لنا، والجوزُ، والكَمَان والتبسّم الذي لم يحِنْ، لا والله، لم يفُتْ يا صاحبي!» أصبحتُ ها أنا ذا، أقف بلا دهشة ولا زجاج بيد أن دمي يفور في فؤادي وقد حطَّتْ حيرتي على جراحي أصيح في الفقراء الطيبين: يا أحباب الله! يا أصحاب الثياب المرقّعة! أزيحوا هذه المدن.. فليلتي إسراء ومعراج لأسرق أوراقي الثبوتيَّةَ من «سهيل اليماني» **** ها أنا ذا أيها الحمقى الجالسون شمالي أتشظَّى من الوجد صوب الجنوب والجدار الذي خلفي حزين أشمُّ في راحتيَّ طفولتي، وأرتكب العربدة في خيالي، وأكون قديسا وصالحًا أُعاقبني وأُعزّرني.. ثم أتوب عنِّي وأدعو لي وأشرب كأسين من خيال؛ عنِّيْ وعن صاحبي حين سَأَم وأقرأ الجدارية لمحمود درويش.. وأتدروش..وأحزن جدًا ثم وقبل البكاء المعين، أشرّفكم بآخر نص تلهثون في أسطره كا.... المشردة لأغادركم كآخر الشتاء صوب غدي وبعد غدي ولي في الحنين فتاة، وحلم، وقلم، ووفاء أصدقائي وحاجة..وحاجة وأنتم حمقى، على أرصفة الحوانيت الرخيصة تضربون ظِلّي، وتأكلون قميصي القديم المتعرّق ولكم في آثاري لسان ولهاة! ها أنا ذا أحمل ذنوب أصدقائي وآهاتهم في حقيبتي وفي جيبي تناهيد أحباب، ورسائل بلا عناوين أشاغب عنها الكنايات والتغاريد وقصاصات الذاكرة، وأجري خلف قطار ينتظرني مكتوب عليه: قُل للغياب؛ آن التمزّقُ برصاصة حضور متوجّد! نجران- ديسمبر 2010م