مشروع سعودة وظيفة (قيادة سيارة الأجرة) والذي يتضح هلال نتيجته بانقضاء المهلة المحددة في قرار مجلس الوزراء التي تنتهي في أواخر شهر صفر من العام المقبل ليس الوحيد الذي يستحق السعودة فحسب! .. فثمة وظيفة أخرى لم تكن بمنأى من هذا الاستحقاق .. وهي وظيفة قيادة الشاحنات والحافلات الكبيرة والصغيرة التي تقدر بنحو (100000) شاحنة والتي تجوب شوارعنا ذهابا وإيابا بقيادة أجنبية تصل نسبتها وفق الإحصاءات الرسمية إلى (90%). وإذا ما تجاهلنا عن طيب خاطر ما تسببه هذه الشاحنات والحافلات من خسائر مادية ومعنوية وتلوث بيئي ناجم عن احتراق آلاف الأطنان من وقود الديزل يوميا إلى جانب ما تسببه من اختناقات مرورية وحوادث مميتة وتشوهات والتواءات قاسية في بعض الطرق ولاسيما السريعة منها نتيجة الحمولات الزائدة المخالفة والتي تكلف الميزانية أموالا طائلة عند صيانتها وتجديدها إذا ما تجاهلنا كل ذلك فلا يجب أن نغفل ما يمكن أن توفره تلك الشاحنات والحافلات بمختلف أحجامها وأنواعها من فرص وظيفية كبيرة يمكن أن تضاف إلى ال (20000) وظيفة التي ينتظرها الكثير من الشباب السعودي بعد الإفراغ من مرحلة ترحيل سائقي الأجرة الأجانب. وحيث أن الشاحنات والحافلات تعتبر الشرايين التي تنقل الحياة العامة إلى كل خلية تساهم في بناء التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإن السعي في توطينها يساهم في تشجيع رؤوس الأموال الوطنية واستثماراتها بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والنفسي لأنشطة القطاع الخاص. فلا تزال حركة النقل بين المدن وبعض المرافق العامة تعتمد على الشاحنات والحافلات التي ترجع ملكيتها لبعض المؤسسات والشركات الخاصة التي تعمد إلى تشغيل عمالة أجنبية في تسيير تلك الحافلات في مختلف الاتجاهات وتمارس عليهم نوعا من الضغوطات مما يتسبب في إحداث الكثير من الحوادث المميتة نتيجة للإرهاق الذي يتعرضون إليه لاسيما على الخطوط الطويلة. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك الكثير من المعاملات الحقوقية المتعلقة بالحوادث المرورية - والتي كان سببها هؤلاء النفر من العمالة الأجنبية التي تعمل على طرقنا الآمنة لساعات طويلة معرضين الآخرين لشبح الموت الأكيد - والتي تقتضي تعويضات مالية كبيرة لاتزال معلقة منذ سنوات طويلة لعدم مقدرة هؤلاء على تسديد ما صدر ضدهم من تعويضات شرعية وقانونية لأصحاب الحقوق حيث باتت تلك الحوادث ظاهرة وبائية تفتك بحياة الناس في كل عام وتتسبب في عجز وإصابة الآلاف منهم وتؤدي إلى إهدار اقتصادي كبير في الأموال والأنفس والممتلكات. والتعجيل في تطوير الوظائف السعودية واتساع أفقها تحت مظلة السعودة وتطبيق القرارات الكفيلة بتصحيح مسارها سيحقق المعادلة في إتاحة الفرص الوظيفية أمام الآلاف من الشباب السعودي في جميع التخصصات الفنية والذي سيكون لهم الدور الكبير في قيادة دفة الكثير من الأعمال وفق المصالح الوطنية التي يسعى إلى تحقيقها الجميع. وللوقوف على أبعاد المهنة وأهميتها في دعم الجانب الوظيفي كانت ل "اليوم" هذه الوقفة مع بعض أصحاب الشاحنات والمواطنين. الأجنبي يخضع لإغراءات تجعله يعمل لساعات طويلة في البداية التقينا بالسيد حسين بن علي العبدالوهاب وقال: لاشك أن السعي في توطين قيادة الشاحنات والحافلات سيحقق الربح الأكيد لمفهوم هذا المشروع العملاق (السعودة) والذي بدأ المواطن يجني ثماره في الكثير من المجالات الوظيفية الإدارية والإشرافية والفنية مشيرا إلى أن سعودة الحافلات والشاحنات ستحد من التجاوزات والمشكلات المرورية التي تكون سببا مباشرا في الكثير من الإختناقات المرورية. واضاف: ان السائق الأجنبي يخضع لإغراءات تجعله يعمل لساعات طويلة وفي ظروف صعبة وبسرعة مجنونة في سباق مع الوقت مما يعرض الآخرين لخطر الحوادث المميتة