لم تكن ورقة صمت العصافير التي قدمها الناقد والأديب سمير عبدالرحمن الضامر في أثنينية الشيخ أحمد المبارك قبل 8 أشهر من الآن الا قنبلة موقوتة فجرها في تلك الليلة، ولكنه في حواره مع "اليوم" يفجر عدة قنابل أخرى، أبرزها ان ثقافة البشوت والصوت الواحد هما المسيطران على مجالس الأحساء الأدبية، والتي يرفض ان يسميها كذلك، بل يفضل ان يوصفها ب "مجالس نتطارح فيها الأدب". ويتهم الضامر الثقافة في الأحساء بالعجز عن مواكبة المستقبل، ويراها متقوقعة في عباءة الماضي.. ورغم ذلك يرى ان التراث يملك حركية وهو قادر على التحدي والتجدد، مشيداً هنا بتجربة مجلة جذور التي تصدر عن نادي جدة الأدبي، التي يعتبرها حاملة لواء تقديم التراث برؤى جديدة. يتوقف الضامر عند تجربة رحلة الأردن، التي حصل فيها على درجة الماجستير من جامعة مؤتة، بعد ان كان حصل على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من كلية الشريعة الإسلامية بالأحساء التابعة جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية، ويرى ان عمان هي المدينة العربية التي تستحق ان يطلق عليها لقب عاصمة الثقافة العربية الدائمة، وليس لمدة عام واحد، لأنها تملك كافة مقومات الثقافة. حوارنا اليوم مع سمير الضامر المولود قبل 28 عاماً، والذي نشرت له عدة مقالات أدبية ونقدية في "اليوم"، الندوة، الجزيرة، المجلة العربية، اقرأ، وعدة إصدارات أخرى، كما شارك في أكثر من أمسية داخل وخارج المملكة، وتنوعت هذه الأمسيات بين القصة والشعر والأوراق البحثية والثقافية: البداية مع السيرة النبوية @ كيف كانت بداياتك في المجال القصصي؟ * البدايات كانت منذ الطفولة, اذ كنت قريب الصلة بكل من يكبرني خاصة الاجداد رحم الله من مضى منهم وحفظ من بقي فكنت اسمع من جدتي حفظها الله القصص المليئة بالغرائب, والاعاجيب, والشجاعة, والحكمة, والقناعة, واستمر هذا الشغف لدي عندما تعلمت القراءة والكتابة, فصرت اقرأ مجلات الاطفال, والالغاز البوليسية, وخلال هذه المرحلة احضر لي الوالد وفقه الله مجموعة من الكتب الدراسية للصف الثالث الابتدائي, والزمني بقراءتها في احدى الاجازات استعدادا للعام الدراسي المقبل وهو الثالث الابتدائي, وقرأت منها كتاب: تاريخ السيرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام بما لايتجاوز الساعتين من الزمن, وفي ليلة واحدة.. كل هذا ليس بجديد, وانما الجديد والجميل ان حالة من البكاء والالم والخوف تلبستني عندما وصلت في القراءة الى اخطر حدث في هذه السيرة وهو: موت النبي صلى الله عليه وسلم وانا كلما تذكرت هذا الموقف احاول ان اكتب تلك النفسية الحزينة للطفل سمير, لكن لم استطع الى اليومّ لماذا؟ لا ادري. المهم انني اخذت اسير في ركب هذه السيرة العطرة اعيد قراءتها المرة تلو الاخرى وفي كل مرة ازداد ظمأ على ظمأ حتى ما انطلقت بعدهاالى قصص الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, وقصص شجعان العرب وكرمائهم. البحث عن عوالم؟ @ ماذا عن تجربتك القصصية؟ * هي ليست تجربة نعم فالتجربة مامضى عليها زمن طويل جدا, وكتاباتي القصصية لاتزال في طور البحث عن عوالم خاصة تميزها عن غيرها, اضف الى ذلك فانا محتاج لان استدرك مافاتني زمنيا, اذ ان سنوات الماجستير ابعدتني عن المشروع القصصي الذي كنت وضعته سابقا من جدول للقراءات القصصية والروائية, وتجارب الكتاب الكبار في هذا المجال وسبق ان انجزت مجموعة من القرآت السابقة لكتاب من امثال: نجيب محفوظ, نجيب الكيلاني, يوسف السباعي, حنا مينه, جمال الغيطاني, والطيب صالح, اميل حبيبي, عزيز ضياء... الخ. من العرب, ومكسيم جوركي, انطون تشيكوف, موبسان, ماركيز, جورج اورويل, همنغواي.. الخ من غير العرب, الا ان القائمة طويلة جدا, وتحتاج الى زمن وجلد كبير وان انسى فلا انسى تراثنا القصصي العربي من مثل: رسالة الغفران للمعري, وحي بن يقظان لابن طفيل, وكليلة ودمنة لابن المقفع, والف ليلة وليلة.. والعديد من الاعمال لابد للكاتب القصصي ان يلم بها قراءة واطلاعا, ومن الاشياء المهمة في تكوين تجربة قصصية السفر, ومعرفة الاماكن, ورؤية الناس ومخالطتهم, والوقوف على مايعانونه في الحياة. وكذلك معرفة تجارب القصاصين والروائيين عن قرب منهم, ومحاورتهم, والاستفادة من تجاربهم الطويلة في هذا المجال, وهذه كلها هموم تحيط بي, وتشغلني واتمنى ان انجز الغالبية منها على مايعين الله به من الوقت, والصحة والمال!! التحقيق @ سبب اختيارك للتحقيق في الدراسات العليا؟ * هذا سؤال مهم, وقد سئلت عنه اكثر من مرة من قبل اساتذتي في الجامعة, لكن بأسلوب الانكار وليس الاستفهام, لامرين: الاول: انني قد بيت النية من قبل ان يكون الادب الحديث هو محط اقلامي ودراساتي في الماجستير. والآخر: انني قدمت في المواد التحضيرية بحوثا في الادب الحديث سواء في الشعر او الرواية نالت استحسان اساتذتي, ومن خلال مامضى انقلب المشروع الى التراث ورست سفني في شواطئه, ولم تكمل مسيرتها في الادب الحديث الذي اخذت عنه مجموعة تصورات مهمة لم يكن للتراث منها نصيب, فعزمت على بركة الله بالعودة الى الجذور, ومكاشفة النصوص القديمة, ومعرفة مصادرها سواء المخطوطة او المطبوعة وهذا مجال لايتاح الا من خلال التحقيق, الذي اعتبره مرحلة تأسيسية للمعرفة لابد ان يقف الباحث عليها, ثم يستطيع بعد ذلك الانطلاق الى عوالم بحثية ومعرفية من ابرزها الوعي بأن الثقافة وهي جزء اساس في بناء الحضارة لابد ان تبنى من خلال سلسلة متواصلة في المعارف والازمنة, وهذا ما احرص ان انصح به من يأخذ مشورتي في بداية الطريق للدراسات العليا بأن يبدأ من التراث حتى يأخذ تصورا مهما لتطور العلوم والآداب, وهو بهذا يبني مستقبله العلمي على التواصل مابين القديم والحديث دون وجود الحلقات المفقودة التي نراها في بعض البحوث والدراسات لالشيء سوى انها اضاعت على نفسها الطريق نحو التأصيل العلمي المناسب. مفهوم ودلالة التراث @ رؤيتك للتراث مفهوما ودلالة في عصرنا الراهن؟ * التراث هو عبارة عن منظومة من مكتسبات الانسانية وعطائها الخلقي والمعرفي غير محدود بالزمان والمكان. والتراث نظرية من الصعب تأطيرها بحدود مرجعيات ومناهج, ولا ادل على ذلك ان الامة العربية ومنذ عصر النهضة الحديثة تقريبا وهي تلهث وراء تراث الماضين لكن دون ان تصل الى حد في جمع مصادره وآثاره, والزمن يتحفنا يوميا باكتشاف جديد لمآثر تراثية سواء كانت كتبا, او ادوات عينية, او اماكن, او آثار ورسوم, وموميات الخ وفضلا عن هذا التنوع الكمي لانماط التراث الا انه ليس هناك قول فصل في القراءات والتحليلات لهذا التراث وهذا مما يؤكد على حركية التراث في العصور الراهنة وقدرته على التحدي, والتجدد وسؤالك يذكرني باصدار مهم على المستوى الثقافي العربي, ونفخر به نحن في المملكة الا وهو مجلة جذور التي يصدرها النادي الثقافي بجدة وانا اعتبر هذه المجلة اهم حدث ثقافي في بلادنا الحبيبة منذ 5 سنوات لماذا؟ لان مجلة جذور حملت على عاتقها النظر في التراث برؤى جديدة, ومتميزة من المناهج والدراسات النقدية المعاصرة وجذور لاتنظر للتراث على انه حقبة زمنية ماضية, بل انه رؤية للواقع وتفسير له واسلوب من اساليب النهضة الفكرية والثقافية للمستقبل باذن الله تعالى. رحلة الاردن @ ماذا عن رحلتك العلمية الى الاردن ماذا تمثل لك؟ كيف وجدت المشهد الثقافي هناك, لاسيما انك عايشت تتويج عمان عاصمة للثقافة العربي لعام 2002؟ * رحلتي للاردن للدراسة هي من اروع التجارب التي عشتها في حياتي حتى هذه الساعة, الاردن هو الفصل والوصل وهو الحضور والغياب وهو العاشق والمعشوق الاردن جبرانكساراتي واحيا مواتي.. وطوال الفترة التي قضيتها هناك كنت في حالة اشبه ماتكون بالحلم مما رأيته, وعاشيته من الكرم الاردني في كل المجالات الانسانية وقد كنت قبل ذهابي اظن ان الاردن هو ثقافة محدودة ضيقة بما نعرفه من المسلسلات البدوية وابو عواد وروحي الصفدي.. الخ. لكن الامر يختلف عن ذلك بكثير اذ لم تكن الثقافة التلفزيونية هي ثقافة الاردن كما كنت اتصور بل الاردن يعيش ثقافة وحياة علمية اكثر من رائعة وما الجامعات التي يربو عددها على العشرين المراكز الثقافية المجامع العلمية واللغوية ودور النشر وبيوت الثقافة كبيت الشعر وبيت الفن والعديد من الصالات والقاعات اتي تقام فيها الندوات والمعارض الفنية والسينمائية والمسرحية بصورة اسبوعية وشهرية دائمة الا دليل على الزخم الثقافي والعلمي الذي يعيشه الاردن كما ان في الاردن مجموعة من الاسماء الثقافية والفكرية التي تجاوزت شهرة وسمعة امثال العلامة احسان عباس ناصر الدين الاسد ناقد العراق الكبير علي عباس علوان عبدالواحد لؤلؤة, المفكر فهمي جدعان شعيب الاناؤط المحدث الكبير محمد بن نصر الدين الالباني والناقد ابراهيم السعافين ويوسف بكار والكثير من الاسماء التي لايسع المجال لذكرها والتي حاولت قدر استطاعتي ان انهل من معينها المتدفق المنساب, وكل ماذكرته يدل بكل وضوح على ان عمان تستحق ان تكون عاصمة للثقافة العربية لكل الاعوام وليس لعام 2002م فقط على الرغم من ضآلة الامكانيات التي يعيشها الاردن وقد كنت حريصا جدا على تدوين مشاهداتي ومرئياتي في هذه الرحلة باسلوب اليوميات والمذكرات وستكون باذن الله مشروع كتاب سأنجزه بعدما استعيد انفاسي والقي عصا التسيار. الورقة القنبلة @ (صمت العصافير) محاضرة قدمتها في احدية الشيخ احمد المبارك مطلع هذا العام هل هذه المحاضرة قنبلة موقوته كانت تنتظر لحظة الانفجار؟ ام انها تذكير بماض ثقافي باهت, ومستقبل يموج بالتناقضات وفقدان الهوية؟ * اما انها قنبلة موقوته فنعم وقد اثارت تحفظ الكثير من المثقفين كما انها اعجبت غيرهم كذلك وهي باختصار مجرد ورقة عمل حاولت ان اقدم فيها تحليلا لمستقبل الثقافة العربية في الاحساء بالنظر للواقع الثقافي الذي اختضت فيه مجموعة من الاسماء واجتهدت في ذكر الاسباب والعوائق التي اوصلت ثقافتنا الى التقوقع في عباءة الماضي ادبا وشعرا وعلما واحتقرنا عقلياتنا المعاصرة فعجزت عن المواكبة ومسايرة المشاهد الثقافية المحيطة ووقفت موقف المتفرج من الاحداث التي لم تؤثر في الادب بقليل او كثير واصبحت ثقافتنا ثقافة محلية صرفة لا تتجاوز التمر والماء والنخل عدا بعض اسماء لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة, (وصمت العصافير) ليس فيها من التحامل كما فهم البعض بل فيها سؤال للاجيال الثقافية ومحاولة لتحريك المياه الراكدة كما ان فيها محاولة لترتيب رقعة الشطرنج ومعرفة اماكننا المناسبة والانطلاق من خلالها بحشد اكبر قدر من الوعي بالثقافة التي لم تكن في يوم من الايام عبثا او ترفا بل هي من اس الحياة النابضة بالتجدد والاستمرارية. المجالس الادبية @ هناك اشكالية في هوية المجالس الادبية في الاحساء اذ انها على كثرتها لاتجد فيها الرقي بمستوى المثقف الاحسائي ومازال خطابها الثقافي محليا هل تتفق معي في هذا الجانب؟ * لابد ان اكون صريحا مع نفسي ومع القارئ الكريم واقول ليس لدينامجالسا ادبية وانما لدينا مجالس نتطارح فيها ادب وهناك فرق. اذ ان المجالس الادبية كما هي معروفة في تاريخ ثقافتنا العربية تتسع لتضم اصنافا من المثقفين كتابا وشعراء ورواة وحكاما وطلاب علم وفلاسفة وطبقات المجتمع المتعددة وليس هذا وحده فقط بل تجمعهم ساحة مشتركة من الحوار والنقاش الذي يثري الفكر الادبي وتكون نتيجته التأليف والكتب والمراجعات الثقافية. تلك المجالس الادبية كانت ساحة للكر والفر والاخذ والعطاء وكانت لاتضيق بالآراء الجديدة والمتعددة في الغالب. اما في مجالسنا التي نتطارح فيها الادب فهي التي تقبل بالصوت الفرد والرأي الاحادي وتخضع له ويبقى الجميع منصتين ومتفرجين وهي مجالس غاب عنها الشباب الطموح المتوثب الذي هو اس النهضة الثقافية التي تثري وتفيد وغاب عنها المبدعون قصاصا وشعراء ونقادا وانصرفوا ليدخلوا مجالات اخرى. واذا كان الخطاب الثقافي في الاحساء من قبل 10 سنوات مدينا للشيخ احمد بن علي آل مبارك صاحب الاحدية المعروفة التي جمعت كوكبة من المثقفين واحاطت بهم احاطة العقد لكننا اليوم وبعد مضي هذه المرحلة المهمة بحاجد لان يكون الخطاب الثقافي مسربلا بحلل فيها الكثير والعديد من مظاهر التجديد والانفتاح على المستجدات الثقافية والمعرفية والانطلاق من الافق المحلي الى افق اوسع منه. @ بهذه النظرة المقتضبة عن تاريخ المجالس الادبية وقولك بانها تملك الصوت الواحد ماذا تقول في ذلك الصالون الادبي الذي كان ينطلق من صوت واحد متميز وهو العقاد؟ * اعطني صالونا كصالون العقاد واتنازل عن كل ماقلت المثقفون بحاجة الى موجه ناصح قارئ للثقافة من الدرجة الممتازة مثل العقاد يوجههم ويبعدهم بالطريق ولا يدلك على ذلك الا توجيه للشباب في وقته (انيس منصور) بان لايجعل مصدر تلقيه في اتجاه واحد من اتجاهات الثقافة والفكر حتى لايفقد حريته التي قد يسلبها منه صاحب العمامة او صاحب الطربوش. ماذا تريد من المجالس التي نتطارح فيها الادب بانها تتحمل وتتزين بثقافته (البشوت) وهي خلو من زينة اللسان وفصاحته. النقد بمنحى عقلي @ خلال الفترة الماضية ركزت على الدخول في عوالم ثقافية جديدة واقصد بها القراءات النقدية ذات المنحى العقلي, واتجاهات النقد الحديث في حين عرفك زملاؤك واساتذتك بأنك تمارس الكتابة الابداعية (القصص, الخواطر, المقالات) والسؤال: الا ترى بأن القراءات النقدية توقف وتضعف من نشاطاك الابداعي والكتابي؟ -التوغل في القراءات النقدية يضعف ملكة الابداع نعم لكن ليس على الاطلاق والسبب ان الجوانب الابداعية تنحو في مساراتها نحو الذات العاطفة بالدرجة الاولى اما الجوانب النقدية فتهتم بما انجزته الذات المبدعة واذا كانت الاولى تنتج مع وجود التجربة فان الثانية تفسر ما انتج وتحلله مع وجود الوعي العقلي بدرجات اكبر من وجودها في لحظات الابداع ومعنى هذا ان كلا من النقد والابداع يسيران في مسارين متوازيين لايلتقيان. وسؤالك هذا يذكرني بأحد الدواووين الشعرية التي قرأتها واعجبت كثيرا بهذا الديوان المسمى من اين يجيء الحزن؟ للشاعر البحريني علوي الهاشمي وقلت في نفسي انه لمن الخسارة الكبيرة للشعر في الخليج العربي ان يخسر شاعرا مثل علوي الهاشمي لماذا لانه تحول في نطاطه الكتابي الى النقد وما كان هذا التحول في نشاط الهاشمي الا بعد دخوله في مجال الدراسات العليا لكن يوم ان مرت علي نفس المرحلة لم اتخوف على نشاطي الابداعي لانه نشاط عقلي اكثر منه وجداني اذ ان القصد تحتاج من كاتبها الى التفكير الدائم وايجاد التقنية المناسبة للسرد واحاطة بمجمل الاصوات داخل العمل السردي وبناء الشخصيات ومدى تحقق مسارها الزماني والمكاني.. الخ. فهذه الامور يأخذ بها العقل ويأتي النقد ليعزز من هذه المسيرة لا ليضعفها ثم اننا لانريد ان نهول من هذه الازدواجية الكتابية لانه يوجد في ثقافتنا القديمة والحديثة اسماء مارست جوانب نقدية وابداعية وانجزت في كلا الامرين. @ هل لك ان تعطينا بعض الامثلة؟ * مثلا الجاحظ (ت 255ه) وابن المعتز (ت 296ه) والمعري (ت 449ه) وابن نباتة المصري (ت 768ه) هذا في القديم وفي الحديث: العقاد (ت 1964م) وسيد قطب (ت 1966م) ويحيى حقي (ت 1992م) وجبرا ابراهيم جبرا (1994م) وعماد الدين خليل وادونيس.. وغيرهم الابتعاد عن الشعر. @ في الآونة الاخيرة من حياتنا الثقافية العربية وجدنا ان المتلقي قد ابتعد عن الشعر مارأيك في ذلك؟ * لابد ان نعرف اننا نمر في اشد الازمنة احباطا على كل المستويات واذا تكلمنا عن قلة المتلقين لمجال الشعر فهذا ليس بمستغرب لان المتلقي اليوم تنوعت عنده مصادر التلقي ولم يعد الشعر هو الفن المسيطر على الذائقة العربية كما كان ولعل محاولات التجريب والتجديد في الشعر العربي والمعارك التي نشأت من اجله اوجدت صداعا في فكر الناس مما لاصلة لهم به فانتقلوا الى نوع آخر من الشعر وهو الشعر العامي وشيئا فشيئا توسعت الفجوة بين الشعراء النخبة وبين الناس وبقي الشعراء يصفون المتلقين بالبرود وعدم حرصهم على المفيد وبقي الناس يبتعدون اكثر ولكن اقول ان الاجابة عن هذه المشكلة ليست من السهولة بمكان والحل يحتاج الى معرفة عوامل مهمة في حياة المتلقي نفسية, واجتماعية, وثقافية واذا كان ابو الحسن الفالي قد باع كتااب عزيزا عليه فما بالك بالمتلقي الذي لاتشكل الثقافة لديه شيئا يذكر فهل نجعله يترك عيشه وكسبه من ان يأتي ويستمع لنا معشر الشعراء ثم هل كان الشعراء المعاصرون على قدر الشعارات التي اطلقوها واوهموا الناس معهم بانها الاصلح والاصوب؟ المتلقي منح الشعراء على مر التاريخ مكانة كبيرة وهو اليوم يسحب هذه المكانة من الشعراء لا لشيء الا ليظهر مكانته الفاعلة في القبول والرفض وليجعل الشعراء في مواجهة مع انفسهم ويعيدوا ترتيب اوراقهم فيما يفيد الصالح العام لانخبة النخبة!!