يستجدينا العيد المبارك على الدوام- كلما جاء في حينه- لاستقباله والاحتفال به وإحياء أيامه السعيدة في شكلها التقليدي في كل زمان ومكان بتبادل التهاني والتبريكات بين المسلمين عامة في أجواء رحبة تكتمل معها الفرحة وتطيب لها الخواطر. واعتاد المسلمون في العالم كله عيش هذه المناسبة المباركة بكل حفاوة وتكريم حيث يبدو الجميع في كل أيامه العطرة بكسوة جديدة تسر بها العين وتطرب لزهوها النفوس. وقبل مجيء هذه المناسبة المباركة بأيام قلائل تدب في الأسواق حركة نشطة يتدفق معها المتسوقين من كل فج وصوب نحو أسواق الملابس الجاهزة ومحلات الخياطة الرجالية (بيت القصيد) حيث تفتح المحال التجارية الأبواب على مصراعيها أمام الجميع معلنة حالة الاستنفار القصوى وشحذ الهمم لمواكبة حركة العرض والطلب. وتظل هذه المشاهدات الرائجة محتدمة وتشتد تباعا مع قرب ليلة العيد حيث تبلغ الأسواق ذروتها محدثة سلسلة من الإفرازات السلبية التي عادة ما تحدث كنتيجة حتمية لغياب الرقيب ولحجم الزحام الذي يشهده السوق كارتفاع الأسعار وغيرها من التعاملات والمتناقضات التي لا تخلو منها أسواقنا المحلية عادة ولاسيما في المواسم والمناسبات. والحديث عن ثوب العيد والتأكيد على ارتدائه في هذه المناسبة دون غيرها من المناسبات العامة لا يقف عند كونه لباسا جديدا يحمل الطابع المحلي المحض لكل موطن يشهد العيد فحسب .. لكنه يعتبر علامة فارقة تؤكد المشاركة الاجتماعية في أحياء هذه الشعيرة التي يفرح بها العالمين العربي والإسلامي على حد سواء. وإذا ما تأملنا الزي السعودي الرسمي في هذه المناسبة أو غيرها من المناسبات الأخرى فلن يتعدى هذا اللباس ( الثوب والعقال والشماغ أو الغترة .. وأحيانا المشلح ) حيث تكون في مجملها خاضعة لشكلها التقليدي المتعارف عليه محليا مع تنوع طفيف في الجودة وبعض الإضافات الشبابية التي غالبا ما تعود إلى طبيعتها مع مرور الوقت. كان ل"اليوم" جولة استطلاعية زرنا من خلالها جانب من المحال المعنية بخياطة الثوب السعودي حيث اطلعنا القائمين عليها وكذلك من اصطدناه من زبائنها على ما يحدث تحت سقفها من تسويق مختلف عن مايتم تسويقه خارج محيطها كأسواق الملبوسات الجاهزة وغيرها. ثوب زمان من جانبه - وهو من كبار السن .. التقيناه في أحد محلات الخياطة بالخبر- قال صالح سعيد المبارك : برغم يقين الغالبية من أبناء الشعب السعودي على وجه التحديد في عدم حاجتهم الملحة لثوب العيد كما هو عليه الحال في السنوات الغابرة وذلك لتوفر المادة ولله الحمد التي تمكننا من التفصيل ولبس الجديد في كل وقت نشاء بمناسبة أو غير مناسبة إلا أن الكل يؤمن بأهمية ثوب العيد على المستوى النفسي ولاسيما لدى الأطفال حيث لا تكتمل الفرحة عندهم أو عند الكبار أيضا بيوم العيد إلا بارتدائه مع مطلع شمس نهاره المبارك. وأضاف: كان ثوب العيد في الماضي يعني الشيء الكثير حيث يتم شرائه أو تفصيله بمبلغ زهيد لا يتعدى القليل من الريالات التي يتم جمعها قبل العيد بأيام أو ربما