ولايزال البحث عن وظيفة هو الأرق الأكبر لأعداد كبيرة من شباب الوطن، كما لاتزال البطالة آفتنا الحاضرة والخطيرة التي تفتك بهؤلاء الشباب المنتظرين في طوابير طويلة بعد ان وزعوا هوياتهم وشهاداتهم وكافة أوراقهم الثبوتية على كل المؤسسات والدوائر والمكاتب على أمل ان يرن الهاتف يوماً معلناً موعد المقابلة أو الموافقة على طلب الوظيفة. ولايزال هؤلاء الشباب في حيرة من أمرهم وأمر مؤسسات المجتمع التي يجد فيها الجميع وظائف مناسبة وبسرعة فائقة، إلا أبناء الوطن، ولذلك فهم يطرحون اسئلتهم الصعبة واحداً تلو الآخر: أين الخلل؟ أين العيب؟ فيهم أم في المؤسسات؟ أم في قوانين الخدمة المدنية؟ أم في مؤسسات التعليم التي تخرجوا منها ظناً منهم ان الوظائف جاهزة بانتظارهم على أحر من الجمر، فإذا هي (الوظائف) محجوزة لآخرين يتم التعاقد معهم خارجياً!! لا أحد يجيب عن اسئلتهم وأسئلتنا حول معدلات البطالة بين شباب الوطن ما يجعلنا نحيي حديث وزير الخارجية الأميركي كولن باول في مبادرة الشراكة التي أطلقها وتحدث فيها عن اعداد العاطلين من شباب الوطن العربي وإن كنا نعلم ان ما جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي ليس سوى كلمة حق يراد بها باطل، لكننا هنا ننقل صوت الكثيرين ممن يتحدثون ويكتبون رسائلهم المليئة بالغضب والشكوى واحياناً السخرية المرة! انهم يتحدثون عن انتظار الوظيفة، ومرور السنوات دون تحقيق الأمل حديثاً يشبه المأساة، خاصة حين يكون هؤلاء الشباب من أوساط اجتماعية واقتصادية متواضعة وفقيرة، بحيث تشكل الوظيفة لهم أملاً للخروج من مأزق اقتصادي طاحن لا يشعر به إلا من عايشه واكتوى بناره! لا يجب أن نسكت ولا يجب ان يغضب المعنيون بالأمر حين يشير الشباب الى المؤسسات التي ينتظرون وظائفها ثم يجدونها تذهب لأناس آخرين بينما هم أحق بها طالما توفرت لديهم شروط واستحقاقات الوظيفة ولذلك فنحن لا نلوم تلك الفتاة التي صرخت في رسالتها التي بعثت بها نيابة عن اخواتها من خريجات جامعة الامارات قائلة: "نحن مجموعة من الخريجات العاطلات عن العمل ومن امارة أبوظبي، ننتظر من وزارة التربية أن توافق على طلباتنا، فقد يئسنا من الانتظار، لقد تمت مقابلة بعضنا قبل سنة تقريباً وبعضنا قبل سنتين أو ثلاث ولكن بلا جدوى...". لماذا ندفعهم لليأس والشعور باللاجدوى وعبثية العلم والاجتهاد والاخلاص؟ نعم انهم يصلون الى الحديث بصوت عال وبشيء من الغضب الواضح على كل هذه السياسات التي تجعل آلافاً من الوافدين يحصلون على وظائف في وزارة التربية، بينما تنتظر بنات الوطن هذه الوظائف سنوات طويلة وهن يتحسرن على أيام العمر التي تذهب سدى، وعلى سنوات الدراسة والاجتهاد والأمل في الوظيفة، فإذا بسنوات الدراسة الجامعية تنتهي في نهاية المطاف الى مجرد شهادة مختومة بختم أعلى المؤسسات العلمية في المجتمع ومعلقة على الجدار ذكرى لأيام الأحلام السالفة. إن خبر اختيار ألف مدرس ومدرسة للمقابلات انتظاراً لتوظيفهم العام المقبل، زرع الحسرة في نفوس هؤلاء الشباب، كما طرح الاسئلة الصعبة مجدداً، لماذا لا يكون هؤلاء الألف من المواطنين والمواطنات؟ هل الدولة عاجزة عن توفير الرواتب للمواطنين، لذلك تلجأ لمعلمين من الخارج؟ أم ان الوزارة لا تثق بقدرات أبناء الوطن واخلاصهم؟ أم تخصصاتهم لا تسد الشواغر المطلوبة؟ إذن لماذا لم يتم التنسيق مع الجامعة من أجل توجيه الطلاب نحو التخصصات التي يحتاجها المجتمع بدل تركهم يهيمون في عوالم تخصصات لن تنفعهم ولن تحتاجها مؤسسات المجتمع؟ المسألة ليست جديدة، والأسئلة كذلك، لكنها تبقى المسألة الأكثر إلحاحاً وافرازاً للكثير من الأزمات التي ابتليت بها أمم ومجتمعات كثيرة في العالم، الفارق بيننا وبينهم اننا شعب قليل العدد، وافر الامكانيات، يتمتع بثروة طبيعية تجعله من أكثر دول العالم غنى وأعلاها من حيث معدل دخل الفرد، ما يعني ان مشكلة كالبطالة بين سكانه القليلين لا يفترض وجودها، فما بالنا بانتشارها وبهذا الشكل الذي تحول الى أزمة اجتماعية تشهد بها صفحات الجرائد، وطلبات التوظيف واحصائيات هيئة الموارد البشرية، ومكاتب هيئة "تنمية"؟ البيان الاماراتيه