يأمل لبنان في ان يتيح اجتماع الدول المانحة المرتقب عقده اليوم السبت في باريس انقاذه من الازمة المالية التي تهدده وان يساعده على حل مشكلة ديونه وتحسين اقتصاده دون اعتماد خطة صارمة يقترحها صندوق النقد الدولي. وهدف لبنان الذي يرزح تحت عبء ديون عامة تفوق قيمتها 30 مليار دولار اي حوالى 180% من اجمالي الناتج الداخلي، في الحصول من هذا المؤتمر على ثلاثة الى خمسة مليارات دولار من القروض الميسرة لتخفيض كلفة خدمة الدين. وتتجاوز خدمة الدين ثلاثة مليارات دولار سنويا اي نصف قيمة الموازنة او حوالى 18% من اجمالي الناتج الداخلي. والعجز في الموازنة المتوقع للعام 2003 يشمل حوالى 15% من اجمالي الناتج الداخلي ايضا في حين ان نسبة النمو منعدمة او ضعيفة في البلاد منذ 1998. وهذه القروض الجديدة التي تضمنها بطرق مختلفة 17 دولة من اوروبا وأمريكا الشمالية والخليج المشاركة في هذا الاجتماع ل (اصدقاء لبنان) يمكن ان يتفق على ان تكون فوائدها اقل الى النصف من نسبة 12% التي يقترض بها لبنان حاليا حسب وثيقة العمل التي اعدتها الحكومة اللبنانية. وهذه القروض الجديدة ستمتد على فترات اطول مع استحقاقات بين 10 و15 سنة لتحل محل القروض المحدد تسديدها قبل مهلة ثلاثة اعوام حسب مشروع رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. والخفض العام للفوائد الذي يلي ذلك ويستفيد منه ايضا الافراد سيبعث الامال باعادة اطلاق وانتعاش الاستثمارات والاستهلاك وسوق الوظائف. وفي المقابل فان الحكومة اللبنانية تتعهد بمواصلة سياسة الاصلاح الاقتصادي والمالي. وكان اجتماع (باريس 1) عقد في 28 فبراير 2001 في قصر الاليزيه برعاية الرئيس الفرنسي جاك شيراك وضم ممثلين عن الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي في محاولة لتجنيب لبنان ازمة مالية. ومنذ ذلك الحين، وقعت حكومة بيروت في يناير 2002 اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي يشجع وصول المنتجات اللبنانية الى الاسواق الاوروبية كما اعتمدت نظام ضريبة القيمة المضافة واعدت مشروع موازنة للعام 2003 يتضمن خفض العجز بنسبة 10%. لكن بعض الخبراء وبينهم خبراء صندوق النقد الدولي يشككون في قدرة لبنان على الخروج من الازمة بدون تخفيض قيمة العملة اللبنانية او تقليص حجم العاملين في القطاع العام الذي تسوده المحسوبيات. وفي تقريره الاخير الذي نشر حول لبنان في اكتوبر 2001 اعتبر صندوق النقد الدولي ان اقتصاده لا يزال هشا بسبب العجز الكبير في الموازنة في اطار تباطؤ النشاط الداخلي والاوضاع العالمية غير المواتية. ولن يكون تقرير صندوق النقد الدولي للعام 2002 جاهزا قبل ديسمبر اي بعد مؤتمر (باريس-2) كما قالت مصادر دبلوماسية. ويقول الحريري حول ذلك ان الاقتصاد اللبناني يتمتع بديناميكية خاصة وان الودائع المصرفية اعلى بمعدل الضعفين من اجمالي الناتج الداخلي. واوضح ان تخفيض قيمة العملة اللبنانية، التي ثبتت قيمتها ازاء الدولار على نفس المستوى منذ 1994، سيؤدي الى ارتفاع كبير في معدلات الفوائد ونسبة التضخم. وتؤكد الحكومة اللبنانية ان الدين العام هو اولا دين داخلي (18 مليار دولار) فيما يصل الدين الخارجي الى 12 مليار دولار. وتراهن الحكومة، على حد قول خبير اوروبي، على بادرة من المصارف اللبنانية لتسهيل خفض معدلات الفوائد. ويامل لبنان ايضا في الحصول على خمسة مليارات دولار من جراء خصخصة قطاعاته العامة (الهاتف والمياه والكهرباء) ومخصصات من عائدات مؤسسات اخرى تابعة للدولة (التبغ، الكازينو). وتؤكد بيروت ان هذه المبالغ ستخصص بالكامل لتسديد القسم الاساسي من الدين.