وفاة والد الأستاذ سهم الدعجاني    نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    «فار مكسور»    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    بالله نحسدك على ايش؟!    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ التسخيري: علينا أن نقوي كل عوامل الصمود والتعاون والوحدة
د.عبدالوهاب: حرص الإسلام كل الحرص على أن تكون العلاقة مع الغير علاقة أمن وسلام دائم
نشر في اليوم يوم 12 - 01 - 2003

في إطار فعاليات النشاط الثقافي وضمن محور (هذا هو الإسلام) اقيمت مساء امس السبت ندوة بعنوان الإسلام والعالم بقاعة الملك فيصل بالرياض ادارها د. عبدالرحمن الشبيلي وشارك فيها كل من د. عبدالوهاب ابوسليمان والدكتور محمد على تسخيري والدكتور اسحاق احمد الفرحان وفي البداية تحدث د. الشبيلي عند اهمية المحور وعلاقة الإسلام بالعالم ثم قدم للمشاركين بعدها اعطى الكلمة للدكتور عبدالوهاب ابو سليمان ليقدم ورقته التي جاءت بعنوان (عالمية الاسلام والعلاقات الدولية) وقد اشتملت مشاركة د. عبدالوهاب على قسمين رئيسيين:
القسم الأول : عالمية الإسلام
ضم هذا القسم الموضوعات التالية :
العالمية : مدلولها المكاني ، والزماني .
عالمية الإسلام : خطابها - خصائصها .
منهج الدعوة إلى عالمية الشريعة الإسلامية .
القسم الثاني : الإسلام والعلاقات الدولية .
تضمن الموضوعات التالية :
التعريف أولاً بالعلاقات الدولية ولازميتها لعالمية الإسلام نظرياً وتطبيقاً .
الخصال الثلاث التي تمثل أسس العلاقات الدولية في الإسلام :
1 - إرسال الرسل لتبليغ الدعوة الإسلامية .
2 - إبرام المعاهدات وأهميتها ، وقوانينها في الإسلام .
3 - الذود والدفاع عن عقيدة الأمة ، وأمنها ، والتشريعات المنظمة له في مواجهة الأعداء .
تنتهي الدراسة بعرض مقارن موجز بين العلاقات الدولية في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي وخصائص كل منهما .
ويقدم الباحث مدلولا مكانيا وزمانيا لعالمية الاسلام.
مبينا ان عالمية الإسلام متمثلة في مبادئه ، وقيمه المنسجمة مع الفطر السليمة ، مبادئ ليست خاصة بأمة دون أخرى ، ليست قاصرة على مكان معين ، ولا على جيل من البشر .
للعالمية الإسلامية مرتكزاتها ، وأسبابها ، وشروطها .
أما مرتكزاتها ، وعمودها الفقري فهو عقيدة الوحدانية، وهي خصوصية الباري جل وعلا ، ليس للبشر تدخل أو اجتهاد فيما يتصل بها .
ويوضح عالمية الاسلام: خطابها خصائصها فللعالمية الاسلامية خطاب تتحدث به وخصائص تتميز بها. خطاب العالمية الاسلامية خطاب شمول وعموم لايخص فئة دون اخرى ولاجيلا دون جيل ولا مكانا دون اخر يخاطب البشرية انى كانت ومتى عاشت. العالمية الاسلامية تخاطب النفس الانسانية تتعمق في طواياها تخاطب ذاتها تثير عناصر النبل والخير في داخلها وخارجها وتقويها، تعالج جوانب الضعف فيها. لعالمية الاسلام مظاهر فاين تتجلى؟ واين تصدق مظاهرها منه؟ سنجد هذه المظاهر مدونة في دستوره الاول المتمثل في الكتاب الكريم والسنة المطهرة المصدران الرئيسيان والمرجع الاساس في كل ما يحكم له به او يحكم عليه ذلك ان القرآن الكريم تعريفا ومدلولا هو (كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم منجما حسب النوازل والوقائع) اما السنة النبوية فهي (كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول او فعل او تقرير او صفة) من خلال هذين المصدرين الجليلين وفي ضوء العالمية مدلولا وتعريفا وشروطا تتبين عالمية الاسلام نصا صريحا ودينا قيما خالدا. مظاهر هذه العالمية متعددة ومتنوعة تتجلى بوضوح فيما ورد في القرآن الكريم وصفا لبداية الحياة الانسانية وصفا دقيقا خلقا وخلقا يحيط بتكوينه وسلوكه وصفا لايخص امة ولا يحد بزمان.
