لليوم الثاني على التوالي من بدء العدوان الامريكي البريطاني على العراق واصل المتظاهرون عبر عواصم ومدن العالم احتجاجاتهم ومعارضتهم الحرب وكانت اكثر هذه المظاهرات لفتا للانتباه تلك التي تنظم في البلدين اللذين يقودان الحرب امريكا وبريطانيا. فقد خرج آلاف الامريكيين والبريطانيين في تظاهرات عمت مختلف المدن تأكيدا لمعارضتهم ما تقوم به حكومتا بلديهما من غزو للعراق مخالف للشرعية الدولية ودون مبرر قانوني او اخلاقي. ودعت الجمعيات والمنظمات المناهضة للحرب الى تظاهرات في غالبية المدن الامريكية الرئيسية وبعض المدن المتوسطة. واوقفت الشرطة في سان فرانسيكسو مئات الاشخاص بعدما تجمع نحو الف متظاهر في وسط المدينة. وقد تمدد المتظاهرون على الارض وربطوا بعضهم ببعض في شوارع رئيسية لعرقلة حركة السير. ووجهت الشرطة انذارا اليهم ومن بعدها قامت بتوقيفهم. وكان المتظاهرون يرددون هتافات منها "اوقفوا القصف" و"لا حرب من اجل النفط" و"سياسة بوش تعرض امريكا للخطر وتثير غضب العالم". وفي الكثير من المدن الامريكية اعتمد المتظاهرون تكتيك تعطيل حركة السير او عرقلتها. ففي ارلينغتون احدى ضواحي واشنطن استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقة عشرات الاشخاص الذين حاولوا وقف حركة السير عند احد الجسور. وفي نيويورك نظم نحو 400 شخص اعتصاما في يونيون سكوير وهو نقطة التجمع التقليدية في وسط منهاتن عند الظهر. ولف بعض المتظاهرين اجسامهم بأكياس قمامة وانبطحوا ارضا ممثلين دور ضحايا مدنيين. وبعد الظهر وتحت المطر الشديد، تجمع آلاف الاشخاص في تايمز سكوير للتعبير عن معارضتهم العمليات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد بغداد. ووضعت الشرطة التي انتشرت بأعداد كبيرة حواجز لاحتواء المتظاهرين على الرصيف وعدم عرقلة حركة السير. وحمل المتظاهرون لافتات ورددوا هتافات مناهضة لهجوم بلادهم على العراق وقد عمدت الشرطة الى عمليات توقيف في صفوفهم مع ان التظاهرة كانت هادئة. وفي كامبريدج احدى ضواحي بوسطن انطلق عدة الاف من الاشخاص غالبيتهم من الطلاب من ماساتشوسيتس اينستيتوت اوف تكنولوجي (ام اي تي) او من هارفرد في مواكب باتجاه وسط بوسطن. وفي فيلادلفيا اوقف نحو مائة متظاهر كانوا يحاولون عرقلة الدخول الى مبنى فيدرالي يضم خصوصا احدى محاكم المدينة. وخلال عمليات التوقيف هذه يتم اقتياد المتظاهرين للتحقق من هوياتهم ومن ثم يفرج عنهم بسرعة. وتنظم جمعيات مناهضة للحرب بينها متحدون من اجل السلام والعدل وهو ائتلاف يضم عشرات المنظمات، تجمعا كبيرا في نيويورك السبت. وقد سمحت لهم البلدية بالتظاهر في وسط منهاتن الامر الذي لم يكن مسموحا الشهر الماضي. 44% من البريطانيين يعارضون الحرب وفي بريطانيا رغم تصاعد موجة المعارضة للحرب الا انها لم تصل الى تهديد موقع رئيس الوزراء توني بلير كما كان متوقعا حسب تقديرات المحللين. فقد اظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية الشعب البريطانى مازالت تعارض الحرب حيث اشارت آخر الاستطلاعات الى ان 44 بالمائة من الرأى العام يعارض الحرب واسقاط صدام واكد 81 بالمائة ضرورة الحصول على قرار ثان من مجلس الامن. وعلى صعيد التحركات الشعبية تشهدت لندن مظاهرة ضخمة قدر عدد المشاركين فيها خلال الايام الثلاثة الماضية بمليون وتجمهور عشرات الالوف امام مقر رئيس الوزراء.. واكد قادة التحالف المناهض للحرب وهو يتكون من منظمات اهلية ومدنية وسياسية ان المظاهرات ستستمر حتى وقف الحرب التى وصفوها بأنها جريمة بحق الانسانية والقانون الدولى. وقد انضم شاعر البلاط أندرو موشن الى المعسكر المعارض بشدة للحرب. وكتب موشن الذى عينته الملكة شاعرا للبلاط عام 99 قصيدة يتحدث فيها عن الزعامتين السياسيتين فى امريكا وبريطانيا ويقول: انهم يقرأون كتبا جيدة ويلجأون الى الاقتباسات لكنهم لم يتعلموا أبدا غير لغة حريق الصواريخ. ويشير المحللون