التي يذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تفوق إمكانية السائق الأجنبي مفيدا ان خاله السيد إبراهيم حسن الزويد ( أب لعشرة أطفال) وتسعة ركاب معه تعرضوا لحادث مروري شنيع على طريق الدمامالاحساء السريع حينما خرجت في طريقهم شاحنة قادمة من الطريق المعاكس يقودها سائق آسيوي في ظروف ممطرة حيث حملت هذه الشاحنة لهم الموت جميعا دون استثناء حيث قتل الجميع على الفور عدا سائق الشاحنة الذي لم يبرح السجن حتى تاريخه منذ وقوع الحادثة قبل حوالي خمس سنوات تقريبا لعدم استطاعته تسديد المبالغ المستحقة عليه والمتمثلة في التعويضات لأسر الضحايا والبالغ مجموعها مليون ريال. وقال العبدالوهاب: أن المطالبة بسعودة الشاحنات وكذلك الحافلات بمختلف أحجامها لاتقل أهمية عن ماتم إقراره فيما يخص سيارات الأجرة الصغيرة مؤكدا أن السائق السعودي سيكون أكثر تعقلا واتزانا من غيره في قيادة هذه المركبة بكل يسر وسلام. بعض الشاحنات ترجع ملكيتها لعمالة آسيوية من جهته قال السيد عواد بن عياضة المظيبري (قائد شاحنة متوسطة): ان حاجة وظيفة قيادة الشاحنات والحافلات للسعودة ملحة وأن الشباب السعودي أولى بها من غيره حيث دخلها اليومي يبدو مجزيا مشيرا إلى أن البعض من تلك الحافلات والشاحنات ولاسيما المتوسطة والصغيرة منها ترجع ملكيتها فعليا لعمالة آسيوية حيث يتم تسجيل تلك الشاحنات بأسماء متسترين محليين ويحصلون مقابل منح الأجنبي الأسم مبلغا لايقل عن (600) ريال مؤكدا أنه سبق وأن شهد مبايعة على أحد هؤلاء الأجانب وفق هذه الطريقة. وقال: ان العمال الأجانب يسعون دائما الى مزاحمة السعوديين الذين يعملون في هذا المجال حيث يبدون عروضا أقل بكثير من سعر تكلفة الشحن عند طلب شحن إحدى الحمولات سعيا منهم الى إغراق سوق السائقين السعوديين الذين يملكون القليل من الشاحنات أو الحافلات موضحا أن شارع (42) بالدمام يعج بتلك الشاحنات التي تعود ملكية الغالب منها إلى مستثمرين آسيويين والتي تتسبب أيضا في اختناقات مرورية وحوادث مؤلمة نتيجة الفوضى العارمة التي يتسابق فيها هؤلاء الآسيويون عند طلب الزبون للتأجير. وأضاف: ان الكثير من الأجانب يتعمدون المخالفة في الأوزان والتي تتراوح بين (10-20) طنا كحد أقصى للشاحنة الواحدة بحسب حجمها حيث يدركون أن المخالفة أقل بكثير مما يتقاضونه مقابل أجر الحمولة الزائدة والتي تصل في معظم الأحايين إلى (50) طنا وتقدر بنحو (2000- 3000) ريال مما يتسببون في تشققات وتخددات عميقة في نهر الطرق والتي تتسبب في الإخلال بتوازن المركبات الصغيرة وتؤدي إلى حوادث كثيرة مطالبا الجهات المعنية باتخاذ إجراءات صارمة ضد مخالفي الأوزان تتمثل في إرجاع الشاحنة من حيث أتت أو إرغامها على إنزال الحمولة الزائدة بالاستعانة بإحدى الشاحنات الأخرى وذلك من أجل الحفاظ على طرقنا لتبدو سليمة خالية من كل التشوهات. وقال ان السعودة حتما ستساهم في تصحيح الكثير من الظواهر السلبية التي نعاني منها والتي كنا السبب الرئيسي في تفشي أمراضها كنتيجة للتسهيلات التي يمنحها أبناء جلدتنا بقصد أو دون قصد لهؤلاء الأجانب الذين يسعون دائما الى دعم استثماراتهم على حساب استثماراتنا المحلية. سعودة الوظيفة أسوة بشقيقتها وحيث أن أكثر جدلياتنا الاجتماعية قضايا التوظيف بمبدأ السعودة ومع أن الآراء تلتقي عند ضرورة إكمال هذا المشروع حتى نتخلص من أكبر عدد من العمالة الوافدة في مختلف الأعمال والميادين فإن الحاجة تحتم سعودة هذه الوظيفة أسوة بشقيقتها وظيفة سيارات الأجرة الصغيرة .. ولا تتوقف المطالبة بالسعودة عند مبدأ الإحلال ذريعة مطلقة .. بل بتدريب وتأهيل الشباب السعودي ليكون قادرا على استثمار هذا الجانب في إطار قومي يساهم في دعم مسيرة الاستثمارات المحلية وفق الخطط التطويرية. قطاع الشاحنات مجال خصب للاستثمار