ويتناول خصائص الإسلام فيقول:
لعالمية الإسلام خصائص تتميز بها عن سائر الاديان والايديولوجيات القديمة والحديثة منها:
1- الوحدانية المطلقة لله عز وجل.
2- اعتراف الاسلام برسالات الأنبياء والرسل السابقين وان الرسالة المحمدية مكملة لتلك الرسالات.
3- المقصد الاول الاصيل بعد اخلاص العبادة لله عز وجل إصلاح المجتمع الانساني.
4- ملاءمته للفطرة الانسانية.
5- المساواة بين جميع بني الانسان دون تمييز في اللون او الجنس.
6- الحفاظ على كرامة الانسان ومكتسباته.
7- الحفاظ على الانسان خلقا وخلقا ودينا وعرضا ومالا دون تمييز.
ويتحدث بعد ذلك عن منهج الدعوة إلى عالمية الشريعة الإسلامية فيبين ان الاسلام وضع قواعد المنهج الصحيح للدعوة ، والأسلوب الامثل لذيوعها ونشرها بين أمم الأرض ، قدم نماذج عملية تطبيقية متمثلة في سلوكه صلى الله عليه وسلم ، وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، ضمن قاعدة عامة هي الأخذ بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بما هو أحسن ، على كافة المستويات من دون تخصيص:
" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " .
إن الإسلام يقيم في دعوته أهمية كبيرة للكلمة الطيبة في سبيل الدعوة له ، ونبذ الخشونة في اللفظ ، فضلاً عن العمل "قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن".
القسم الثاني من الورقة يتناول الاسلام والعلاقات الدولية ويبدأ بتعريف للعلاقات الدولية وان الدين الإسلامي دين عالمي لا يختص بفئة أو شعب معين فإن تعليماته ، وخطوات قيادته الأولى المتمثلة في أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقواله تسير منذ البداية في اتجاه سياسة عالمية الإسلام فكراً ، وأسلوباً ، وتخطيطاً ، وتحركاً بكل ما ينسجم مع هذا الهدف .
ولوازم عالمية الإسلام إيجاد علاقات مع كافة أمم الأرض ، ودولها ؛ لتبلغ دعوته أطراف المعمورة ، وهو مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الاسلامية .
وقد حرص الإسلام كل الحرص على أن تكون العلاقة بين المسلمين وغيرهم علاقة أمن ، وسلام دائم ، خصوصاً أن دعوته تقوم على أساس احترام كرامة الإنسان ، وأنه خليفة الله في الأرض لإعلاء كلمته ، وإخلاص عبادته ، لتكتمل للإنسان الحياة الامنة ، والطمأنينة النفسية والروحية ، بهذا يستكمل عمار الأرض التي استخلفه الله فيها ، وهو في قمة اهتمام الشريعة الإسلامية .
وذكر خصالا ثلاثة تتميز بها القيم والمبادىء الاسلامية وهي:
ارسال الرسل لتبليغ الدعوة.
ابرام المعاهدات التي تعصم الدماء والرواح
حرمة اموال المعاهدين من حرمة اموال المسلمين.
