كثيرا ما نقرأ عن سلبيات المسلسلات المدبلجة وهأنا أسوق هذه القصة لعل فيها عبرة: جادلني ذات يوم ان اكتب عن جدته والمسلسلات المدبلجة التي تبثها القنوات الفضائية العربية والخليجية على فترتين في اليوم. قال صديقي: كانت جدتي قبل وفاة جدي لا تقترب من جهاز التلفاز البتة وكانت مكتفية بسماع المذياع ذلك الجهاز الذي تسمع من خلاله، نشرات الاخبار، برنامج حكاية من الزمن، البادية والشعر والحوارات وغيرها قال لي: جدتي كانت تنام مبكرة وتستيقظ مبكرا. الا ان جدته ذات العمر الذي تجاوز السبعين سنة تغير حالها بزاوية منفرجة. فقد توفى جده بعد صراع مع مرض عضال دام عشر سنوات وترك بعد موته فراغا لجدته التي اصبحت تصارع هي الاخرى الفراغ بالتحرش بالكبير قبل الصغير. وتطلب ما لا تريده وما تريده كانت تلح على والدي ان يمد لها سلكا لجهاز التلفاز الذي يقبع بغرفتها. وهو جهاز قديم وليس له الا نظام واحد طلبت ان يجعل لها عدلا وانصافا من ذاك الطبق الذي يحتل مكانه فوق سطح المنزل وكان لها ما أرادت فقد مدد لها الوالد ما طلبت، واشترطت عليه ان تشاهد جميع قنوات عرب سات ونيل سات واسيا سات الفضائية ويواصل قائلا: كانت لجدتي من يقاربها عمرا من اهل الفريج لهن خبرتهن في متابعة القنوات الفضائية والبحث عن مسلسلاتها وبرامجها. سألت جدتي قائلة: ام حسين مبروك عندك دش؟ قالت لها جدتي: الله يبارك لابوعبدالله. سألتها صديقتها: هل تعرفين عن المسلسلات شيئا؟ قالت لها جدتي: كثيرا هي قالت لها صديقتها: هناك بعض المسلسلات جميلة جدا انه تابعها قبل سنة. سألتها جدتي بشغف ماهي؟ قالت لها تلك العجوز الهرمة: انها المسلسلات المدبلجة!! التي تبثها محطات عربية سمتها بالاسم!! ومن ذلك الحين حتى يومنا هذا وجدتي قد أدمنت مشاهدة ومتابعة تلك المسلسلات المدبلجة. فقد صارت تتابعها بحرص شديد على فترتين صباحية وعند منتصف الليل والويل والثبور لمن قاطعها على لقطة من حلقة. هكذا هي قصة جدة صديقي مع الفراغ وعدم المبالاة بمن هن مثلها في العمر. ناصر الصويلح