يبدو أن الحادثة التي اتفق على تسميتها بحادثة «اليوم الوطني» والتي راح ضحيتها شابان من عائلة واحدة إثر مطاردة ماراثونية بكل ملابساتها وخفاياها وتفاصيلها، يبدو أنها ستبقى الحدث الأبرز الذي لم يجف بعد. بالرغم من أن معظم القضايا من هذا النوع تتحول إلى حديث يومي وسرعان ما يتم نسيانها إلا أن لجنة التحقيق التي أعلنت موعد النتائج التي لم تظهر حتى الآن جرّت معها بتأخيرها فريق المحامين الذي تولى الدفاع عن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتهمين والموقوفين، وتضاربت الأسماء، يضاف لها وتنقص ويصرح أحد اعضاء الفريق ثم يصرح طرفان وهكذا.. هذا الفريق حسب ما قرأت وما أعرف من وسائل الإعلام ومن بعض ما نشر هو فريق متطوع، وبورك في العدل أينما حلّ، لكن الافتراض الأهم أن هناك لجنة تم تشكيلها من أكثر من جهة أمنية وإدارية وحقوقية يفترض أن تمارس عملها دون أي تشويش على سير القضية. لا أحد يملك الحقيقة، ولو كنت محل فريق الدفاع لتوقفت عن البيانات التي يمكن أن تفسّر وتقرأ على غير ما يريده فريق الدفاع الذي يؤمن في آخر بيانه بأن العدل في القضاء وهو بالتأكيد سيكون المسار النهائي لقضايا تخضع للأحكام الشرعية. قبل أيام «ستة أيام من الآن» أصدر محاميان من فرق الدفاع بياناً يوضح بعض المسائل من وجهة نظرهما القانونية، او هذا ما يفترض أن يحدث لولا العديد من الملاحظات الجوهرية. تصدر بيان المحاميين الفقرة «أولا» والتي وجهت كلها لتبرئة الأعضاء الموقوفين وانتقاص ما يتم تداوله إعلامياً مع التأكيد على اهمية (شرف المهنة) ومعظم ما كتب من تسريبات أو قراءات أو تخمينات أو حوارات يدين بشكل واضح رجال هيئة الأمر المُطارِدين بشكل مباشر في التسبب بالحادث وحالتي الوفاة أو بشكل غير مباشر من خلال المطاردة (لا تزال المعلومات المتوافرة متناقضة حول تسبب إحدى السيارات بسقوط السيارة من اعلى النفق والمعلومات ليس لها علاقة بلجنة التحقيق بل بالشهود وبعض ما كتب في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي). التأكيد على شرف المهنة في بيان المحامين هو محاولة انتقاص واضحة من كل ما لم يُبرئ الاعضاء الموقوفين، وكون فقرة كاملة من البيان يتم تخصيصها لوسائل الإعلام فهذا يعني أنها هي المصدر الوحيدة حتى الآن القادر على إعطاء صورة أقرب لحقيقة ما حدث، بغض النظر كانت مع الإدانة أو ضدها. الأمر الآخر أن الكلمة العاشرة في السطر الأول من بيان المحاميين لم تلتزم بالدقة المطلوبة في الوصف الوظيفي والإداري والعملي للأشخاص المتهمين، حيث إن مفردة ومفهوم الحسبة مفردة ومفهوم أخلاقي سلوكي لا وظيفي، بمعنى أن أي عمل احتسابي هو عمل تطوعي ينجزه الفرد سلوكياً من حيث يرى الزاوية الإنسانية أو الحضارية أو العقائدية بما يعتقد أنه أمر نافع للناس ولضميره الأخلاقي. فلماذا لم يسمّ فريق المحامين الأشخاص المتهمين وقيد التحقيق بمسماهم الوظيفي وكلنا نعرف أن الاحتساب إجرائيا تم إيقافه وأن العمل الذي يؤديه رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عمل وظيفي ويحتاج إلى وصف وظيفي، وإلا فإن حتى مدرب كرة القدم أو رئيس النادي حين يقدم ريعاً من ملعب الكرة ودخلها إلى جمعية تعنى بالإنسان فإنه محتسب للأجر، ومثله من يزيح حجراً عن الطريق.. إلخ. كيف يمكن أن نفهم أن رجال قانون يقعون في مخالفة تعتمد بشكل دقيق ودقيق جداً على براءة أو إدانة موكليهم وفق سياق دفاعهم وما يقدمونه سواء للجهات الإدارية أو القضائية أو حتى للرأي العام الذي يقرأ ويدقق ويتابع من أجل نفس الهدف الذي يسعى له فريق المحامين وهو العدل. والعدل هنا ليس بالضرورة أن يكون مع فريق الدفاع ولا مع الضحايا بل هو قائم على مجموعة من العوامل ومن أهمها نتائج التحقيق النهائية من الجهات التي تتولى موضوع التحقيق. الفريق يرى أيضاً ان التهم التي «وجهها التحقيق» والتحقيق لا يوجه تهماً ولا يوجه قضية بل يوجهها فريق التحقيق، أن هذه التهم تهم فرعية وأن الأوصاف لا يسلّم بها فريق الدفاع وأن تهمة التزوير تهمة تحمل التهويل وأن موكليهم يرون أن استنتاجات التحقيق مخالفة للحقيقة. يلي ذلك ديباجة خطابات وبيانات المرافعات التي تحفظ للمتهم الحق في أي إجراء. لا أحد يملك الحقيقة، ولو كنت محل فريق الدفاع لتوقفت عن البيانات التي يمكن أن تفسّر وتقرأ على غير ما يريده فريق الدفاع الذي يؤمن في آخر بيانه بأن العدل في القضاء وهو بالتأكيد سيكون المسار النهائي لقضايا تخضع للأحكام الشرعية. Twitter:@adel_hoshan