دعا الدكتور رجب بويا مفتي كوسوفا ورئيس الادارة الدينية العالمين العربي والاسلامي للاعتراف بكوسوفا وتقديم الدعمين المادي والسياسي اسوة بما فعله الغرب، واضاف الدكتور بويا في حديثه ل "اليوم" خلال زيارته الاخيرة للقاهرة ان العالم الاسلامي يمر بمرحلة اختبار صعبة ولا بد من تعزيز التضامن الاسلامي حتى يمكن مواجهة التحديات الراهنة وفيما يلي تفاصيل الحوار: @ بداية نرجو القاء نظرة على الاوضاع التي يعيشها شعب كوسوفا الان بعد مرور ما يقرب من اكثر من عامين على انتهاء حرب التطهير العرقي التي قام بها الصرب؟ * تقوم القوات الدولية حالياً بدور ايجابي في كوسوفا بعد ان عانى الالبان عشر سنوات من الظلم والاضطهاد على ايدي الصرب والتطهير العرقي والديني والان عاد حوالي 95% من اللاجئين والمشردين الى ديارهم لكن وجدوا بيوتهم وممتلكاتهم قد سلبت ودمرت بسبب الحرب التي راح ضحيتها نحو 20 الف الباني ما بين شهيد ومفقود ونهبت وخربت المصانع والمؤسسات والشركات والبيوت لذلك بدأ شعب كوسوفا بعد الحرب وبعد عودة اللاجئين حياته من الصفر لكن هذا هو الثمن للحرية فالحرية اغلى من كل ما يمتلكه الانسان والحمد لله بدأنا حياتنا من جديد ونحن نعمل بنشاط من اجل اعادة الاعمار في بلادنا وبناء بيوتنا وكان التدخل الدولي في كوسوفا ناجحاً ونحن نعتبر كوسوفا حرة وتسير في طريقها نحو الاستقلال الكامل ولاول مرة تجرى انتخابات لاختيار رئيس لكوسوفا تحت اشراف الاممالمتحدة ورئيس للبرلمان وتعيين 10 وزراء حيث تم تعيين الكاتب الالباني المعروف ابراهيم رجوفا رئيساً للحكومة الوطنية في كوسوفا. @ لكن بعد تعيين رئيس لكوسوفا وحكومة وطنية هل انتهت مهمة الاممالمتحدة في ادارة كوسوفا وهل يعتبر هذا إعلانا رسميا لاستقلال كوسوفا والاعتراف بها كدولة مستقلة؟ * طبعاً كوسوفا كانت تحت اشراف الاممالمتحدة من ناحية الادارة وبعد انتخاب الرئيس وتعيين وزراء في حكومة كوسوفا بدأت الاممالمتحدة تنسحب تدريجياً فقد خفضوا من عدد قوات حلف الناتو المتواجدة لحفظ الامن والسلام في كوسوفا وقد سلمت الاممالمتحدة بعض الادارات الى حكومة كوسوفا والبعض الآخر يوجد مسئول من الاممالمتحدة بجانب مسئول من كوسوفا وبعد قليل ان شاء الله ستتسلم حكومتنا كل الادارات ولكن بعد ان ننتهي من جميع التجهيزات واعداد كل ما يلزم من اصلاحات خاصة ان شعب كوسوفا بدأ حياته من الصفر بعد ما دمر الصرب كل شيء. @ نريد تسليط الضوء على مأساة كوسوفا وبالتحديد الجرائم التي ارتكبها الصرب واثرها على الشعب الكوسوفي؟ * كما قلت ان شعبنا عاش مأساة استمرت عشر سنوات ظل يعاني خلالها اضطهاد السلطات العربية التي مارست سياسة التطهير العرقي للمسلمين في كوسوفا تحت مسمع ومرآى العالم كله وبعد ان جرد شعبنا من جميع ممتلكاته وخسر الآلاف من الشهداء وهدمت القوات الصربية بزعامة الطاغية ميلوسيفيتش اكثر من 250 الف منزل وحوالي 218 مسجداً دمرت تماماً وسويت بالارض فضلاً عن تشريد عشرات الآلاف والذين ما زال بعضهم يعيشون في مخيمات اللاجئين حتى الان. @ ماذا عن الاوضاع الراهنة في كوسوفا والدور الذي قام به العالمان العربي والاسلامي لمساعدة شعب كوسوفا على تجاوز محنته؟ * بدأ شعب كوسوفا حياته من الصفر بعدما دمر كل شيء وللاسف العالم الاسلامي ما زال بعيداً عن الساحة سواء سياسياً او اقتصادياً والمطلوب مساندة وتأييد الشعب المسلم والاعتراف بكوسوفا دولة مستقلة ومساعدتها مادياً حتى نستطيع بناء ما دمرته الحرب العرقية والتحرك بفاعلية داخل كوسوفا للمساهمة في بناء المدارس والمساجد والمستشفيات التي دمرتها الحرب، هناك اكثر من 220 مسجدا مدمرة تحتاج الى اصلاح وترميم، وكنا نتوقع من اخواننا المسلمين سرعة تقديم الدعم لنا لكن الغرب كان اسرع في تحركه من منطلق الانسانية، وان المسلمين تباطأوا في هذا التوجه بالرغم من ان هذا التحرك تفرضه العقيدة الاسلامية بأن يكون المسلم للمسلم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى، ولم نلمس أي تحرك ايجابي في هذا الاتجاه من الدول الاسلامية وما كنا نتوقعه بعد زوال محنة كوسوفا بأن يكون هناك تحرك سياسي من قبل الدول الاسلامية للاعتراف بكوسوفا كدولة مستقلة والضغط على حكومة بلجراد ولو بالمقاطعة السياسية ولكن اعتبروا ان المشكلة هي مشكلة اوروبا والغرب ولا يمكن لهم ان يتدخلوا بالرغم من ان المسلمين في البلقان يحافظون دائماً على علاقاتهم واحياء الروابط بالعالم الاسلامي فهم على اتصال دائم بكل البلاد الاسلامية لانهم يعتبرون انفسهم جزءا من هذا العالم ولكن الغرب كان اقوى في المساندة الانسانية والسياسية حيث قامت بعض الدول بفتح مكاتب تمثيل سياسي لكوسوفا واستقبلوا بالفعل ممثلين كوسوفيين.. وادعو العالم الاسلامي لأن يتأسى بالعالم الغربي في هذه الخطوة الهامة التي تساعدنا على نيل استقلالنا فان المنتظر من العالم الاسلامي ابراز القضية ومساعدة شعب كوسوفا لنيل استقلاله بقيام الاعلام الاسلامي بدوره في توجيه الرأي العام الاسلامي وتنويره بما تعانيه الاقليات الاسلامية من محن. @ وماذا عن العلاقة بين الالبان في مقدونيا والبان كوسوفا خاصة بعد حدوث اضطرابات واضطهاد للمسلمين هناك؟ * تفجر الاوضاع في مقدونيا ضد المسلمين الالبان ليس وليد اليوم وانما هناك جذور تاريخية لهذا العداء، لان مقدونيا تضم سكاناً من جذور عرقية مختلفة وأديان متعددة ورغم ان المسلمين يمثلون نصف تعداد مقدونيا الا ان حقوقهم ضائعة ومسلوبة ويلقون معاملة سيئة من السلطات كما تقوم الدول الاوروبية بمساعدة السلطات المقدونية على فرض هيمنتها على المسلمين وتزويدها بالاسلحة الحديثة والطيارين المدربين الذين هدموا المنازل والمساجد والمعاهد الخاصة بالمسلمين وشردوا الآلاف ويوجد 20 ألفا من المسلمين لاجئين الى كوسوفا من بطش السلطات المقدونية. @ بعد سقوط ميلوسيفيتش ألم تطرأ أي تغييرات على النظرة السياسية اليوغوسلافية تجاه كوسوفا؟ * تغيير القيادة في يوغوسلافيا لن يؤثر كثيراً لان الرئيس الحالي كان من أتباع سلوبودان ميلوسيفيتش مجرم الحرب وعدو الاسلام والمسلمين، ويتلقى هو الاخر الاوامر من الاكاديمية الصربية للعلوم بل ان الرئيس الحالي حمل السلاح في حرب البوسنة والهرسك ومؤخراً اندلعت ضده مظاهرات في زغرب وهو يحمل السلاح لقتال المسلمين في البوسنة وارى ان اعتماد المسلمين على انفسهم والتحرك الجاد من العالم الاسلامي بالتضامن والمساعدة هو الوسيلة الوحيدة لاقامة دولتهم المستقلة في كوسوفا لان شعب كوسوفا ليس مجرد اقلية البانية تسعى لنيل استقلالها عن الكيان الصربي، كوسوفا هي وطن المسلمين البلقان مثلها مثل البوسنة والهرسك. @ هل الاوضاع المتردية التي يعيشها العالم الاسلامي الآن لها علاقة بما يجري في البلقان او كوسوفا؟ * ان موقف العالم الاسلامي من قضية كوسوفا يعكس موقع المسلمين على خريطة النظام العالمي والحالة المتردية التي وصلوا اليها ولو استمر المسلمون على هذا الوضع فسيكون هناك المزيد من تجارب المحنة في المستقبل وان ما حدث للمسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوفا والشيشان وفلسطين وكشمير وغيرها ليس هو نهاية المطاف الا اذا استفاد المسلمون من هذا الدرس ووعوه جيداً.. وما قام به الصرب من تفريغ لكوسوفا من شعبها المسلم واجبارهم على النزوح الى البانيا او الدول المجاورة هو في جوهره مؤامرة صربية لاختراق جدار الوحدة الاسلامية، فالصرب يخافون من وحدة المسلمين في البلقان ويحاولون تجريدهم من دورهم الريادي الذي عرف عنهم حيث أرسى المسلمون حضارة راقية اشاد بها العالم منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. @ بعد القبض على ميلوسيفيتش وتقديمه الى محكمة العدل الدولية ما تأثير ذلك على الاوضاع في كوسوفا؟ * منذ اكثر من عامين لا وجود للصرب في كوسوفا في السلطة ولا في الجيش او غيره فكوسوفا كانت تحت اشراف هيئة الاممالمتحدة والان تدار البلديات بواسطة مواطنين البان بجانب بعض الاداريين من الاممالمتحدة ولدينا مجلس وزراء وبرلمان حر وان اكثر من 80 بالمائة من شئون كوسوفا يديرها ابناء كوسوفا. @ لا شك في ان الاسلام يواجه الان حملة شرسة بعد احداث سبتمبر الامريكية كيف يمكن مواجهة ذلك؟ * الهجوم على الاسلام ليس جديداً وهذا دليل على قوته لان الضعيف لا يهاجم وفي كل زمان يوجد باغضون للاسلام فالاسلام كان مبغوضا ايام الشيوعية كذلك الان في الدول الاوروبية تشن حملات ضارية ضد الاسلام والمسلمين ولكن في الغرب هناك مغرضون ومعتدلون ونجد انه بعد احداث سبتمبر زاد الهجوم على الاسلام في الغرب ووصفوه بأنه دين يدعو الى الارهاب وسفك الدماء وان المسلمين جهلة ومتخلفون وكلما يقع حادث سيئ في العالم ينسبونه الى المسلمين.. والهجوم علىا لاسلام حالياً يكون حسب ظروف المناطق ولكل منطقة هجوم معين فنحن في كوسوفا لم نشعر بهجوم في منطقة الاسلام على الاسلام رغم ان هناك تجاوزات كثيرة من الغرب، وفي هذه الظروف يجب على المسلمين ان يسعوا جاهدين لشرح وتوضيح حقائق الاسلام الناصعة للغرب من خلال الحوار والانترنت والاعلام ففي الغرب يوجد مسلمون جهلاء يسيئون للاسلام ولا بد من ان نستفيد من هذا الهجوم ونبحث عن دوافعه واسبابه. @ ما موقف الشعب الكوسوفي مما يجري على ارض فلسطين من احداث مأساوية؟ * لا شك في ان شعب كوسوفا يتابع ما يجري في فلسطين من خلال وسائل الاعلام فكل ما يحدث في فلسطين يثير الفزع والشعور بالمسئولية تجاه المقدسات الاسلامية خاصة المسجد الاقصى قبلة المسلمين الاولى وشعب كوسوفا رغم ظروفه التي لا تخفى على احد نجده مستعدا لبذل المال والنفس للحفاظ على شعب ومقدسات فلسطين ونحن ندعو المسلمين في كل بقاع الارض الى ان يتوحدوا لان عدوهم واحد.