غالبا ما تسارع الصحف وبخاصة الايام التي تسبق المناسبات والعطل الرسمية الى اجراء استطلاعات تشير الى تسيب الموظف الكويتي فترة ما قبل الاجازة من باب تسليط الضوء على هذه الظاهرة المنتشرة في الجهات الحكومية كافة ولكن ما لم تسلط عليه الصحف الضوء وما لم تدرسه الجهات المتخصصة في الابحاث هي الاسباب والعوامل التي تحيط بالموضوع وعلى رأسها الكم الهائل من الاحباط والذي يعاني منه هذا الموظف والتي تدفعه في كثير من الاحيان الى اهمال العمل والتهرب منه. اذا القينا نظرة سريعة على نظام الترقيات والمكافآت والتشجيع يغنينا عن الكثير من النقاش، فكيف يكون الحال ان اضفنا الى ذلك العديد من العوامل التي ساهمت في فرض جو من الاحباط لا يمكن إلا ان يعزز الحالة الموجودة وينميها بحيث يجعل من الجهات الحكومية مختبرا لا يفرز إلا المركبات الفاشلة ولا يجنى منه سوى فشل الخطط التنموية المستقبلية. فنظام "الترقية" لا يفرق بين المتسيب والمنضبط ولا بين العضو المتفاعل المنتج والعضو الخامل العقيم لا يمكن أن يكون في اي حال من الاحوال رادعا للاهمال ولا محفزا للابداع والانتاج، والانكى والاسوأ من ذلك ان هذا النظام المعمول به في جميع وزارات الدولة يكافئ المهمل ويعاقب المبدع العامل حين يساويهم في الراتب والدرجة والعلاوة السنوية والتي يتساوى في الحصول عليها الموظفون كافة ونظام التقييم الذي لا يخضع لنظام رقابي يحمي الموظف من اي ظلم قد يوقعه عليه مرؤوسوه تبعا لمزاجية او محاباة لا يمكن ان يكون نظاما مثاليا لضمان سير العمل بالشكل المرجو له . ومن المثير للاستغراب بعد ذلك هدر الوقت والاوراق في التقييم السنوي للموظف والذي لا يعدو كونه اجراء روتينيا لا يؤخر ولا يقدم في ظل نظام الترقيات الحالي اذ إن حصول الموظف على الامتياز او الجيد او حتى المقبول لن يؤثر في تدرجه في السلم الوظيفي المرسوم له، ولا تقدم شيئا سوى اعطاء بعض الاحقية للحاصلين على الامتياز ببعض الامتيازات المحدودة مثل مكافأة الاعمال الممتازة او امكانية الحصول على درجة بالاختيار وكلا الامتيازين غير كافيين لتشجيع الموظف على الابداع والتميز في العمل واذ ان المكافأة لا تأتي إلا مرة واحدة في السنة والدرجة بالاختيار تعتمد الى حد كبير على مزاجية المسؤولين ومقايسهم الشخصية البحتة. واذا كانت هذه هي المظلة العامة او النظام الذي يحكم الموظف فلا تبقى هناك وسيلة تدفع الموظف الى العمل الجاد سوى المفاهيم المجردة التي تعتمد كل الاعتماد على اخلاق الشخص مثل التقوى والضمير وحب الوطن والرغبة في تطوير المهارات من خلال العمل, المشكلة في هذه المفاهيم انها تبقى صالحة للاستدلال فقط في ظل وجود الدوافع والمحفزات التي تثيب صاحب الضمير الحي على اخلاصه وتعطيه حقه من التوجيه والعناية وتخبو سراعا في الجو الدافع الى الاحباط والقائم على المحاباة واعطاء الحق لغير ذي الحق والموجود بكثافة لا مثيل لها في وزارات الدولة حاليا، ففي هذه الحالة تزول الرغبة بالابداع وتبقى الرغبة في اداء العمل بحده الادنى وحسب. انظمة وادوات التقييم والترقيات هي المسبب الرئيسي للمشكلة إلا انها ليست المتسبب الوحيد له فهناك العديد من المشاكل الادارية التي تنخر في جسد الوزارات وتخلق حالة العقم والتخبط التي نعاني منها في كافة الوزارات، الراي العام الكويتية