ويختتم ورقته قائلا:
" ينبغي عند إجراء مثل هذه الدراسات أن نأخذ في الاعتبار :
أن مهمة الشريعة الإسلامية هي في الدرجة الأولى مهمة حضارية ، آمرة وشاملة ، في حين أن مهمة القانون الدولي مهمة تنظيمية ، قائمة على الاتفاق ، ولا يتعدى أثرها نطاق المتفقين.
العالمية والعولمة وموقف الامة
كانت الورقة الثانية للشيخ علي التسخيري الذي اشار في البداية الى الواقع الطبيعي للعالم ووجوده على مستويين.
تارة على المستوى النظري ، من وجهة نظر الإسلام ، وأخرى على المستوى الواقعي الحالي القائم .
أما على المستوى النظري فإن الإسلام يرى أن الوضع الطبيعي للبشرية إنما يتم إذا قام نظام عالمي شامل له قانون واحد ، وله غمام واحد.
ويتمتع بامتلاك قوانين منسجمة مع الفطرة الإنسانية
ويقدم بعض العناصر المهمة في العلاقات مع الاخرين في رأي الاسلام فيقول: وهنا نود ان نجمل الامر فنذكر بعض العناصر التي تلعب دورها الكبير في تحديد نوعية العلاقات الدولية للسياسة الخارجية الاسلامية الا اننا قبل ذكر هذه العناصر نشير الى الاساسين الرئيسيين اللذين تقوم عليهما السياسة الخارجية الاسلامية وهما:
1 المصلحة الاسلامية العليا على ضوء الواقع القائم.
2 الروابط والرحمة الانسانية والصلاة الخلقية.
والواقع ان كل التشريع الاسلامي يستقي من هذين المعنيين بل يمكننا القول عند التعمق انهما يعبران عن موقف واحد فلم يكن الاسلام ليقصد الا ان يضع الانسان على طريق تكامله ويفجر طاقاته وينفي عن حياته كل المعوقات التي تقف في وجه مسيرته المستمدة من هدي الرسولين الداخلي والخارجي أي الفطرة والتشريع. والواقع الذي لاشك فيه ان الواقعية والروح المناقبية تعتبر ان من اهم سمات التشريع الاسلامي في شتى جوانبه وما سنراه فيما يلي من اسس انما ينبثق عن هاتين الصفتين الرئيسيتين.
اما العناصر التي وددنا التركيز عليها في نظرتنا السريعة فهي:
اولا: العمل على ابقاء الامة نموذجا اعلى للمجتمعات البشرية
ثانيا: المبدئية في التعامل.
ثالثا: نفي السبيل على المؤمنين.
رابعا: التوعية قبل أي خطوة اخرى.
خامساً : مراعاة العدالة في التعامل :
اذ يشكل العدل أهم أصول التصور الإسلامي عن الواقع.
" شهد الله أنه لا إله إلا هو ، والملائكة وأولو العلم ، قائماً بالقسط " .
وأهم الأسس عند التعامل الاجتماعي :
" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله".
ومن الطبيعي أن يأتي التأكيد على العدالة حين تثور الإحن والشنآن ، ويكاد العدل ينسى من البين ، وحينئذ نقول الآية :
" ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " .
وإذا لاحظنا أن العدل في التعامل مع الأجانب عن دار الإسلام يلحظ فيه واقعهم القائم ، أدركنا البعد الإنساني في هذا الأصل ، وهذا ما تؤكده أحكام الإسلام في الجهاد والعهد والإجارة وغيرها .
وهو ما يفسر وقوف الدولة الإسلامية إلى جانب قضايا المستضعفين والمحرومين في الأرض ، ومقارعة الظلم والطغيان في كل مكان ، حتى لو لم يكن الأمر يمسها من قريب ،
سادساً : مبدأ تأليف القلوب :
وهو مبدأ إيجابية الشريعة الإسلامية بكل وضوح ، كما يعكس واقعيتها في نفس الوقت .