السياسيون الى ان مستقبل رئيس الوزراء اصبح مرهونا بسير العمليات العسكرية فى العراق فان تم تحقيق نصر سريع فقد يخف حجم المعارضة للحكومة ولكن اذا طال زمن الحرب وتعرضت القوات البريطانية لعدد من الاصابات فان وتيرة المعارضة ستقوى وقد تؤدي الى الاطاحة ببلير. الكنديون طالبوا حكومتهم بعدم المشاركة وفي كندا نزل الاف الاشخاص الى الشوارع في المدن الكندية الكبرى للاحتجاج على اندلاع الحرب . ففي اوتاوا، تظاهر حوالى 400 شخص امام القنصلية الامريكية ثم توجهوا الى مقر البرلمان في وقت تبنى اعضاء مجلس العموم مذكرة تطالب الحكومة الكندية بعدم المشاركة في التدخل العسكري الامريكي في العراق داعمين بذلك الموقف الذي كان قد اتخذه رئيس الوزراء جان كريتيان. وفي تورونتو، احتشد المتظاهرون امام القنصلية الامريكية بدعوة من منظمة غرينبيس كندا، لمطالبة الحكومة الكندية بالتنديد باعلان الولايات المتحدة حربا اعتبروها غير شرعية. وفي فانكوفر، غرب كندا، تظاهر حوالى الف شخص ، فيما نظمت في مونتريال تجمعات عدة بدعوة من تجمع الفشل للحرب الذي كان قد حشد اكثر من 200 الف متظاهر السبت الماضي ضد الحرب ودعا الشعب الى تظاهرة كبرى اخرى السبت المقبل. 40 ألفا يحتجون أمام السفارة الأمريكية في باريس وسار في باريس نحو 40 الف متظاهر الى السفارة الامريكية للاحتجاج على اندلاع الحرب وحذرت فرنسا من نتائج وخيمة للعمليات العسكرية بغض النظر عن مدة هذه العمليات بينما. حطم المتظاهرون واجهة احد محلات ماكدونالد للاطعمة السريعة في جنوبباريس مما اضطر شرطة مكافحة الشغب الى التدخل لحماية الزبائن والعاملين في المطعم. وكتب المهاجمون عبارات بذيئة وكلمة "قاطعوا" على زجاج واجهة المطعم وهو احد سلسلة مطاعم تتعرض لهجمات من جانب المتظاهرين المعارضين لامريكا وللعولمة في كثير من الاحيان. وجاءت المظاهرات بعد ان قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي تصدى لمحاولات الولايات المتحدة وبريطانيا الحصول على تفويض من الامم المتحدة بمهاجمة العراق ان فرنسا لاتزال على اقتناع بان الامم المتحدة هي فقط المخولة باجازة مهاجمة العراق. من جهة اخرى قالت الداخلية الفرنسية انها نشرت قوات اضافية قوامها 500 جندي للانضمام الى قوات الشرطة الحالية البالغ عددها 300 فرد لحراسة محطات السكك الحديدية والاماكن العامة الاخرى. وأحاط رجال الشرطة بالسفارة الامريكية وأغلقوا ساحة الكونكورد المجاورة. واحتشد في الموقع عدد كبير من شرطة مكافحة الشغب ومعهم مدفع مياه. واعرب نواب في الجمعية الوطنية الفرنسية عن استنكارهم الحرب الخطرة وغير المشروعة واوقفوا الجلسة للاعراب عن دعمهم لشيراك. ومنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 التي تعرضت لها الولايات المتحدة تخشى الحكومة الفرنسية ان تصبح اراضيها هدفا لهجمات مماثلة وقامت بحملات استهدفت اصوليين اسلاميين في بعض ضواحي باريس في العام الماضي. وافاد استطلاع للرأي اعدته مؤسسة ايفوب ونشر امس صحيفة لو فيغارو ان 87% من الفرنسيين اعلنوا معارضتهم التدخل العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في العراق في مقابل 12% ايدوه. ووافق 92% من الفرنسيين على رفض جاك شيراك عدم مشاركة فرنسا عسكريا، في مقابل 8% كانوا يفضلون مشاركة بلادهم في التدخل العسكري. الاستراليون يعارضون حكومتهم وواصل الاستراليون تظاهراتهم ضد الحرب والحكومة الاسترالية التي ارسلت جنودا يشاركون في العمليات وسار عمال بناء وتجار ورجال اعمال وطلبة مدارس وعرقلوا المرور في ثاني مدن استراليا. وتوجهوا الى الكاتدرائية بمواكبة قوية من الشرطة. ويوم الخميس شارك 20 الف شخص في تظاهرة احتجاج على اعلان الحرب ومشاركة الفي جندي استرالي فيها. وكان اكثر من 10 آلاف آخرين تظاهروا في سدني فيما سارت تظاهرات اخرى اقل عددا في كانبيرا وفي مدن اخرى. ومن المقرر ان تسير تظاهرات اخرى يوم الاحد.