البيوت الطينية واحدة من معالم منطقة نجران البارزة ونموذج تاريخي فريد لا تزال قائمة تتحدى الزمن وفي صراع مرير مع عوامله لتؤكد القوة والصلابة التي تتمتع بها. وهذه المعالم الرائعة في شكلها وتصميمها وتخطيطها تستحق المحافظة عليها. من الطبيعي ان يبني الإنسان له بيتا يأوي اليه وينعم بدفء الأسرة بين جدرانه معتمدا في ذلك على الموجودات المحيطة به والتي توفرها الطبيعة.. ولو نظرنا الى هذه البيوت الطينية المميزة لوجدناها تتميز بالبساطة من جميع النواحي ولكنها في الوقت نفسه تتمتع بمزايا تفتقر اليها الفلل الخرسانية التي نراها حاليا، فالجدران مبنية من الطين المضاف اليه (التبن) لغرض تقويته وزيادة تماسكه والسقف تستعمل فيه قطع طولية من جذوع النخيل تتم تغطيتها بجريد النخل ويغطى الجميع بالطين فقط. والبيوت الطينية لها طابع معماري مميز ويكفي ان منزلا مبنيا من الطين والخشب يقف بقوة ومتانة في مواجهة العوامل الطبيعية لعشرات السنين ومن مميزاتها العجيبة انها باردة من الداخل أيام الحرارة الشديدة في الصيف وكذلك دافئة أيام البرودة الشديدة في الشتاء وذلك لعدم قدرة الطين على الاحتفاظ بالحرارة او البرودة. ووجود عدد من الأدوار فها يؤكد قوتها وصمودها ولها أسماء متعددة حسب أشكالها فمنها ما يتكون من دور واحد او دورين ويطلق على هذا النوع (مقدم) أما ما زاد على ثلاثة أدوار فأكثر وقد يصل الى خمسة او ستة أدوار فيطلق عليه (درب) وهو أكثرها تميزا وغالبا ما تكون له غرفة صغيرة في أعلاه يطلق عليها (الخارجة) ويستقبل صاحب المنزل بهذه الغرفة ضيوفه المميزين الأعزاء جدا. ويلاحظ وجود فتحات صغيرة منتشرة في جميع أدواره وتسمى (باشورة) وهي مخصصة للاضاءة على السلالم (الدرج) من أسفل المبنى حتى أعلاه. وتزود السترة التي تعلوه ببعض التشكيلات التي تسمى (شراريف). ولا تزال البيوت الطينية تتمتع بشعبية كبيرة في نفوس أهالي المنطقة إلا ان غريزة المعيشة الحضارية وما تقدمه الدولة من تسهيلات لبناء الفيلات والعمارات الحديثة غلبت على الجميع مما أدى الى وجود شيء من الأهمال لهذا النوع من البيوت بل ان البعض بدأ في إزالة ما لديه من هذه البيوت ليبني مكانها فللا خرسانية جديدة بحجة عدم وجود المساحات الكافية اتي تتحمل بقاء النوعين معا. وهناك من استطاع ان يجعل منها مساكن نموذجية بتزويدها بالإنارة وشبكات المياه والصرف الصحي الحديثة والعيش بداخلها.. ومن البيوت الطينية نوع آخر محاه الزمن ومن النادر رؤيته اليوم وهو ما يسمى (قصبة) وهي دائرية الشكل وعدم الحاجة اليها أدى الى اهمالها والاستغناء عنها والاستفادة من المساحات التي تقف عليها فقد كانت قديما تستعمل كمتاريس في الحروب ولذلك لم يعد لها حاجة فبدأت في الانقراض.