في الأسبوع الماضي ألقى الدكتور علي المغنم وكيل الوزارة المساعد لشؤون المتاحف محاضرة قيمة في نادي الشرقية الأدبي , بعنوان ( المتحف الوطني ودوره في السياحة الثقافية ) , وقد تفاعل الحضور مع هذه المحاضرة ,وإن كان ضيق الوقت قد حرمنا من الاستماع إلى المحور الثاني للمحاضرة وهو( دور المتحف الوطني في السياحة الثقافية ) . وعلى الرغم من الجهود الفردية التي يبذلها بعض المختصين , إلا أنها - كما يبدو - ليست كافية لتصحيح المفهوم السائد عن المتاحف الذي مازال محصورا - في أذهان كثير من الناس - بكونها مخازن لمواد قديمة, وهذا مفهوم ضيق يتنافى مع التقدم الحضاري وما تلعبه المتاحف من دور فيه . لقد أصبحت المتاحف ذات دور فاعل في مجالات عدة , وهذا ما أدركته معظم دول العالم , فأعطتها ما تستحق من الاهتمام والدعم , ووظفتها بشكل مثمر خصوصا في مجال السياحة . هذا الاهتمام هو الذي جعل باريس وحدها تحوي أكثر من مائة متحف , منها متحف اللوفر الذي يستقبل سنويا خمسة ملايين زائر , وفي لندن وحدها مئات المتاحف , بينما يصل عدد متاحف الصين إلى ألفي متحف , تسعى إلى إيصالها إلى ثلاثة آلاف متحف نهاية عام 2015 م , و يبلغ عدد زوار المتاحف الأربعة التي قامت ألمانيا بترميمها مؤخرا 3 ملايين زائر سنويا . وقد بلغت تكاليف إنشاء المتحف الوطني في الرياض كما ذكر د . المغنم في محاضرته (213 ) مليون ريال . وفي أسبانيا حولت كثير من القلاع والقصور القديمة إلى متاحف ودور ضيافة , وهذا ما قامت به بعض الدول الأوروبية الأخرى . وفي معظم دول العالم نجد المتاحف المتخصصة فهناك متاحف للأسلحة وللطوابع وللطب وللشرطة وللبريد وللعطور وللشاي وللعادات والتقاليد ...الخ والسياح من جميع أنحاء العالم يحرصون على زيارة المتاحف ويجعلونها جزءا رئيسا في برامجهم السياحية . كما أن هناك متاحف خطت خطوات متقدمة فوفرت للزائر إمكانية زيارة المتحف من خلال شبكة المعلومات , بحيث يستطيع أي شخص في العالم أن يجوب المتحف وهو في مكتبه . ولو نظرنا إلى عدد الزوار في المملكة لوجدناه ضئيلا مقارنة بالمتاحف العالمية , على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وكالة الآثار والمتاحف, فما عوامل هذا العزوف ؟ لعل ذلك يرجع , إضافة إلى الرؤية الضيقة في مجتمعنا لدور المتاحف , إلى ضعف التثقيف بدورها , سواء من الجهات الإعلامية أو المؤسسات الثقافية. ولكي تقوم المتاحف بدورها الحضاري والسياحي لابد من حملة توعوية بالدور الكبير الذي تلعبه , وهذا لا يمكن أن تقوم به وكالة الآثار وحدها, بل لابد من تضافر الجهود بين الوكالة والإعلام والمؤسسات الثقافية, إضافة إلى المختصين في هذه العلوم.