ربما تبادر الى ذهن القارئ سؤال عن الصلة بين الشاعرين علي بن المقرب العيوني وابراهيم طوقان, فلم يجمعهما عصر, ولم يوحد بينهما درب لغاية واحدة ومع ذلك كله فقد استظلا بمظلة الشعر لاتقاء صهر المعاناة من قسوة الظروف وتقلب وجه او وجوه الحياة وقدر لهما ان يكونا اكثر قربا من بعضهما بعد ان وفرت لهما (مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري) اسباب اللقاء باصدار كتاب (ابراهيم طوقان.. حياته ودراسة فنية في شعره) ووزع هذا الكتاب على ضيوف مهرجان المؤسسة في دورتها الثامنة عن ابن المقرب فالشاعران الكبيران ان تباعدا زمنا فقد التقيا على اكثر من صعيد وكل منهما عاش (وقائع حياة لم تعرف الراحة). هذا الكتاب عن حياة ابراهيم طوقان وشعره من تأليف الدكتور محمد حسن عبدالله ونحمد لهذه المؤسسة اصدار هذا الكتاب عن شاعر ناضل بالكلمة وكان ابن بيئته فسجل في شعره فصول حياته منذ وصوله الى القدس طلبا للعلم يوم كانت بلدته نابلس لا توفر مبتغاه من التعليم الثانوي ثم رحيله الى بيروت طلبا للتعليم الجامعي حيث امضى ست سنوات عاد بعدها الى نابلس فعمل مدرسا بمدرسة النجاح الوطنية ليشهد حينها بداية الصراع بين العرب واليهود فكانت قصيدته (الثلاثاء الحمراء) في مدرسة النجاح الوطنية اعلانا لمولد شاعر كبيراعلن ثورة التحرير الوطني بقوة واقتدار ثم عاد ليدرس في الجامعة الامريكية في بيروت لكن المرض دفعه الى ترك التعليم في الجامعة ليعود مدرسا بالمدرسة الرشيدية بالقدس لكن المرض منعه من الاستمرار في مهنة التدريس ليعمل في دائرة البلدية في نابلس ثم مديرا للبرنامج العربي في اذاعة القدس التي كانت تبث برامجها بالعربية والانجليزية والعبرية لكنه لم يلبث ان سافر الى العراق ليعمل مدرسا بدار المعلمين في بغداد لكنه وجد نفسه مدرسا بدار المعلمين الريفية في منطقة لا تتناسب اجواؤها مع ظروفه الصحية فلم يلبث ان عاد الى وطنه ليستقر في المستشفى الفرنسي بالقدس الى ان وافاه الاجل المحتوم ولم يجرب من الحياة الا مرارتها في عمر لم يمتد طويلا (من 1905 الى 1941) وفي قصيدته (الفدائي) تبرز روحه النضالية وتوجهه الوطني وهو يقول فيها:==1== لا تسل عن سلامته==0== ==0==روحه فوق راحته بدلته همومه==0== ==0==كفنا من وسادته يرقب الساعة التي==0== ==0==بعدها هول ساعته==2== شاغل فكر مايراه باطراف هامته==1== بين جبينه خافق ==0== ==0==يتلظى بغايته من رأى فحمة الدجى==0== ==0==اضرمت من شرارته==2== ذاك شاعر صنعته الموهبة وشحذت موهبته التجربة فجاء شعره بعمق المأساة التي عاشها كما جاء شعر علي بن المقرب العيوني بعمق المأساة التي عاشها.