عزيزي رئيس التحرير كم أحب هذا البلد وأحب أهله لا لشيء إلا لعلمي بالطيبة المتناهية الغالبة عليهم وهو أمر لن تجد صعوبة في التعرف عليه عند التعامل معهم والاحتكاك بهم كما انهم يملكون عاطفة صادقة جياشة إزاء ما يعتقدون صحته, ولا أدل عى هذا من ذلك التفاعل العنيف في شدته الرائع في مصداقيته, مع أحداث الساعة وما يتعرض له اخوتهم في الدين والعروبة من هجمة ضارية يقودها المجرمون من كل حدب وصوب. اعجب وينتابني الحنق من ترداد كلام ينسب الى احد الفاتحين المسلمين العظام وأشك بل اقطع بالافتراء عليه من ان بلاد مصر العظيمة (ارضها ذهب, ونيلها عجب, ورجالها عبيد لمن غلب) ولقد اغفلت عامدا جزءا من الكلام وان كنت ارجح بطلان الإدعاء بصحة نسبة تلك المقولة لذلك القائد المشهور, بسبب تلك الجزئية بالذات التي اغفلتها قاصدا, كونها لا تتصور قولا من إنسان عادي محترم, فضلا عن ان يكون قائلها ممن تربوا في العصور الفاضلة ونهلوا من معين النبوة كأصفى ما يكون! نعم ينتابني الحنق من تلك المقولة القاسية, وكم يعلم الله وجدتني أقف بوجه من يتهكم على اخوتنا بمثل هذا الكلام في اي مجلس كان. أقف مدافعا عنهم, واني لأحسب ان شاء الله اني صادق فأرد عنهم غيبتهم والتعرض لهم بغمز او لمز, واعتقادي الصدق فيما ذهب اليه مرده الأفعال التي تبنى عيها الأحكام, لا الأقوال التي تذهب أدراج الرياح وترتد عند مواجهتها أدنى عقبة الى أفواه أصحابها الكذبة. كم اتمنى على أولئك المتقولين ان يقرؤوا الأحداث القريبة الماضية, ليتعرفوا على عظمة هذا الشعب الذي ما فتىء يقدم أروع الأمثلة على صدق توجهه والدفاع عن مبادئه ولو بذل المهج في سبيل ذلك, وهاكم اعزتي القراء غيضا من فيض: ساقت لنا الأخبار الأخيرة قصة ذلك الطفل المصري الذي لم تلوثه الفلسفات والهرطقات, ففارق الأهل ماضيا في طريق الرجولة مقتحما مشاق الطريق من بلدته الى الحدود مع العدو الصهيوني, وهناك اعتقل قبل ان يتخطى الحدود واعيد الى والديه, ولما استوضح منه عن هدفه أجاب بكل رجولة انه ذاهب للدفاع عن اخوته الفلسطينيين بل عندما سأله والده, كيف كان سيعمل بعد عودته من هناك مع الحصص الدراسية التي ستكون قد فاتته, فأجاب اجابة لا أخال قائلها إلا بطلا من أبطال الأمة السابقين!! قال: وهل من يذهب الى الجهاد يعود ياأبت؟! أرأيتم المتقولون زورا, فهذا طفلهم, فأين رجولتكم أنتم؟! كما اتتنا الأخبار معها لاحقة حاملة في ثناياها قصة تلك الشابة المصرية التي اغتيلت وهي تحاول عبور الحدود رغبة في الشهادة!! نسأل الله ان تكون قد نالتها. نعم هاهي امرأة وفي ريعان الشباب فعلت ما لم يفعله الفحول ممن يتقولون على هذا الشعب مثل تلك الأقاويل الباطلة, فهل نصدقهم وهم النائمون ملء جفونهم! ونكذب أفعال أولئك الأبطال من ذلك الشعب الأبي! هذا البلد العظيم يملك كما هائلا من المفكرين والمثقفين الأحرار الذين لهم صولات وجولات في قولة الحق في عالم مليء بالنفاق والدجل والانحناء فهلا ارعويتم يامن لا تستطيعون قولة الحق فضلا عن ان تناصروه بالأفعال, واتركوا هذا الشعب الأبي فهو أعز من ان يزايد عليه المزايدون. لكم الله أيها الأحرار ولا عزاء للآخرين!! د. ابراهيم عبدالرحمن الملحم