بأشهر وفق الظروف المادية للأسرة وهو في ذاك الوقت يعني الكثير مشيرا إلى أن ثوب عيد الفطر آنذاك يتم الاحتفاظ به حتى مجيء عيد الأضحى من السنة نفسها لارتدائه في هذا اليوم المبارك أيضا. وقال: لم نعرف في الماضي تلك المسميات التي يطلقها شباب اليوم على ثيابهم - وهي مسميات كثيرة حيث كان الجميع في الماضي عدا الطبقة الأرستقراطية يلبسون الثياب المتواضعة التي تتمشى ووضعهم المادي. زيادة بنسبة 100بالمائة والتقينا أيضا ب عبدالحميد قائد (صاحب محل خياطة رجالية) حيث تحدث لنا عن حركة سوق الخياطة في هذه المناسبة المباركة وقال: لاشك أن الإقبال على محلات الخياطة الرجالية في هذه الأيام تحديدا ازداد معدلها بنسبة كبيرة كما أن مدخولاتها ارتفعت بنسبة (100%) أو ربما يزيد عنها بقليل مدعيا أن الأسعار لم تواكب هذه الزيادة على الإطلاق حيث ظلت كما هي عليه في الأيام العادية. واضاف: أن الغالبية من الزبائن هم من فئة الشباب ولهم في التفصيل مذاهب فالبعض منهم يفضل الثياب الضيقة والبعض الآخر اللامعة وقس عليها ما شئت من المتغيرات التي يحبذها الشباب دون غيرهم مشيرا إلى أنه ليس أمامهم كخياطين إلا النزول عند رغباتهم وإلا سيكون مصير المحل الإفلاس من الزبائن ثم الإغلاق. وقال برغم أننا نحاول في كل الأحوال كسب الزبون وتوفير خدمة متميزة له بتطبيق القاعدتين القائلتين: (الأولى: الزبون دائما على حق .. والثانية: إذا كان الزبون على خطأ اقرأ القاعدة الأولى) إلا أننا نتعرض في هذا الشهر الكريم وفي كل عام إلى مواقف لا نحسد عليها حيث البعض يترك ثيابه لمدة شهرين أو أكثر أو ربما لا يأتي لأخذها مما يضطرنا بيعها بأبخس الأسعار .. كما يحدث أيضا أن يطلب الزبون بعض الإضافات الخاصة أو المتعارف عليها بين الشباب وبفعل الضغط الذي نلاقيه ولساعات العمل المتواصلة يحدث سهوا أن نتجاهل طلبه وفي هذه الحالة نكون في موقف محرج مع الزبون الذي ربما نفقده تماما وكذلك عنصر الوقت حيث يأتي البعض من الزبائن في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الكريم بغرض التفصيل في حين أننا نقفل باب القبول في 15 من الشهر نفسه. تنوع الأقمشة وعن اختلاف الأسعار و نوعية الأقمشة التي يحبذها الشباب قال عبدالله ناصر مظفر(صاحب محل خياطة أيضا): أن الأقمشة تختلف في صناعتها وفي نوعيتها فهناك الشتوي والصيفي والملون والسعودي والياباني وغيرها من الصناعات والمسميات مشيرا أن الأقمشة الحديثة تكون هي الأغلى سعرا في كل الأحوال أما القديمة فتكون رخيصة وتحاول المحال بوجه عام التخلص منها لإحلال الجديد بدلا عنها إما بتقديم العروض الترويجية عليها أو إبرازها أمام الزبون ليتم اختيارها. وأوضح: ان الإقبال على التفصيل لم يعد كما هو عليه في الأعوام السابقة حيث قل العمل بنسبة كبيرة ولاسيما في الأيام العادية ورجح أن يرجع السبب في ذلك إلى ظهور بعض الشركات العملاقة التي تقوم على ترويج الثياب الجاهزة والتي باتت تأخذ طريقها تجاه هدفها. وحيث أن مناخ العيد لم يتضح بعد عما إذا كان سيأتي باردا أم معتدلا وماهي نوعية الثياب التي يقبل عليها الزبائن هل الصيفية أم شقيقتها الشتوية؟ .. قال: أن البعض ممن يفصلون أكثر من ثوب فهم يفصلون نصفا منها صيفية والأخرى شتوية .. لكن النسبة الغالبة للثياب الصيفية. رفع الأسعار و قال محمد حسين برمان : لازلنا نعاني من عادات لم نستطع التخلص منها على الإطلاق وهي تأخرنا في التسوق حتى الأيام الأخيرة من الشهر حيث كان الأولى بنا أن نتسوق أو نخيط ثياب العيد قبل شهر أو ما يزيد عنه بقليل لضمان عدم التعرض للاستغلال أو الاستعجال في عملية التسوق مؤكدا: أن السوق لا يخلو في هذه المناسبة من الاستغلال من قبل أصحاب المحلات وكذلك التجار وذلك بفرض زيادة في نسبة الأسعار عما كانت عليه في الأيام العادية سواء فيما يتعلق بالملبوسات الجاهزة أو الثياب مشيرا إلى أن تفصيل الثوب العادي في الأيام العادية يتراوح سعره بين ( 120 - 150) ريال أما في هذا الأيام فالثوب يصل سعره حتى (230 ) ريال حيث تشهد الأقمشة ارتفاعا حادا في العشرة الأواخر من الشهر الكريم والتي ربما تبدأ من الشركة أو المؤسسة الموزعة فضلا عن المحل. واضاف: أننا نطالب الجهات المعنية بإيجاد سوق جادة تحترم المستهلك وتقدم له في كل الأحوال البضاعة الجيدة التي ترقى إلى الذوق العام مشيرا إلى أن أسواق الملابس بصفة خاصة تستغل المستهلك لاسيما في المناسبات العامة والمواسم وليس هناك من تحرك من قبل الجهات المعنية يحد من حجم التلاعب الذي تشهده أسواقنا بصفة عامه. ثوب العيد عند الأطفال والتقينا أيضا ب حمد سعيد الحمد ومعه أطفاله محمد وسعيد وعبدالرحمن حيث قال: أن ثوب العيد بالنسبة لهم حاجة ملحة لايمكن التنازل عنه أو تعويضه بأي لباس آخر مع وجود بعض الشروط والمطالب التي تواكب سنهم عند خياطة الثوب مشيرا إلى أن البعض منهم يفضل أن يكون ثوبه شبيها بثياب الكبار ليشعر معه أنه اصبح رجلا والبعض الآخر يهرول خلف الموضة. فيما قال الطفل سعيد (16 سنة) : أننا كجيل نختلف تماما عما كان عليه آباؤنا وهذا لايعني أننا لا نحترم أذواقهم أو عاداتهم .. لكن لكل جيل ظروفه وذوقه الذي يتمشى مع متطلبات عصره منوها أن الآباء أيضا لم يتقيدوا بالثياب التي كان آباؤهم يخيطونها أو يلبسونها .. وهكذا دواليك. كما قال عبدالرحمن( 12 سنة): في كل الأحوال أسعى دائما أن يكون الثوب الذي افصله يجعلني واثقا من نفسي غير معرض لسخرية من قبل الغير.. كأن اعمله ضيقا أو غيرها من الموضات مشيرا إلى أنه في كل مناسبة يحتفظ بصورة له ويخشى أن يلبس الثياب التي تفرضها الموضة فيسخر من نفسه في السنوات المقبلة عندما يجد نفسه وقد التقطت له صورة لبس فيها مثل هذه الثياب. أما محمد (7 سنوات): فيقول: لم أعتد على لبس الثوب حيث كان والدي يحرص دائما أن يراني في بدله حتى عند ذهابي إلى المدرسة ولكني حاولت إقناعه أن يفصل لي ثوبا هذا العيد أسوة بأخواني. يرتفع الطلب على الخياطة الرجالية من قبل المستهلكين استعدادا للعيد