كانت العراق أثناء الخلافة العباسية تمثل قبلة العلماء المسلمين وغيرالمسلمين، وشهدت حركة هائلة في ترجمة شتى العلوم من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية، وكان حنين بن اسحق المشرف على بيت الحكمة في بغداد يحصل مقابل ما يترجم وزنه ذهبا، ذلك أن الخلفاء المسلمين في بغداد كانوا يقدرون قيمة العلم، ويدركون أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها، لذلك شهدت العراق ازدهار في العلم كان له تأثيره على معظم العواصم الإسلامية في ذلك الوقت، وانتج العلماء المسلمون وغير المسلمين في هذا الجو كما هائلا من الكتب صنع الحضارة الإسلامية التي مازالت تترك أثرها على العالم .. ثم جاء المغول بقواتهم ليقضوا على هذه الحضارة وعلى هذا الانتاج العلمي.. واليوم نشهد نوعاً جديداً من المغول يسمون الامريكان يقومون بالقضاء على بقية المعالم الحضارية في بغداد.. وهنا رأى بعض المثقفين حول الوضع الراهن. ضياع ويرى الاديب يوسف القعيد ان اكبر عقاب ان نشاهد كل هذا الهوان، فقد ضاعت الاندلس عام 1492ه، وضاعت فلسطين عام 1948، والعراق تضيع امام اعيننا عام 2003، وقد كان حالنا في 1948 افضل من حالنا اليوم. واشار القعيد إلى ان ما قاله بوش قاله من قبل نابليون وكرومر والصليبيون وهو انهم جاءوا لنشر الحضارة وكل ما يحدث الآن هو لصالح اسرائيل. المخزون الثقافي اظهر الشاعر مريد البرغوثي حزنه لان العراق يمثل ارشيف الوجدان العربي، فالعراق يضم 80% من المخزون الثقافي للامة، وهذا المخزون مهدد ويصير ركاماً امام اعيننا. عاصمة تاريخية ومن جانبه اكد الشاعر الدكتور حسن فتح الباب ان المعركة التي يخوضها العراق الان هي معركة العرب جميعاً، ويجب على المثقفين عامة والمبدعين خاصة ان يناصروا الشعب العربي في بغداد العاصمة التاريخية التي انبتت احدى اعظم حضارات العالم، ونحن الان في معركة تقرير مصير شعب بأكمله، فالدم يسري في عروق العراقي هو نفسه الذي يسري في شرايين ابناء العروبة. وواجب المثقفين الان ان يجمعوا شملهم ويقولوا كلمتهم ويقاوموا بالقلم والريشة واللحن والعدوان الوحشي على العراق، كما فعلنا نحن الشعراء عندما وقع العدوان الثلاثي الغادر على مصر عام 1956 فرددت الجماهير نشيد الله اكبر الذي لحنه الموسيقار محمد الشريف والفه عبد الله شمس الدين وغنته المجموعة، وقصيدة كمال عبد الحليم "دع سمائي" التي غنتها فايدة كامل. ان الموقف يقتضي ان نستنفر نحن الادباء ارادة الشعب العربي مثلما فعل شعراء فرنسا حينما قاوموا النازية، وكذلك شعراء العرب الاقدمون والمحدثون مثل شوقي حينما سقطت قنابل الفرنسيين على دمشق في الثلاثينيات. وينبغي ان تسكت الاصوات التي تنادي بادب الجسد وترتفع اصوات النضال في سبيل تحرير الارض العربية. رؤية الواقع حول ظهور أعمال ابداعية حول ما يحدث قال الناقد فاروق عبد القادر: بعد ان تهدأ ثورة الاحداث التي نعيشها من حرب وصواريخ وقتلى، وربما بعد استيعاب الاحداث ودلالتها، يمكن ان يعيد الادباء النظر في الاحداث، ويقومون بخلق رؤية للواقع الموازي وان يكون هناك عمل ابداعي الان هذا صعب، لانك لا تستطيع ان تقول لي: اطرح عنك هذه الهموم واجلس في صومعة لاخراج عمل ابداعي. يوسف القعيد حسن فتح الباب