لم يمنع الهند التي تعيش نسبة كبيرة من سكانها في فقر مدقع من أن تتفوق في صناعة برمجيات الحاسب الآلي بفضل القدرات والعقول البشرية المبدعة التي طورتها حتى أنها سيطرت على سوق البرمجيات في حمى عام 2000 مما حدا بالولايات المتحدةالأمريكية التي كانت تقدم 50.000 تأشيرة هجرة سنوية لكافة دول العالم من أن تقدم للهنود وحدهم 50.000 تأشيرة. ولم توقف قلة الامكانيات الطموح الهندي فقام علماؤهم بتطوير (السمبيوتر) وهو مختصر كلمتي (سيمبل كمبيوتر) أي الحاسب البسيط وهو جهاز محمول تبلغ تكلفته مائتي دولار أمريكي يهدف الى نشر الحاسب وسط ملايين الفقراء وسكان الريف علما بأن متوسط دخل الفرد في الهند هو 450 دولارا أمريكيا سنويا. تقوم الهند بذلك ونحن مازالت مدارسنا ليس بها الا عدد محدود من الأجهزة وتعليم الحاسب فيها بسيط جدا وطموحنا هو سعودة أسواق الخضار ومحاسبي البقالات وسائقي الليموزين، وهذا ليس عيبا ولكن من المؤسف أن تكون طموحاتنا صغيرة وهممنا ضعيفة. وكما تساءل الأخ ناصر الصرامي في جريدة (الرياض) في مقال سابق له لماذا لايدرس أبناؤنا البرمجة وتقنية الشبكات وصيانة الأجهزة فهي صناعة المستقبل وليكن لنا هدف أن نسيطر على صناعة الحاسب في منطقتنا، ولكن يبدو أننا نسير في الاتجاه الآخر فآخر التقارير تشير إلى أن جاهزيتنا الالكترونية قد تراجعت من المركز 44 إلى المركز 60!! ومثل هذا الهدف لا يتم الا بتنشئة أجيال بارعة في استخدام الحاسب الذي تخلو منه كثير من المدارس لأن وزارة المعارف سلكت طرقا صعبة من أجل وضع حاسب لكل طالب، فهناك أولويات ولا يمكن أن نحقق هذا الهدف الكبير والمكلف في وقت قصير كما أن فكرة شراء الأجهزة عملية مكلفة لأن التكلفة باهظة ولو حصل أن تم ذلك في عدة سنوات فإن الأجهزة الأولى ستصبح حينها قديمة وتحتاج الى استبدال، أما مشروع (وطني) فلم ينفذ بالشكل المناسب اذا لم نر أثره حتى الآن. قبل عدة سنوات قامت شركة أرامكو بإهداء أجهزتها القديمة التي لاتفي بمتطلبات العمل لعدد من المدارس، وبالنسبة لاستخدام الطلاب المحدود والبسيط فهي مناسبة لهم لعدة سنوات قادمة فماذا لو قامت الوزارة بتحصيل مثل هذه الأجهزة من الشركات الكبرى مجانا واستفادت منها؟ كما يمكن للوزارة ان تستأجر الأجهزة بعقود سنوية وذلك لتضمن مستوى أداء الأجهزة وصيانتها (والبركة في المقصف). أما الفكرة المثالية (ودعونا نحلم قليلا) فهي أن تقوم الوزارة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وشركة السلام للإلكترونيات (التي تصنع لوحات التحكم لطائرات ال إف 15) بصناعة حاسبات مبسطة أقل تكلفة وتفي بالحاجة التعليمية وتكسبنا خبرة في تصنيع الحاسبات محليا ونسميها (السمبيوتر السعودي)! حينها سنتمكن من استبدال الكتب المدرسية بأسطوانه مدمجة لها فوائد كثيرة، حيث توصلت دراسات عدة إلى أن وزن الحقيبة التي يحملها الأطفال على ظهورهم يتجاوز 15% من أوزانهم مما يسبب لهم آلاما في العمود الفقري ويجعل آلاف الطلاب يلجأون الى المستشفيات لذا شرعت ولاية نيوجيرسي الأمريكية في اعداد مشروع قانون يحدد أوزان الكتب المدرسية التي يحملها الطفل، وكذلك تسعى وزارة التربية في دولة الامارات الى استبدال الكتب الثقيلة باسطوانات مدمجة أما ماليزيا فإنها قد تسمح بنسخ البرامج لأغراض التعليم فقط.