تمر السنوات والعقود والولاء للوطن حي لا يموت، والحب يتجدد في قلب كل مواطن .. لاجل ارض العطاء والخير (بلادنا) ولا عجب في ان يحمل كل منا هذا الاحساس العميق تجاه الوطن، وخدماته في سبيل راحة الفرد والمجتمع ونشر التطور في ارجائه، والتي تستحق اكثر من مشاعر التقدير . لقد شهدت المملكة تطوراً سريعاً في فترة زمنية قصيرة، ولم يقتصر التطور على جانب او مجال معين بل عم جميع المجالات، ولعل الخدمات الصحية هي احد ابرز انواع التطور الذي يثير فينا الفخر والاعتزاز نحن الاطباء . والفضل الكبير يعود لله وتوفيقه، ثم لوزراء الصحة، الجهة الرئيسية التي تتولى مسؤولية الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والتاهيلية. فهي تقوم بتقديم خدمات الرعاية الصحية الاولية من خلال شبكة المراكز الصحية التي تضم 1751 مركزا منتشراً في جميع انحاء المملكة. كما تطبق نظام الاحالة الذي يحقق الرعاية الطبية العلاجية لافراد المجتمع بدءاً من مستوى خدمات الممارس العام بالمراكز الصحية حتى مستوى الخدمات العلاجية التخصصية ذات التقنيات المتطورة، وذلك من خلال قاعدة عريضة من المستشفيات العامة والتخصصية تضم 182 مستشفى . الى جانب ذلك، تقوم الوزارة بالاشراف على الانشطة ذات العلاقة بالرعاية الصحية التي يمارسها القطاع الخاص بالاضافة الى ما تقوم به وزارة الصحة، تتولى الجهات الامنية والعسكرية توفير الرعاية الصحية بمستوياتها الاول والثاني والمتخصص بصورة مباشرة لمنسوبيها ولقطاعات أخرى من السكان . كما تتولى وحدات الصحة المدرسية تامين خدمات الرعاية الصحية الأولية المباشرة للطلبة والطالبات وتوفير المرافق الصحية التابعة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب الخدمات الطبية لفئات معينة من السكان، هذا فضلاً عن المرافق الصحية التي انشأتها الهيئة الملكية للجبيل وينبع لتقديم الخدمات الصحية للعاملين بالمدينتين الصناعيتين . والى جانب ذلك كله يقوم القطاع الخاص بتوفير الخدمات الصحية من خلال منشآته التي تضم مستشفيات ومستوصفات وعيادات ومختبرات وصيدليات ومراكز علاج طبيعي منتشرة في جميع مناطق المملكة ولا تقتصر الرعاية الصحية في بلادنا على الوقاية والعلاج فحسب، وانما تمتد إلى الأبحاث الطبية، إذ يقوم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بما لديه من تقنيات عالية باستقبال الحالات التي تتطلب العلاج التخصصي الدقيق فضلاً عن قيامه بإجراء البحوث في المجالات الصحية بصفة عامة ومنها ما يتعلق بالمملكة بصورة خاصة . وتسهم الجامعات عن طريق كلياتها الطبية ومستشفياتها في تقديم الخدمة العلاجية المتخصصة إلى جانب قيامها بتنفيذ برامج التعليم والتدريب الطبي، وإجراء البحوث الصحية بالتعاون مع مراكز البحث الأخرى . ولا ننسى ذكر الخدمات التي يقوم بها الهلال الأحمر السعودي جاهداً في سبيل إنقاذ أرواح الآخرين وتخفيف آلامهم، فجمعية الهلال الأحمر السعودي تقوم بعمل مهم وفعال من خلال تقديم الخدمات الطبية الاسعافية خلال مرحلة ما قبل دخول المستشفى سواء في موقع حادث أو إثناء نقل مريض، هذا بالإضافة لعملها المتميز في توفير هذه الخدمة بالمشاعر المقدسة لحجاج بيت الله والمعتمرين والخدمات الآنفة الذكر تمت في فترة قياسية، والجدول التالي يوضح مدى التطور الذي حدث في عدد من المستشفيات والأسرة في مختلف القطاعات الصحية خلال المدة من عام 1415/1414ه (1994م) إلى عام 1419/1418ه (1998م) كما يوضح الشكل التطور الذي تحقق في عدد الأسرة خلال المدة نفسها . ويوضح الجدول الآخر رقم (2/12) نسب الزيادة التي تحققت في عدد العاملين في الخدمات الصحية خلال المدة من عام 1415/1414ه (1994م) إلى عام 1419/1418ه (1998م) كما يوضح الشكل تطور القوى العاملة الصحية خلال المدة نفسها . وفي مجال التطور الصحي، حققت الخدمات الصحية خلال المدة نفسها تقدما ملموساً فقد ارتفعت نسبة الأمهات الحوامل اللاتي تحصلن على الرعاية الصحية بواسطة مهنيين صحيين من 86% إلى 90% كما ارتفعت نسبة تحصين الأمهات الحوامل ضد الكزاز من 63% إلى 68% وزادت نسبة الولادات التي قام بها مهنيون صحيون من 90% إلى 91.4% واستمر تنفيذ برنامج تحصين الأطفال ضد الأمراض المعدية وخاصة الدفتيريا، والسعال الديكي، والكزاز، وشلل الأطفال، والحصبة والنكاف، والالتهاب الكبدي فضلاً عن نشر الثقافة الصحية وإصحاح البيئة . وقد أدت برامج الرعاية الصحية للأمومة والطفولة إلى رفع نسبة المواليد الذين يزيد وزنهم عن 2500 غرام من 94% إلى 95% ونسبة الأطفال دون الخامسة الذين تتناسب أوزانهم مع أعمارهم من 7.92% إلى 94% وكذلك فقد أدت برامج المكافحة والوقاية ضد الأمراض المعدية والمستوطنة إلى استمرار تناقض نسب الإصابة بأمراض الدفتريا، والسعال الديكي، والحصبة وتدني معدل الإصابة بشلل الأطفال على نحو يتجه للقضاء عليه تماما، كما انخفضت أيضا نسب الاصابة بالأمراض المستوطنة كالبلهارسيا والملاريا واللشمانيا .. أخيراً هناك المزيد من الكلام الذي يقال في تطور الخدمات الصحية في المملكة، ولكن لا اعتقد ان المجال يسعني لذكره الآن، ولعلي تحدثت عن الأهم، وهو الأمر الذي يمسني ويمثل عملي طبيبة في وزارة الصحة وكاتبة صحافية في جريدة اليوم الغراء .. والمهم في النهاية هو ذلك الإحساس بالأمان، الذي خلفه التطور على هذا الصعيد في نفوس المواطنين . * طبيبة وكاتبة في (اليوم)