الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: إننا في هذه الأيام نعيش مناسبة ذكرى اليوم الوطني وهي ذكرى عظيمة وخالدة عزيزة على قلب كل فرد من أفراد هذا المجتمع الطيب تحيي لنا الماضي التليد وتربطنا بتاريخ الأجداد المجيد وتذكرنا بما لبلادنا من أمجاد تجمع بين الأصالة والمعاصرة فتورث لنا الاعتزاز والافتخار والنشوة والانتصار وتعطينا العبر والدروس وتنير لنا السبل، تربط حاضرنا بماضينا فتدفع عجلة مستقبلنا بإذن الله وتحيى القلوب لتختلجها الغبطة والسرور وتعلوها الفرحة والبهجة وتحصل لها الطمأنينة المفعمة بالأمل فمنذ تأسيس المملكة العربية السعودية والتي كانت بدايتها بدخول وفتح الرياض عاصمة السلم والسلام والإسلام ومنبع الحب والوئام على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن القائد المجاهد الفاتح المكافح الذي وحد الجزيرة وجمع شتاتها ولم شملها على التوحيد والمعتقد الصحيح والمنهج السليم بعزمه القوي ونيته الصادقة واخلاصه المشهود وصبره المعهود وشجاعته وفطنته وذكائه وحكمته ونفوذ بصيرته وأمله الكبير ومحبته لدينه وعقيدته وبلده وأهله محققا بذلك المعجزات ومتحملا المشاق والمكائد والمدلهمات ولهذا نقول ان المتأمل في تاريخ بلادنا الحبيبة المباركة المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين يرى ويطلع على ما يسره، وتقر به عيناه ويثلج صدره، وما يجعله متفائلا يتطلع الى المزيد والمزيد من العطاء والنماء والتقدم والرقي، لانها بلد العقيدة الصحيحة، والمنهج السليم، بلد الأمن والأمان، والطمأنينة والاستقرار، ورغد العيش، وتطبيق شرع الله، وتنفيذ أحكامه وحدوده، لا يعرف لها نظير في جميع بلدان العالم في ذلك، قريبة كانت أو بعيدة، يشهد بذلك العدو قبل الصديق، ويقر به القاصي والداني فحمدا لله، وشكرا له على ما أنعم به علينا من نعم عظيمة وآلاء جسيمة. انه منذ ان التقى الإمام محمد بن سعود بالإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله وتعاهدا على الجهاد في سبيل الله، وإعلاء كلمته، والدعوة اليه، وانطلاقا من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي بذل نفسه وماله ووقته وولده من أجل توحيد الجزيرة، وجمع شتاتها، وجمع كلمتها، والتوفيق بين أبنائها، وتحكيم شرع الله فيها، في وقت كانت أحوج ما تكون الى ذلك، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله قائد مسيرة هذه البلاد، وباني نهضتها، وهذه البلاد في عزة ومنعة، وقوة وثبات، وازدهار، ولا غرابة في ذلك ما دام ان ولاة أمرنا ينطلقون في حكمهم وأحكامهم، ومعاملاتهم وتصرفاتهم ومواقفهم، من المصدرين الأصليين، والمنبعين الصافيين للإسلام: كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومما كان عليه السلف الصالح لهذه الأمة (عقيدة، وشريعة، ومنهجا، وأخلاقا) والتي لا عز ولا نصر ولا تمكين إلا بالأخذ بها والسير على نهجها وهداها، قال الله تعالى "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" (الحج: 41) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي". ومن هنا جاءت تلك النظرة الثاقبة، والانطلاقة الصائبة، والسياسة الحكيمة المبنية على الأصول الثابتة، والقواعد الراسخة لهذه الدولة من ولي أمر هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله في دفع عجلة البناء، وبذل كل ما يستطاع من امكانات مادية ومعنوية من أجل خدمة المواطن واسعاده، والسهر على راحته، وتهيئة الجو المناسب له في كل ما يحتاجه في حياته اليومية، فردية كانت او جماعية، حتى أصبح المواطن السعودي يشار اليه بالبنان، وينظر اليه نظرة تقدير واحترام، حيث أصبح رجل العقيدة الصحيحة، والعلم والأخلاق والآداب العالية، والأفكار والآراء الناضجة، له صولة وجولة في كل ميادين الحياة، فهو لله عابد وله راكع ساجد، وفي العلم بارع، وفي الفضاء رائد، وفي البحار غواص وللخير سابق، وفي كل مجال متمكن وفائق. ان بلادنا تعتبر في مقياس الأمم والبلدان الأخرى قارة مترامية الأطراف، متباينة الأجناس، مختلفة التضاريس والأحوال، وبتوفيق من الله العلي القدير، ثم بما قام به الملك عبدالعزيز رحمه الله وأبناؤه من بعده، من حمل راية التوحيد، والقيام على شرع الله، أصبحت كأنها قرية صغيرة أهلها متحابون، متعاونون، متكاتفون، متآلفون، لا يمكن لأحد ان يدخل بينهم، او يؤثر عليهم، وستظل على ذلك بإذن الله رغم ما يكيد لهم الكائدون، ويدبر لها الأعداء والحاسدون، ما دام رائدها عقيدة التوحيد الصافية، ومنهج السلف الصالح، وخدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان. ومن أجل هذا وذاك كله يجب على كل ابن من أبناء هذه المملكة ان يعتز ويفتخر، ويسخر جهده ووقته لخدمة دينه وعقيدته ووطنه، وان كلفه ذلك الغالي والنفيس، وان يعتقد اعتقادا جازما، ويقنع اقتناعا تاما بأن أيامها كلها بإذن الله عز ومنعة وأمجاد لا تقف عند حد، ولا تؤثر عليها كبيرة ولا صغيرة. نسأل الله العلي القدير ان يحفظ علينا ديننا وأمتنا وولاة أمرنا، وان يوفق ولاة أمرنا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، لكل ما يحبه ويرضاه وان يجعل ما يقدمه للمسلمين في كل مكان في موازين حسناته، وان يرزقنا الإخلاص والاحتساب في القول والعمل، انه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية