نجح اليورو، الذي بدا متعثرا لدى دخوله فعليا الى التداول مطلع العام 2002، في تعزيز قوته في اسواق الصرف مع تحقيق العملة الاوروبية تكافؤا مع الدولار. ومنذ اصداره في الاول من كانون الثاني/يناير 1999، حيث تم تحديد سعره على اساس التكافؤ مع الدولار، خسرت العملة الاوروبية حتى 30.75 % من قيمتها، اذا ما تمت المقارنة ما بين اعلى مستوى وصلته، اي 1.18 دولار بعيد ايام من اصدارها، وادنى مستوى سجلته في 26 تشرين الاول/اكتوبر من العام الفين، عندما بلغ اليور 0.82 دولار. ولكن، وفي عام 2002، فاجأ اليورو الاسواق، عندما سخر من توقعات المحللين المتشائمة، فنجح في تحسين قيمته بمعدل 15% على مدى السنة، في مقابل الدولار. ويؤكد كمال شارما، الاقتصادي في كومرسبنك، ان العملة الاوروبية استفادت في مطلع العام من الارتياح الذي عم السوق بعد ادخال العملة فعليا الى التداول بدون اي عوائق. وفي مطلع كانون الثاني/يناير، ارتفع سعر صرف اليورو الى 0.90 دولار، في اعقاب انزال العملة للتداول الى السوق. وبعد تراجع طفيف خلال كانون الثاني/يناير، اتجهت العملة الموحدة نحو التقدم المستمر. ويضيف شارما ان المضاربين كانوا يعولون على كارثة وعلى تزايد ضغوط التضخم في منطقة اليورو، ولكن شيئا من هذا لم يحدث. ويقول شارما، ان اليورو استفاد من تضافر ثلاثة عوامل عملت لصالحه في 2002 وساهمت في دفعه في 19 تموز/يوليو الى اعلى مستوى منذ 1999 حين بلغ 1.02 دولار، في حين انخفض المؤشر الرئيسي لبورصة نيويورك، ما دون عتبة 8 آلاف نقطة. وهذه العوامل الثلاثة من وجهة نظر هذا الخبير الاقتصادي هي انهيار اسعار الاوراق المالية في البورصات المالية، خاصة بورصة نيويورك، والتي ساهمت بصورة كبيرة في تقوية العملة الاوروبية لانها بسقوطها جرت الدولار معها نحو الهاوية. ويلاحظ شارما من جهة ثانية ان هذا الوضع دفع الاستثمارات الى الاتجاه نحو منطقة اليورو، في حين كانت صناديق الاستثمار الاوروبية تتجه خلال السنوات الماضية نحو الاستثمار في الولاياتالمتحدة. ومن العوامل التي ساهمت في تقوية اليورو كذلك، تزايد الفارق في العائدات على الودائع لصالح اليورو بعد خفض الاحتياطي الفدرالي الاميركي نسبة الفائدة على الدولار بنصف نقطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2002. ويقول هذا الخبير الاقتصادي ان زيادة الفارق بين نسب الفائدة على العملتين الاوروبية والاميركية تسبب في اضعاف الدولار وتقوية اليورو، فبات الاستثمار افضل مردودا في منطقة اليورو. وعادت العملة الاوروبية الى الارتفاع مجددا فوق عتبة التكافوء ليصبح يعر اليورو اكثر من دولار واحد. ولكن ستيفن بترسون، الاقتصادي لدى البنك البريطاني اتش بي او اس، يعتبر ان سنة 2002 ليست سنة اليورو القوي بقدر ما هي سنة الدولار الضعيف. ويوضح ان اليورو استفاد هذه السنة من ضعف الدولار، في ظل شكوك ازاء قوة الاقتصاد الامريكي وانعكاسات الوضع الدولي ولا سيما مخاطر نشوب حرب في العراق. وجاءت ارقام التوظيف في الولاياتالمتحدة لشهر تشرين الثاني/نوفمبر محبطة وساهمت في هبوط الدولار مما اتاح للعملة الاوروبية الارتفاع منتصف كانون الاول/ديسمبر الى ما فوق عتبة 1.02 دولار، اعلى مستوى لها خلال ثلاث سنوات. ويتوقع عزيز ماكماهون، الاقتصادي لدى مصرف ا بي ان امرو ان يواصل اليورو تقدمه خلال الاشهر الستة الاولى من 2003، وقد يرتفع الى 1.05 دولار. ويظل هذا المستوى دون 1.65 دولار، وهو سعر صرف العملة الاوروبية لدى اطلاقها، والذي يعتبره الاقتصاديون طموحا. ويبقى السؤال الهام هو: الى أي مدى يمكن ان يتقدم اليورو على حساب الدولار؟ وهو سؤال يختلف الاقتصاديون في الاجابة عليه، لكنهم يرون انه بشكل عام اذا لم يتقدم اليورو كثيرا في عام 2003 فانه لن يتراجع.