هكذا اذن استحوذتك القناعة ! - 1 - ما همّني أبداً أن أجد تخريجةً لما أقول ولا أفعل، لكنني حيث تتواجد الأوهام أتواجد، سابحاً معيةَ سربٍ من طيور السنونو .. ولم لا؟ بعد ان ذهبتَ عني لملمتُ لغاتي من قارعة البحر ودفعت بكفي في وجه الأصدقاء قاصداً: إن لا!.. وهكذا تراني منكفئاً في البحث عن الأشكال وعن نهاياتها. وستتأكد إنني بعناد القبّرة سأفصح عن لغةٍ توائم وهماً أكثر إيغالاً في الفطرة، وفي التوحش. في الأيام أتاجر بين الوظيفة والمأوى، بعرقي. أحياناً ليست بقليلة أتاجر بخلاصة ذهني ثم أرجع بفمٍ مليء بأوحال متربة .. لا تؤازر قناعتي سوى أوجاع الصدمة القائمة. في العراء أصطنع الحضارة كما تلقيناها في الفصل وفي ركن المجلس الأبوي وفي الأماكن الأخرى التي نتراكض فيها بحثاً عن ذواتنا التائقة الى الفضيلة. ويبقى جنون "ميشيل فوكو" هو الأكثر حضوراً حيث نتبادل اللغو: في المزادات أو في المسالخ أو في دور الأوبرا. في السر يصفعني بصورة عارمة الشوق الى أن أخادع نفسي وأعود الى جرائم الكتابة لكن العزيمة أضعف من أن تساق سوق الأسود الى الفرائس! ولكنني، بهكذا، لا أقول جديداً.. - 2 - انظرني بعين أخرى، لعلك ترى إليّ وانا أجافي الوقائع، حاملاً النوايا عالياً، مخافةَ انهراقها في العسل الذي أكاد أغرق في منابعه الفجة. ذلك هو الرضا والاستئناس الى الوحشة المطلقة، الاستيهام والتواطؤ كما لم نعرفهما من ذي قبل .. أنعرفهما؟ في البدء، أظنك تظن انك عارف ما الذي في البدء.. أو لربما كنت مثلي تدرك ان المعرفة هي ما نتربص به لإخفائها، ثم اننا نمارس وصفها الشائن. هنالك الآن مراوغة عظيمة وشائنة أنخرط فيها مع عسل الأشياء: مع الرضا .. شفيعي في ذلك كله هو حفظي للنوايا غافيةً في محملى الجم لها الى أشد المخابئ تلوثاً بالرأفة والحميمية. هكذا إذن، هي اشتباكات المعاني والمرجعيات وهذا هو الوضوح يتأوج على صهوة خيول تتهاوى في أخبث المدارك وأروعها بلادةً وخموداً. وأنت؟