وقف أمام (ثلاجة المرطبات) يكفكف قطرات العرق المتجمهرة على سفح جبينه.. ويلتقط شيئا من أنفاسه المتبعثرة على ضفاف الشمس الملتهبة.. كانت الثلاجة تعج بالعلب الملونة.. تتسكع قطرات الندى على اغلفتها المعدنية فتغري الظمآن بعلب الثلاجة نفسها فضلا عن علب المشروبات.. امتدت يده الساخنة واحتضنت مقبض الثلاجة البارد.. فتسربت البرودة الى كفه انتعاشة.. قشعريرة تسري في أضلعه فتبعث على التشهي لشرب نهر النيل.. فقط لو كان منسكبا في قارورة مدفونة بين أحشاء القطب الشمالي.. شد المقبض بقوة فانهدر شلال من الهواء البارد يداعب ملامحه المتبخرة.. (كل شيء يبعث على الاسترخاء).. ويلاه.. ما ألذ البرودة في جحيم حزيران.. امتدت كفه دون شعور.. فاحتضنت علبة زجاجية سوداء يتوجها غطاء أحمر.. ويلتف حول خصرها الأهيف حزام أحمر.. وتضم الى صدرها هالة حمراء.. البرودة من جديد تبعث في نفسه خدرا.. .. يبعث على الاسترخاء.. ابتسم في وجه علبته المفضلة.. وانتزع تاجها الأحمر وقذف به بعيدا مترخما مع الايقاعات التي عزفتها على أرضية المكان.. ثم زج فوهتها المترعة بين فكيه.. يعب من ذلك السائل الأسود يسكبه في جوفه دفعة واحدة.. يرتشفها فينتعش حتى الجنون.. .. انتزع الزجاجة من بين شدقيه فأحدثت دويا.. اعقبته نفثة ارتواء أطلقها ليلملم ثمالة عطشه.. لثم شفتيه المبتلتين ودفنهما في كمه الأيمن.. وقذف بالزجاجة الفارغة في احضان القمامة.. (كان الأجدر بك فعل ذلك وهي ممتلئة). استخرج من جيبه ريالا باليا سئم التنقل من جيب غني الى جيب فقير.. الى جيب عامل.. الى جيب طفل الى جيب مجنون.. ثمنا لذلك المشروب النتن.. يصرخ الريال في يده.. كم زجاجة تحولت بسببي الى رصاصة ترقص رقصة الموت في قلب بريء؟ ليتني اعرف طريق الفداء فأموت قرير العين مدفونا في جيب بطل شهيد فاشم رائحة الراحة. دهستني العفونة فاهترأ جسدي.. الرحمة أيها الأشقاء. أمسك البائع الريال المهترىء.. وقذف به الى جحيم الدرج الخشبي. الى أين ستنتهي رحلة الريال؟! مع خالص التحيات رباب حسين @ من المحرر: ثمة اجتياز لمرحلة البدايات تبدت من خلال الجمل المنتقاة بعناية وشاعرية السرد التي تطل على استحياء.. الوصف جيد وان طال ليطغى على العناصر الأخرى.. المفارقة واضحة ولكن المضمون هيمن في النهاية ليقترب النص من الخاطرة.. لديك امكانات جيدة حبذا لو وظفت قصصيا التوظيف الأمثل.