بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ترددت في الولاياتالمتحدة العبارة التالية : من هو العدو الآن ؟! وتم اختيار الإسلام ليحل محل الشيوعية ، فهل هذا الاختيار حقيقة أم أنه من نسج الخيال ؟! وإذا كان الإسلام مجسداً في مجتمعات ودول ، فما هي أدوات الصراع مع هذا الكيان الذي ينتشر على ثلاثة أرباع الكرة الأرضية . بعبارة أخرى كان سلاح المعركة مع الشيوعية يعتمد على تضخيم الترسانة العسكرية وخوض حروب ساخنة تارة ( كوريا - فيتنام - أنغولا ) وباردة تارة أخرى. وتمثلت الحرب الباردة في انتشار التبشير بالشيوعية داخل المجتمع الغربي عامة ، والأمريكي خاصة ، وتمت مواجهته في الستينات بحقبة بوليسية سميت بالحقبة (الماكارثية)، ثم الهجوم الأمريكي المضاد على الشيوعية ، إعلامياً ، عبر أفلام سينمائية التي تضامنت مع الفشل الاقتصادي الكبير للنظام الشيوعي ، لينهار بأسرع من كل التوقعات ، ولكن ، ماذا عن الإسلام ؟!. هل تستطيع الولاياتالمتحدة أن تكرر الشيء نفسه - عسكرياً وإعلامياً - مع الإسلام أو المسلمين ؟! وهو شيء يعلنه البعض هناك، حتى وإن كانت الأجهزة الرسمية تنفيه. الفارق بين التجربتين كبير ، فالفشل في التجارب الإسلامية لا يماثل الفشل في التجربة الشيوعية ، حيث إن تعثر التجارب الإسلامية دائماً يرتبط بأسلوب التطبيق وليس بسبب الدين ، فقد نجحت دول إسلامية في تنفيذ برامجها التنموية وفشلت أخرى مع أن من نجح ومن فشل كان يرفع الشعار الإسلامي ، وذلك بسبب التفاوت في التطبيق ، وفي المقابل فإن كافة التجارب الاشتراكية العربية وبلا استثناء لم تسجل نجاحاً فعلياً وعملياً في تحدى التنمية. نعم، التفاوت كبير في تطبيق مبادئ الإسلام وهو يحدث على مستوى الدول كما يحدث على مستوى الأفراد ، ولهذا تم الاصطلاح على التمييز بين ممارسات خاطئة وأخرى جيدة ، وعدم تحميل مسئولية فشل التطبيق على (المبادئ) الإسلامية العظيمة والتي تحث على الممارسة الجيدة فقط. إنه من المستبعد تماماً أن تحقق المواجهة مع المجتمعات الإسلامية نجاحاً بالنسبة للغرب - مماثلاً لما تحقق في التجربة الشيوعية ، ليس فقط للعمق الذي تبلغه القيم الدينية الإسلامية في نفوس الجماهير بشكل عام والفئات الشبابية المتحررة ، بل صارت حتى الفئات الشبابية أو غيرها من غير الملتزمين دينياً موضع اتهام مسبق من جانب الغرب ، لمجرد الملامح والسحنة الشرق أوسطية أو لمجرد الهوية والاسم ، فإذا كان بوسع المجتمع الروسي أن يتخلص من النظام الشيوعي ، فماذا يفعل أولئك الشباب سوى الالتحام مع ثقافتهم الأصلية ، والعودة إلى الجذور ؟!. إن الرسالة المطلوب توجيهها إلى الغرب هي ضرورة توفير بديل أكثر رقياً من المواجهة فنحن نتقاسم كوكبا واحدا، ولدينا قواسم مشتركة ، دينياً وحضارياً ، ولن تبرز تلك القواسم إلى السطح ، ما لم تتوافر بيئة مناخية مناسبة ، لا تقوم على فكرة ( أين العدو ) ، وإنما تبحث عن الأصدقاء ، ومن باب أولى أن تحافظ على أصدقاء يجمعهم معها تاريخ إنساني طويل ، وأما تهمة الإرهاب فقد قاسى الجميع منها سواء إرهاب الدولة في إسرائيل أو إرهاب منظمات ترفع الشعار الاشتراكي في الستينات أو الإسلامي في السنوات الأخيرة .