الأطفال بهجة الحياة.. لذا، فان فكرة طفل آخر قد يكون مشروعا ناجحا اذا استطاع كل من الأم والأب تهيئة الطفل الأول لاستقبال المولود الجديد.. الطفل الثاني.. هذه مهمة صعبة لكل من لديه طفل وحيد وينتظر طفلا آخر خصوصا ان الطفل الأول لا يحتمل فكرة وجود منافس له في الرعاية والحب، فيعبر عن غيرته والقلق بتصرفات متعبة للوالدين حين يرى كائنا آخر يحتل مكانه. وحتى تخلصا أنفسكما من المواقف الصعبة التي تصدر من طفلكما الأول، عليكما بقراءة هذا التحقيق.. خصوصا أنت أيتها الأم: تقول منى خالد أم لطفلين ان غالبية الأمهات يواجهن صعوبة في كيفية ولاء ا لطفل الأول للمولود، ولكن هناك فروقات في الطريقة التي نعبر فيها عن أهمية وجود هذا الكائن الصغير في المنزل، وكيف يمكن لشقيقه تقبله؟ وتضيف: لم ادرك أهمية تلك المعاملة إلا حين فاجأني طفلي الأول أربع سنوات بوضع وسادة قطن على رأس المولود وجلس فوقها!! أما ام وليد فلديها موقف مشابه مع طفلتها خمس سنوات تقول: حين انجبت طفلي الثاني استلزم الأمر ان أقيم في المستشفى ليلتين.. بعدها وجدت طفلتي "رنا" تقول لي "أنا لم أعد أحبك، لقد تركتني أنام وحدي وفضلت النوم مع هذا الطفل الأصلع!!". وتضيف: لقد بقيت طفلتي على موقفها من شقيقها وأصبحت مترصدة لاهتمامها به ودائما تقول ان ملامحه كالأرنب، ثم تتراجع وتقبله.. وأخيرا قالت ابنتي، أمي بدأت أحب أخي.. لكنك انت باهتمامك الزائد به تدفعينني لكرهه. أما سميرة وهي ام لثلاثة أطفال، فقد عانت من غيرة طفلها الثاني.. تقول: ابني يطالبني دائما باعطائه رضاعة حليب مثل شقيقه الرضيع وتضيف: "طبعا استجيب لطلبه تجنبا لسماع صراخه واحتجاجاته.. ولكنني أذكره دوما بانه كبير وتصرفاته المقلدة للمولود لا تليق به.. الأمر الذي يدفعه للعدول. هدى باخيل، ام لطفلتين تروي مشكلتها مع طفلتها عقب مولد شيقتها، تقول: "كنت أظن وأنا خارجة من المستشفى أنني حاملة أغلى هدية لابنتي، هكذا كنت أظن ستبتهج لقدوم شقيقة لها.. ولكنني وجدتها شديدة الغيرة وتصر على ارتداء ملابس المولودة والتي لا تناسبها اطلاقا، وأحيانا تعلن رغبتها في البقاء في البيت لأن اختها لا تذهب الى المدرسة ولكي تبقى الى جانبي مثلها طيلة اليوم. الحلول النفسية بعد هذه المواقف البريئة من جهة والغيورة من جهة أخرى.. والتي تتكرر في كل بيت مع قدوم الفرد الجديد، توجهنا بأسئلتنا للدكتور حافظ عبيد استشاري الأمراض النفسية بمستشفى الجامعة واستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز. بداية علق على المواقف الآنفة قائلا: هناك بعض القواعد تتبعها الكثير من الأمهات لمواجهة الصعاب في تربية أطفالهن خصوصا عندما يشعر الطفل الأول بالظلم وعدم المساواة. وأشار الى ان القواعد التي يحبذها علماء النفس وتخفف على كل أم الكثير وتحل لها مشكلات عديدة تتمثل في نصح الأم بأن تستعد قبل عدة شهور من ميلاد الطفل الثاني وتستمر في التدرج بمرور الوقت طبقا لمدى النضج النفسي لدى الطفلين.. وطبيعة المشاكل والحساسيات التي قد تنشأ بينهما، يجب عليها ان تهيىء الجو للطفل الأول قبل قدوم المولود بعدة أشهر حتى لا يشعر بأن هناك تغيرا طرأ على نظام حياته بسبب المولود الجديد.. وذلك بأن تعد الأم مكانا للمولود في غرفة شقيقه وتضع سريره ودولاب ملابسه حتى يعتاد الطفل الأول على هذا النظام من ناحية ولا يشعر بالظلم من ناحية ثانية