أجمع عدد من المتخصصين في علوم الزراعة والمياه على أن المملكة استطاعت أن تحقق درجة من الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية والأعلاف نتيجة لزيادة التوسع الزراعي الرأسي والأفقي. وتحدث بعض المختصين حول إشكالية المياه وكيفية التعامل الجاد والحكيم معها وأشاروا جميعا إلى القفزة النوعية في مجال الزراعة التي تحققت في عهد خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) لا سيما خلال العشرين عاما الماضية منذ أن تولى (حفظه الله) مقاليد الحكم في البلاد.. تحقيق الأهداف في البداية تحدث الدكتور مشاري ابن عبد اللطيف النعيم من كلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل بالأحساء عن الإنجازات التي تحققت في مجال التنمية الزراعية والمائية فقال: تحتفي المملكة هذه الأيام بالذكرى المجيدة لمرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) مقاليد الحكم وتحتفي كذلك باليوم الوطني. وكما هو الواقع المشاهد فقد اقترن عهده الزاهر بالتطبيق الفعلي والواسع لاستراتيجيات خطط التنمية الخمسية في مراحلها المتعاقبة والموجهة نحو تجسيد الأهداف والسياسات التنموية للوصول بها للغايات المستهدفة . كما تابع - رعاه الله - بصفة شخصية الخطوات التنفيذية لكل البرامج والمشروعات في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية, وقد كان لتوجيهاته السديدة الفضل الأول في إرساء قاعدة التنمية الزراعية والمائية الحديثة والشاملة في هذه البلاد وذلك بعمل الدراسات والمسوحات الأساسية لتحديد الطبقات الرئيسية والثانوية الحاملة للمياه وسبل تنميتها والمحافظة عليها وذلك بإنشاء السدود, بالإضافة إلى تحديد مساحات الأراضي الصالحة للزراعة مما هيأ الفرصة لتحقيق تنمية زراعية واسعة ومكثفة أحالت معظم أراضي المملكة التي كان ينظر إليها على انها أراض قاحلة - إلى واحات خضراء حققت لها أمنها الغذائي خلال فترة زمنية قصيرة ومذهلة. ولقد أصدرنا كتابا يبرز بعض الشواهد والمآثر التي تمت في عهده - حفظه الله - في مجال القطاع المائي وذلك بالعديد من الأشكال والرسوم البيانية والقوائم الإحصائية التي اعتمدت برهانا لحجم الإنجازات التنموية الناجحة وحيث ان القطاع الزراعي مرتبط ارتباطا كبيرا بالقطاع المائي فقد تم تخصيص الفصل الأول من هذا الكتاب عن التنمية في القطاع الزراعي وبقية الفصول الأخرى عن التنمية في القطاع المائي وفي الفصل الثاني تم التركيز على الاستراتيجيات وخطط التنمية التي تبنتها المملكة في تنمية القطاع المائي للمياه التقليدية. والفصل الثالث عن إيجاد المصادر البديلة (غير التقليدية) وتطورها والمتمثلة في تحلية المياه المالحة ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي وإعادة استخدامها للأغراض الصناعية والزراعية. والفصل الرابع عن الحملات الوطنية التوعوية بغرض الترشيد في استهلاك المياه سواء للقطاع الزراعي أو الصناعي بالإضافة إلى الترشيد في الاستخدامات المنزلية.. وسيكون الحديث أيضا عن المشاريع والبرامج المستقبلية التي سيستمر - حفظه الله - في دعمها حتى ترى النور. الأمن المائي وعن الأمن المائي واستخدامات المياه في الزراعة السعودية خلال العقدين الماضيين تحدث الدكتور شريف بن أحمد شريف قائلا: تعاني المملكة العربية السعودية مثل كل المقتصدات العربية في منطقة الشرق الأوسط من مشكلة ندرة الموارد المائية وفي الحقيقة فإن المملكة يمكن اعتبارها على قائمة المقتصدات في العالم التي تعاني مشكلة عدم تملكها موارد مائية متجددة بل ان مشكلة ندرة الموارد المائية هذه تزداد بمرور الزمن لاعتبارات وأسباب عديدة وكما هو الحال دائما ولا تستثنى المملكة من هذا فإن الزراعة غالبا ما تكون المستهلك الرئيسي للمياه فالري يستهلك حوالي 90% من موارد السعودية المائية غير المتجددة. ويضيف د. شريف: كان للسياسات الزراعية التي تبنتها المملكة في العقدين الأخيرين لتحقيق هدف الأمن الغذائي دور في تعميق معدل زيادة مشكلة الندرة هذه إلا أنه في السنوات الأخيرة وفي عهد خادم الحرمين الشريفين تم التحول في أهداف السياسات الزراعية لتحقيق هدفي الأمن الغذائي والأمن المائي معا ولقد تمت مناقشة كيفية تحقيق هدف الأمن الغذائي مع المحافظة على الموارد المائية في العديد من الأبحاث. وأشارت نتائج هذه الأبحاث عموما إلى أهمية إعادة تخصيص الموارد المائية بل وتغيير التركيب المحصولي إذا ما أردنا المحافظة على هذا المورد النادر للأجيال المستقبلية ولقد تبنت أغلب هذه الدراسات أساليب البرمجة الرياضية المعروفة . ولكن يعتقد أن القليل جدا من هذه البحوث كان موجها نحو الإجابة عن السؤال الأهم وهو هل تحتاج المملكة أن تقلق بل وأن تعمل على تحقيق هدف الأمن الغذائي من أساسه الآن وفي المستقبل؟ والحقيقة أنها وجهة النظر الاقتصادية وفي ظل وجود المتغيرات الجديدة القائمة مثل العولمة. مشكلة الأمن الغذائي والمياه وأضاف الدكتور شريف قائلا: لابد من صرف النظر كلية عن مشكلة الأمن الغذائي وإعطاء مشكلة الأمن المائي كل الأهمية وبناء على ما هو قائم وفي ظل الاتجاهات المستقبلية فإننا نقترح عدم اعتبار هدف الأمن الغذائي هدفا رئيسيا ضمن أهداف السياسات الزراعية المستقبلية بالمملكة, عدم التوسع في المساحة المزروعة لأي محصول مستهلك للمياه, وعدم التوسع في أي مشروع زراعي بخلاف تلك المشروعات المتعلقة بإنتاج الخضر في البيوت المحمية والمشروعات الزراعية ذات الخلفية التاريخية مثل إنتاج التمور وخلافه, توجيه الأبحاث الزراعية نحو استكشاف واستنباط أصناف جديدة مقاومة للحرارة والملوحة وذات استهلاك أقل للمياه, وأخيرا العمل على استخدام أساليب تكنيكية واقتصادية خاصة بالاستخدام الأمثل لمياه الري مثل إعادة الاستخدام ونظم التنقيط وما شابه ذلك. تطور الحمضيات وعن تطور زراعة وإنتاج الحمضيات في المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين تحدث الدكتور غسان بن رشيد بن عبد الله من كلية الزراعة بجامعة الملك فيصل : ان ما تحقق في مجال التنمية الزراعية بالمملكة هو طفرة زراعية غير مسبوقة على الصعيد العربي والتي كانت تحديا للمعوقات التي تفرضها الظروف الطبيعية والندرة النسبية للموارد النباتية وكمؤشرات تعكس حجم الدعم السخي والمتواصل الذي يلقاه هذا المجال من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله جميعا - ان هذا الدعم للزراعة لكي تقوم على أسس علمية وحديثة كان وسيظل له الاثر البالغ في تواصل مسيرة العطاء للقطاع الزراعي ليسهم في الجهود القومية لتحقيق الأمن الغذائي العربي حيث أوضحت الإحصاءات وصول المملكة إلى الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الغذائية الرئيسية وإلى نسب عالية من الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الأخرى وفي مجال الفاكهة تزايدت المساحات المزروعة بها بشكل سريع خلال هذه الحقبة من الزمن حيث بلغت في مختلف مناطق المملكة حوالي 193350 هكتارا عام 2000م بعد أن كانت لاتزيد على 112744 هكتارا عام 1992م أي بزيادة71% تقريبا وتنتج حوالي مليون و 189 ألف طن بنسبة اكتفاء ذاتي 62% أما الموالح والتي تنجح زراعتها في كثير من أراضي المملكة فقد وصلت مساحتها حاليا إلى حوالي 15427 هكتارا بعد أن كانت لا تزيد على 5308 هكتارات عام 1992 أي بزيادة 190% تقريبا كما وصل الإنتاج إلى حوالي 125 ألف طن مقابل 24411 طنا عام 1992 بنسبة اكتفاء ذاتي 29% وكل ذلك يعود للدعم الذي أولته وزارة الزراعة والمياه اهتماماً وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين. الأعلاف الزراعية تحدث الدكتور أحمد بن عبد الرحمن النعيم من كلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل حول إنتاج محاصيل الأعلاف بالمملكة فقال: تعتبر محاصيل العلف الأخضر جزءا مهما من المحاصيل المنزرعة في أي دولة من دول العالم فأي نظام زراعي مستقر لابد أن يحتوي على زراعة محاصيل علفية تستخدم في تغذية الحيوان وهي خضراء أو محفوظة في صورة جافة أو في صورة سيلاج. وتختلف المساحة المنزرعة بالمحاصيل العلفية في معظم دول العالم وذلك حسب درجة الاهتمام بالثروة الحيوانية وفي العشرين سنة الماضية شهد القطاع الزراعي في المملكة تطورا ملحوظا واكتسب هذا التطور شهرة إقليمية ودولية خاصة في زيادة المساحة المنزرعة والإنتاج في مجال القمح والأعلاف وخلال هذه الفترة وضعت الدولة خطة استراتيجية لهدف النهوض بالقطاع الزراعي عامة ومجال الأعلاف خاصة وتهدف هذه الخطة إلى تطور الثروة الحيوانية ومن ثم زيادة الرقعة الزراعية المنزرعة بالأعلاف المختلفة كما تهدف هذه الخطة إلى رفع مستوى الإنتاج للمحاصيل العلفية عن طريق استغلال الموارد الطبيعية للأرض من تربة وماء استغلالا علميا يوفر للمواطن أكبر قسط ممكن من متطلباته للمنتجات الحيوانية من لحوم وألبان وغيرها من خلال التنمية الذاتية وتوظيف جميع الموارد البشرية والمالية والعلمية المتاحة لتوفير العيش الكريم للمواطن السعودي.