متطلبات الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي تتطلب تنمية الموارد البشرية في المملكة في الوقت الراهن عبر تحديد العوامل التي تساعد على تطوير ادائه في المستقبل لتحقيق التنمية في عالم التقنية وعصر المعلومات ويشير الواقع الى وجود نواحي قصور في بعض مدخلات وعمليات ومخرجات التعليم العالي لمعالجتها ومواطن القوة لتشجيعها وتطويرها من خلال تطوير كفاءة النظام التعليمي الداخلية والخارجية للمساهمة بدور اكبر في التنمية المستقبلية للمجتمع. التحديات امام العملية التعليمية عديدة منها ان التعليم العالي للبنين والبنات سوف يواجه ازمة كبيرة بسبب جمود الخطط الاكاديمية لفترة طويلة دون تطوير ولعدم وضوح الرؤى المستقبلية في توفير فرص وظيفية تتلاءم مع طبيعة المرأة ووضعها في المملكة لكي تقوم بدور اكبر في المساهمة في التنمية ضمن اطار العادات والتقاليد الاسلامية التي تكفل المساهمة في تنمية المجتمع بدون الاختلاط اضافة الى قصور الانظمة المالية والادارية في تحقيق التمويل الكافي للتعليم فالانظمة المالية قديمة ولا تتلاءم مع تمويل التعليم في العصر الحديث ويتمثل القصور في طريقة تمويل المشاريع التطويرية والابحاث العلمية والتوسع في الندوات والمؤتمرات العلمية كما ان الادارة العامة لشؤون هيئة التدريس والموظفين في مؤسسات التعليم العالي تفتقر الى مسايرة التطورات الاكاديمية والى استخدام التقنيات الحديثة في الادارة ومعالجة المعاملات الادارية والمالية آليا مع وجود نقص في المهارات الادارية وطرق التعامل مع اعضاء هيئة التدريس مما يجعل الادارة في معزل عن تقديم الخدمات المساندة للمجتمع الاكاديمي. كما ان طرق التدريس تفتقر الى استخدام وسائل التدريس الحديثة لتوضيح الدرس وايجاد الجو المناسب لتحقيق التفاعل بين الطلبة انفسهم والتفاعل مع الحاضر ويتضح ذلك مع خلو معظم القاعات الدراسية من الاجهزة والوسائل التعليمية وان وجدت فان معظمها وسائل قديمة مع افتقار مؤسسات التعليم العالي الى التطبيقات العملية في المواد الدراسية من ناحية اخرى يوجد نقص واضح في التطوير المهني لبعض اعضاء هيئة التدريس وخصوصا اولئك الذين ينتمون الى الكليات غير التربوية حيث تنقصهم طرق تصميم المواد الدراسية وتقويمها وتطويرها وكيفية توصيل المعلومات للطلبة بما يثير الانتباه والتفاعل وتشجيع الابداع والابتكار هذا اضافة الى الخلل في التوازن بين التعليم الاكاديمي والتعليم القتني حيث يوجد فرق شاسع بين عدد خريجي الجامعات وعدد خريجو الكليات الفنية وكذلك خريجي التعليم الفني الثانوي فخريجو التعليم الثانوي الفني لا يمثلون الا 5.24 بالمائة من مجموع خريجي المرحلة الثانوية كما ان خريجي التعليم العالي الفني لا يمثلون الا 7.34 بالمائة من خريجي الجامعات المحلية وهذه النسب قليلة جدا وتضع المخططين للتعليم امام تحد كبير لوضع استراتيجية للتوازن بين التعليم التقني والتعليم الاكاديمي. الرؤية المستقبلية للارتقاء بمؤسسات التعليم العالي يمكن ايجازها في عدد من النقاط لكي تواكب مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية التطورات التقنية وتلبية الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم العالي فعليها استخدام انماط مساندة للتعليم العالي مثل التعليم المفتوح والتعليم عن بعد والذي يعتبر تطورا طبيعيا لنظام الانتساب في مؤسسات التعليم العالي. لقد لجأت كثير من الدول المتقدمة والنامية الى التوسع في التعليم المفتوح والتعليم عن بعد لتخفيف الضغط على التعليم العالي وتقليل تكلفة التعليم والتغلب على نقص الهيئة التدريسية واعادة تأهيل الخريجين لاعداد كبيرة مع اتاحة فرص مواصلة التعليم للجميع. وينبغي وضع معايير تاخذ في الاعتبار وضع الطالب المناسب في التخصص والبرامج التي تتلاءم مع احتياجاته وقدراته ومن احد هذه المعايير ايجاد اختبار قبول على جميع الطلبة المتقدمين لمؤسسات التعليم العالي وتصنيفهم حسب مستويات طبقا لنتائج الاختبار فمنهم من يتم قبوله مباشرة في الكلية التي يرغبها ومنهم من يتم قبوله في برامج كليات متوسطة (او كليات مجتمع) تابعة لمؤسسات التعليم العالي ويواصل التعليم الجامعي طبقا لمستواه الدراسي ومنهم من يتم قبوله في الجامعة ضمن برنامج دبلوم لمدة عام ينتقل بعده الى العمل في القطاع الخاص ومنهم من تكون نتائجهم في اختبار القبول اقل من جيد لا يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي ويتم قبولهم في بعض الدبلومات التابعة للقطاع العام او الخاص. ويجب التوسع في افتتاح الكليات الاهلية وكليات المجتمع وتسهيل الاجراءات ضمن ضوابط علمية مع التأكيد على اهمية مشاركة القطاع الخاص في وضع الخطط الاكاديمية لمؤسسات التعليم العالي بصفته الموظف الرئيسي لمخرجات التعليم العالي في المستقبل. والسعي الى ربط مؤسسات التعليم العالي بالمؤسسات الانتاجية في المجتمع من خلال التوسع في نظام التعليم التعاوني لربط الدراسات النظرية بالتطبيق. مستشار الجامعة العربية المفتوحة