سابعاً : احترام العهود والعقود والاتفاقيات الدولية :
وهذا الأصل هو من أهم الأصول التي تعتمدها السياسية الحقة ، وكما قلنا من قبل ، فإنه يستمد من الواقعية التي تتسم بها النظرة الإسلامية من جهة ، وإحترام مقتضيات الحق من جهة أخرى .
فالقائد الإسلامي يفكر ملياً في أي عهد أو عقد يعقده ، ولكنه إذا عقد العقدة - مستوفية لكل شروطها - إلتزم بها تمام الالتزام .
ثامناً : التعامل بالمثل :
يقول تعالى "الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين" .
تاسعاً : نظام الجهاد بمختلف أنواعه :
وهو باب واسع الأبعاد والفروع ، حاول الإسلام فيه تنظيم الأعمال الحربية ، مستهدفاً تحقيق الأهداف الإسلامية العليا ، من خلال رفع الموانع في سبيل الدعوة الإسلامية ، والحفاظ على محورها المتحرك . كل ذلك مع ضمان أكبر لالتزام الأساليب الإنسانية الممكنة ولن نتحدث طويلاً عن هذا الباب لسعته وضيق مجالنا عنه.
كانت هذه بعض الأسس القرآنية للتعامل الدولي ، أشرنا إليها في لمحات سريعة ، تاركين التفصيل فيها إلى مظانه ، وملاحظين أنه قد يكون البعض فيها داخلاً في إطار البعض الآخر ، كما في مسألة المبدئية في التعامل مثلاً ، أو نظام الجهاد .
وتناول الاتجاهات العالمية لدى النظم ويرى ان هناك في الواقع هنا اليوم ثلاثة نظم متنافسة هي الإسلام ، الإشتراكية ، الرأسمالية . وهي تمتلك جميعاً توجهات عالمية ، وهنا أؤكد على انه لا فرق من حيث هذا التعريف بين العولمة والعالمية . وقد ذكرنا أن الإسلام باعتباره آخر حلقة من حلقات الدين الإسلامي فقد جاء ليصلح البشرية ، باعتباره طريق خلاصها الذي أراده خالق البشرية ، وهو بذلك يركز على الفطرة الإنسانية المشتركة بين أبناء البشر ، ويعتمد منطق الحوار والاقناع ، ويعرض نفسه باعتباره السبيل الوحيد لخلاص البشرية ، هذا الإسلام استخدم لتحقيق أهدافه ، عملية التغيير الفردي والتغيير الاجتماعي ، وسعى لحذف الحدود الجغرافية والحدود اللونية واللغوية ، وإقامة مجتمع عالمي يطبق قانوناً واحداً ، ويتبع قائداً واحداً ، ويمتلك أحاسيس مشتركة ، وأهداف إنسانية واحدة.
وفند الاتجاهات الاشتراكية والرأسمالية وبعدها يقدم تعريفا للعولمة.
تعريف العولمة :
لا ريب أن تعريف العولمة غامض والتعاريف متناقضة ومتنوعة ، والحقيقة إن الإنسان يدرك من خلال معرفة نوع التفسيرات والتعاريف ؛ إن العولمة هي محاولة نفي الحضارات غير الغربية ، وتحميل الرأسمالية ، ومحاولة فرض الأمركة والهيمنة على العالم . ونذكر في هذا الصدد ثلاث محاولات :
1 - تعريف اللجنة الدولية عام 1995م وهو يفسرها بالتداخل بين أمور الاقتصاد والاجماع والسياسة والثقافة والسلوك عبر فرض الحدود والانتماء الوطني والإجراءات الحكومية .
2 - بعض التعاريف العربية للعولمة بأنها حقيقة التحول الرأسمالي في ظل هيمنة الدول المركزية وسيادة نظام عالمي غير متكافئ وهناك تعريفات اقتصادية أو أدبية أو تعاريف باعتبار اللوازم (للجابري) و(التيزيني) وغيرهما .
