القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الاثنين 7 من محرم الحالي برئاسة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، والذي يقضي بإنشاء الهيئة العامة للرقابة الغذائية والدوائية، بعد حلقة مهمة في سلسلة الإجراءات التنظيمية والإدارية التي اتخذت حكومتنا الرشيدة العديد منها في جميع مجالات الحياة ويمثل هذا القرار الأخير خطوة كبيرة في طريق التحديث الحضاري الذي حققت فيه بلادنا الكثير من النجاحات والإنجازات في سعيها للحاق بركب التقدم الحضاري . فقد أصدرت القيادة الحكيمة ووافقت على عدد من الأنظمة والقوانين المهمة في الأعوام الأخيرة، استكملت من خلالها إعادة بناء وهيكلة الكثير من الأطر الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وتطوير أغلب القطاعات والاقتصادية والاجتماعية. وشهدنا في هذا المجال إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى، والمجلس الأعلى للبترول والثروة المعدنية، الهيئة العامة للاستثمار، والهيئة العليا للسياحة، ونظام الاستثمار الأجنبي، وصندوق تنمية الموارد البشرية، وغيرها من المجالس والهيئات والأنظمة والقوانين التي لا تعني استكمال البنى الإدارية والتنظيمية لأجهزة الدولة فحسب، بل تهدف إلى تطويرها وتحديثها ومواجهة التحديات التي تفرضها هذه المتغيرات على كافة الأصعدة من هنا يجب أن ننظر إلى القرار بإنشاء الهيئة العامة للرقابة الغذائية والدوائية التي جاءت لتخدم هذه التوجهات الاستراتيجية، وتساعد على تفعيل الكثير من الإجراءات السابقة التي تم اتخاذها، والتي ترتبط بهذه الخطوة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر . ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى قرار إنشاء هذه الهيئة بمعزل عن هذه التوجهات والقرارات السابقة اذ انها كلها حلقات في سلسلة واحدة متشابكة ومترابطة ومتكاملة، بحيث تحقق كلها كحزمة واحدة الأهداف والتوجهات الاستراتيجة، وهي كلها تسعى إلى تقوية الاقتصاد الوطني وتفعيل أدائة كما تسعى إلى تأهيله لمواكبة التطورات في الاقتصاد العالمي، ومن أبرز هذه التطورات المنافسة الشديدة على الأسواق ومن اهم أدوات وأساليب خوض هذه المنافسة زيادة الصادرات وجودتها . ولا شك أن القرار الأخير كما يؤدي إلى تفعيل الرقابة على السلع الغذائية والدوائية المطروحة للاستهلاك المحلي، فانه يؤدي أيضا إلى تفعيل الرقابة على السلع التي تتجة إلى التصدير وخاصة أن الكثير من المنتجات السعودية خاصة في مجال الأغذية تتجه إلى الأسواق الخارجية، الأمر الذي يحتاج إلى زيادة قدراتها التنافسية، من خلال الكثير من الإجراءات التي يعد إنشاء الهيئة واحداً منها . ولا شك أن تشكيل مجلس إدارة الهيئة يعكس هذ الجانب كما يعكس الكثير من الأهداف التي أنشئت لتقوم على تنفيذها وتحقيقها، كذلك فإن نقل جميع المهمات الإجرائية والتفتيشية الخاصة بالغذاء والدواء من الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس وكذلك المهمات المنوطة باللجنة الدائمة لسلامة الأغذية إلى الهيئة العامة للغذاء والدواء، وتكوين جهاز تنفيذي ملائم للقيام بالمهمات الموكلة إليها، وتزويدة بأجهزة ومختبرات مركزية في مقر الهيئة مدعمة بقوى عاملة متخصصة وتستعين فنياً بإمكانات الجهات الحكومية الأخرى ومختبراتها . أما الأهداف الرئيسية للهيئة فإنها كما جاءت في القرار هي: سلامة الغذاء والدواء للإنسان والحيوان ومأمونيته وفاعليته، مأمونية المستحضرات الحيوية والكيميائية التكميلية ومستحضرات التجميل والمبيدات، سلامة المنتجات الإلكترونية من التأثير على الصحة العامة، دقة معايير الأجهزة الطبية والتشخيصية وسلامتها، وضع سياسة واضحة للغذاء والدواء والتخطيط لتحقيق أهداف هذه السياسة، إجراء البحوث والدراسات التطبيقية للتعرف على المشكلات الصحية وأسبابها وتحديد آثارها بما في ذلك طرق تقويم البحوث والدراسات وبناء قاعدة علمية يستفاد منها للاغراض التثقيفية والخدمات الاستشارية والبرامج التنفيذية في مجالي الغذاء والدواء، وذلك عن طريق متخصصين تضمهم الهيئة بالإضافة إلى التعاون مع الجهات البحثية كمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومراكز البحث العلمي في الجامعات، مراقبة التنظيمات والإجراءات الخاصة بالتراخيص للمصانع الغذائية والدوائية والأجهزة الطبية، وتبادل المعلومات ونشرها مع الجهات العلمية والقانونية المحلية والعالمية وإيجاد قاعدة معلومات عن الغذاء والدواء . ومما سبق يتبين أهمية توحيد الاختصاصات والمهمات الخاصة بالغذاء والدواء في جهاز واحد يتولى كافة المسؤوليات عن هذين القطاعين، كما أن البند الذي يتضمنه القرار والخاص بالأهداف الرئيسية للهيئة العامة الجديدة ينص على مسئوليات مهمة منها سلامة المستحضرات الكيميائية التكميلية ومستحضرات التجميل والمستحضرات الحيوية والمبيدات، والمنتجات الإلكترونية، والأجهزة الطبية، الأمر الذي يتجاوز الغذاء والدواء ويمتد إلى كل ما يرتبط بصحة الإنسان والحيوان، ويعمل على تأمين الحياة، ويؤدي في الوقت نفيه إلى تحفيز كافة قطاعات الاقتصاد الوطني المرتبطة بهذه المجالات وتطويرها بما يحقق في المحصلة النهائية التوجهات الاستراتيجة والرئيسية وتحسين الأداء الوطني في كافة مجالات الحياة . رشيد بن راشد الرشيد الظهران