لأن غرفته لم تعد له وحده وانما سيشاركه فيها آخر. وأكد د. عبية ان المسؤولية مشتركة بين الأب والأم في تكييف الطفل الأول مع التجديد.. ودور الأب يتركز في الفترة التي تتواجد فيها الأم مع مولودها بالمستشفى. اما الأم فدورها أعمق، اذ يجب عيها ان تحرص على اظهار الاهتمام بطفلها الأول، تلتفت لحديثه وتسأله عن الأيام التي قضتها هي بالمستشفى كيف قضاها وما المواقف التي مرت عليه.. وتطالبه بمشاركتها في رعاية الوليد أثناء أكله وحمامه ومداعبته، وتظهر له مدى ضعفه وحاجته للرعاية كذلك يجب على الأم ان تترجم حبها للطفل الأول بمنحه هدية مشابهة لما يقدم للمولود من الأقارب والأصدقاء وهي بتلك اللفتة تشعره بالسعادة وانه يشترك مع أخيه في الحصول على الهدايا والاهتمام. نفسية الطفل الأول ودعا د. عبيد لضرورة مراعاة الضيوف لنفسية الطفل لنفسية الطفل الأول ووضعه في بداية اهتماماتهم قبل الالتفات للمولود.. فمن الخطأ ان يبالغ بالاهتمام بالمولود على مرأى من شقيقة الذي احتل حيزا واسعا من رعاية والديه ودلالهما له قبل قدوم شقيقه ولا شك في ان هذه المبالغة قد تنعكس بصورة سلبية على نفسيته فيحاول إيذاء المولود بأي شكل معتبرا إياه سارقا حنان والديه منه، وعند تصرفه تصرفا كهذا ينبغي على الأم التحلي بالصبر وألا تتعمد إثارته بنهرها له اذا صدر منه تصرف آخر يؤذي المولود، فهو شعور تلقائي بالغيرة يؤدي لايذاء الصغير دون ان يدرك النتائج المترتبة عليه، وسيزول هذا الشعور بمجرد إبداء الوالدين بعض الاهتمام والحنان والحب تجاهه. ثم سألنا د. عبيد، ما التصرف الأمثل الذي تتبعه الأم في حال شعور الطفل الأول بالظلم وعدم ا لمساواة؟ قال: ان الأسابيع الأولى من ولادة الطفل الثاني تستنزف كل جهود الأم ورعايتها ووقتها له. مقابل ذلك عليها ان تعطي الطفل الأول جزءا خاصا من وقتها، تتحدث معه وتوضح له ان متطلباته والمولود تختلف باختلاف السن، وتؤكد له انه يستمتع بمميزات تفوق ما لشقيقه مثل اتاحة الفرصة له بالسهر مقارنة بالمولود الذي ينام كثيرا والخروج مع والده لنزهة وممارسة هواياته او ان تقرأ له قصة وتطلعه على صورها الجذابة.. عندئذ سيقتنع بانه مميز وانه ينال حظا وافرا من النشاطات والرعاية. فقدان الاحساس بالأمان وسألنا د. عبيد ما مدى ارتباط قدوم المولود الثاني بتغيير تصرفات الطفل الأول وسلوكه؟ قال: بانه يلاحظ على الطفل الأول سلوكيات غير مرغوبة كأن يتصف بالخشونة في تعامله مع الجميع او يمص اصابعه او يتبول في سريره "تبول لا ارادي" وكلها تصرفات ناجمة عن فقدان الاحساس بالأمان يحاول بها جذب انتباه والديه. ولمعالجة هذه التصرفات يرى علماء النفس ان يمد الأهل طفلهما بفيض غامر من الرعاية والحنان ويشعرونه بقيمته ومكانته بينهما وهنا يصبح قادرا على استعادة ثقته بنفسه. وأخيرا: ماذا يجب على الأم حين يعبث الطفل الثاني بألعاب شقيقه ويتلف كراسته؟ عندما يبدأ الطفل مرحلة الحبو يتطلب ذلك من الأم نصح طفلها الأول بوضع أشيائه التي يخاف عليها بعيدا عن متناول يده واذا حصل وأتلف شيئا مها فهو غير مسؤول لجهله بأهميتها بالنسبة لشقيقه، على الطفل الأول ان يدرك ذلك وان شقيقه لا يرغب في إيذائه بقدر ما يرغب في حب الاستطلاع او محاولة اللعب بعشوائية وعليه ان يدرك بأن هذا الطفل المؤذي له اليوم سيكون له غدا صديقا حميما متآلفا معه ومستوعبا للصح من الخطأ في تصرفاته.