ثم يعرض بعض الاثار السلبية للعولمة منها:
1 - سيطرة القوى الكبرى على حركة الاقتصاد العالمي والمصادر الإنتاجية والتبادل المالي والتجارة.
2 - سيطرة أمريكا على وسائط نقل المعرفة .
3 - كسر هيبة الدول الصغيرة ، وقدرتها على النمو .
4 - التدخل في التقنين الداخلي لباقي الشعوب كما رأينا في مؤتمرات الأسرة وغيرها .
5 - الغزو الثقافي لكل المناطق ، ومحاولة استئصال الثقافات الأخرى .
6 - التقليل من شأن المحافل الدولية ، واستغلالها لصالح هيمنة القوى الكبرى ، وقد رأينا قبل أيام أن رئيس دولة غربية هو رئيس إيطاليا يعلن أن الناتو والقوى الغربية وجهوا أكبر ضربة للنظام العالمي لاستغلالهم المحافل الدولية .
7 - تلويث البيئة نتيجة الجشع الذي ابتليت به القوى الكبرى ، وهناك آثار سلبية كثيرة أخرى للعولمة نعرض عنها فعلاً .
وينهي ورقته بطرح موقف الأمة والخطوات العملية التي يجب أن تتخذها تجاه العولمة منها :
1 - يجب علينا أن نعري الجانب الايديولوجي للهيمنة الأمريكية ومقولات هذا الجانب (القرية الصغيرة ، حرية السوق ، حرية التدخل وفتح الحدود وأمثال ذلك) .
2 - يجب علينا حذف هيمنة السوق على الجانب السياسي .
3 - يجب توسيع لغة الحوار بين الأديان .
4 - يجب الارتقاء بالقدرة العلمية والتنموية للشعوب.
5 - يجب تقوية المؤسسات الدولية وتعميق استقلالها.
6 - يجب تعميق الثروة الثقافية المتنوعة .
وفي الإطار الإسلامي يجب علينا بالإضافة لما سبق :
1 - أن نعمق الحوار بين المذاهب اتجاهاً لتكوين الوحدة في الموقف الإسلامي .
2 - يجب العمل على تقوية المؤسسات الشمولية الإسلامية وتفعيلها في الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي .
3 - يجب أن نطور دراساتنا الإقليمية والعالمية والانفتاح على التاريخ .
4 - علينا أن نقوي كل عوامل الصمود والتعاون والوحدة كمسألة اللغة العربية وتعميق هذه اللغة .
5 - علينا أن نجمع بين الأصالة والمعاصرة في الدراسات الدينية ونروج للاجتهاد الجماعي ، وغير ذلك مما يؤدي للوقوف أمام هذا الهجوم العالمي الكبير .
عالمية الاسلام
في ورقته قسم د. اسحق احمد فرحان ورقته الى ثلاثة اقسام هي:
1 عالمية الاسلام.
2 الاسلام والعلاقات الدولية.
3 الاسلام والعولمة.
مشيرا في المحور الاول الى شمولية الإسلام لجميع شؤون الحياة الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع والأمة، بل والإنسانية جمعاء، ولا غرور في ذلك, فهو الرسالة السماوية الخاتمة لبني البشر, حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
ومن هنا جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد على ذلك، وجاء الواقع التاريخي لمسيرة الأمة الإسلامية والحضارة الإسلامية تطبيقاً واقعياً لعالمية الإسلام. وهذا الأمر لا يحتاج إلى كثير من الاستشهاد بالنصوص والآثار، وأما الواقع التاريخي لمسيرة الأمة الإسلامية، فيشهد بأنه احتوى العربي وغير العربي، وساهم في بناء الحضارة الإسلامية المسلم وغير المسلم من أبناء الشعوب الأخرى، ثم كانت الحضارة الإسلامية من بعد ذلك أساساً هاماً من أسس بناء الحضارة العالمية بعامة, والحضارة الغربية الحديثة بخاصة, لتكون مثالاً واقعياً لعالمية الإسلام والأمة الإسلامية.
ويشير الى تعرض الامة الاسلامية لحملات ظالمة وقد شهدت القرون الثلاثة الأخيرة بزوغ الحضارة الغربية الحديثة, وحملات الاستشراق والتبشير والإستعمار الأوروبي للعالمين العربي والإسلامي, التي ركزت الجهود على إنهاء الخلافة الإسلامية وتجزئة الأمة، ووضع دولها تحت مظلة الإستعمار العسكري، والإقتصادي ونهب ثرواتها الطبيعية، واقامة الكيان الصهيوني ليكون قاعدة للغرب في قلب الامتين العربية والاسلامية تهدد امنها السياسي والثقافي والاجتماعي وبذلك يكون المشروع الاستعماري ا لغربي والمشروع الصهيوني وجهين لعملة واحدة هدفها الحيلولة دون استنزاف الامة لمشروعها النهضوي العربي الاسلامي.
واستعرض احداث العالم وتفكك الاتحاد السوفيتي وبروز الاحادية القطبية بقيادة امريكا وحدها.
ويرى ان نظرة مستقبلية تتجه الى:
1- إبراز عالمية الإسلام :
2- إبراز عالمية المساهمة في التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية لشعوب الأرض، وبلغاتها ما أمكن.
3- تأكيد مبدأ الحوار بين الحضارات والتعايش بين شعوب العالم.
وعدم الوقوع فريسة لمفهوم الصراع بين الحضارات، الذي يؤدي إلى التصادم والعنف وبالتالي الإنعزال.
4- الإسهام مع دول العالم وشعوبه في مسيرة الحضارة الإنسانية:
مادياً ومعنوياً, والتعاون في جميع القضايا التي في صالح البشرية.
5- التأكيد على رسالة الإسلام العالمية:
وعالمية التعاون مع البشرية جمعاء, لتحقيق الخير لبني البشر, يجب أن تسير بشكل مواز وجنباً إلى جنب, مع تصميم سياسات دفاع اجتماعي، للحفاظ على هويتها الحضارية, وإيجاد المناعة لدى شبابنا, وأجيالنا من الذوبان في تيار العولمة الجارف في هذا العصر.
وفي المحور الثاني بعنوان (الاسلام والعلاقات الدولية) يرى د.اسحق ان البشرية تعيش في هذه الأيام قلقاً متزايداً وخوفاً مبرراً من الحروب العالمية المدمرة, ومن أسلحة الدمار الشامل, ومن طغيان تيار العولمة الذي -تقوده أمريكا والرأسمالية الغربية, والذي يهدد العلاقات الدولية بالانهيار.
وبأزمة حادة بين الظالم والمظلوم, والقوي والضعيف ومن له حق الفيتو, ومن لا فيتو له, ومن هو حليف صاحب الفيتو, ومن ليس حليفه. كل هذا : مع غياب العدل وغياب الوفاء بالعهد وسيطرة القوة الباغية وقهر المستضعفين في الأرض. فما أحوج البشرية اليوم إلى عدالة الإسلام، والعلاقات الدولية المبنية على مبادئه، والمنسجمة مع رسالته العالمية للبشرية جمعاء.
ويطرح استعراض موجز للمبادئ الإسلامية التي تعتمد عليها العلاقات الدولية:
إن من أهم المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العلاقات الدولية في الإسلام ثلاثة مبادئ وهي :
أولاً : مبدأ التعارف والتعاون والتكامل.
ثانياً : مبدأ العدالة.
ثالثاً: مبدأ رعاية الأخلاق, ويدخل ضمنه الوفاء بالعهد:
وعن الموقف الإسلامي من التعامل مع الغرب في ضوء الخلفية التاريخية والأحداث الجارية يقول:
1- ينبع الموقف الإسلامي للتعامل مع الغرب من المبادىء والثوابت التالية:
أ- الطبيعة العالمية للإسلام: فهو دين عالمي, انساني, يدعو إلى تعارف الشعوب وتفاعل الحضارات وتكامل الثقافات والتعاون على الخير لبني البشر.
ب- التمييز بين الإرهاب المبني على حريات الآخرين واستعمال العنف كوسيلة لذلك: وبين المقاومة المشروعة للمحتلين للأوطان، والمعتدين على حريات وثروات الأوطان.
ج- تأكيد مبدأ الحوار بين الحضارات لا الصراع بينها: وتكامل الثقافات لا هيمنة ثقافة بالقوة على غيرها من ثقافات الشعوب المستضعفة.
د- الجمع بين الأصالة والمعاصرة: أو الموازنة بين المحافظة على هوية الأمتين العربية والإسلامية، والتعامل المرن مع التراث الإنساني، تعامل الأنداد, لا تعامل التابع والمتبوع.
2- وفي ضوء هذه المبادئ يمكن تبني أهم عناصر التعامل التالية بين الإسلام والغرب:
أ. عدم انجرار الدول العربية والإسلامية وراء التحالف مع أمريكا ضد ما تزعم أنه إرهاب.
ب. فضح ازدواجية المعايير عند أمريكا إزاء الإرهاب الصهيوني وما يرتكبه من جرائم في فلسطين, وعدم سير أية دولة عربية في أي مشروع سياسي عالمي, قبل حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً.
ج- عدم تدخل أية دولة غربية: في الشؤون الداخلية الدينية والثقافية لأية دولة عربية.
د- إدانة العدوان الأمريكي العسكري على أي بلد عربي وإسلامي واعتبار ذلك إرهاباً دولياً مستنكراً, يولد العنف المضاد.
* وفي المحور الثالث يقدم مفهوما للعولمة مشيرا الى تعدد تعريفات العولمة, ولايوجد اتفاق عام على مفهومها, لأنها عملية لم تكتمل بعد, فهي في دور التشكيل والتكوين, وربما بقيت كذلك, تتطور حسب العوامل المتغيرة التي تسهم في تشكيلها, والقدر المتفق عليه, على أي حال هو أنها آخر نتاج للحضارة الغربية ورأسماليتها المتوحشة, وليبراليتها المتطرفة والعنصر الفاعل فيها هو الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات, والعابرة للقارات التي تتعدى مصالحها وأرباحها القطر والوطن والبلد والجنسية، وهي من خلال أنشطتها تهدف إلى العدوان على الآخر, وتتجاوز حقوقه وتعتدي على خصوصياته وممتلكاته وثرواته قهراً وظلماً وهيمنة بلا وازع ديني أو أخلاقي.
فالعولمة في الأساس مفهوم اقتصادي, بالإضافة إلى كونها أحدث آليات التطور الرأسمالي.
وللعولمة ثلاثة جوانب رئيسية هي:
1- الجانب الاقتصادي: وتمثله الشركات العملاقة عابرة القارات، التي ساهمت في إيجاد عالم فيه 20% أغنياء و 80% فقراء.
2- الجانب السياسي : الذي يتمثل في فرض إرادة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم كله، باستخدام القوة العسكرية، والعقوبات الاقتصادية، واستخدام مجلس الأمن كغطاء للشرعية الدولية.
3- الجانب الثقافي الاجتماعي: الذي يفرض النموذج الثقافي الغربي والنمط السلوكي الاجتماعي الغربي على العالم أجمع.
ويرى ان العولمة تختلف عن العالمية اذ ان الاخيرة صفة انسانية مرغوبة. ويقارن بين العولمة والعالمية موضحا مظاهر العولمة وتحدياتها وكيفية مواجهتها.
وبعد الانتهاء من ورقته كانت هناك بعض المداخلات من الحضور اثرت الندوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.