لا ينتهي العام الدراسي إلا والاحصاءات عن حوادث الطرق التي اغتالت المعلمات في تصاعد نسبي عن السنوات التي تسبقها. نقرأ الخبر في الصحف ونتفجع على تلك الطاقات المبدعة اللاتي اختطفن وهن في زهرة الشباب وأوج العطاء. لا نعترض على قضاء الله، ونؤمن بيقين ثابت أن الآجال مقدرة في اللوح المحفوظ، لكن الأمر يستدعي وقفة فاحصة تنظر في المسببات وظروفها، فحوادث الطرق غول يغتال المعلمات وغيرهن. والإحصاءات تقول ان نسبة الوفيات بحوادث الطرق أكثر من الوفيات بالأمراض العضال وغيرها. ونتساءل ما الأسباب لوقوع تلك الحوادث؟ وهل يمكن معالجتها والتقليل من نسبة حدوثها؟ الموضوع يحتاج الى دراسة وإحصاءات علمية أظن أنها لم تتوافر حتى الآن. ولا اعلم ان كانت الادارة العامة لتعليم البنات قد قامت بدراسة من هذا النوع قبل أن تدمج بوزارة المعارف أم أن المسؤولية الآن تقع على المعارف؟ أم ترحل المسؤولية لإدارات المرور بمختلف المناطق؟ فالأمر موزع بين جهات متعددة، والى أن تنهض المعارف بدراسة جادة حول هذا الموضوع نسوق تصوراتنا التي حفزها الألم والغيرة على تلك العناصر الواعدة من بناتنا المعلمات اللاتي وقعن ضحايا لتلك الحوادث فمن لم تمت بقيت مشلولة، والمحظوظة نجت، وهي مكبلة بتشوهات نفسية. ولا أعلم إن كانت دراسات قد قامت لرصد آثار تلك الحوادث على الناجيات وانعكاس ذلك على عطائهن في المؤسسة التعليمية بعد ذلك. أكثر الحوادث كما بدا لي وقعت على الطرق السريعة أو القروية الزراعية، وتكون المركبة من الحافلات التي تنقل مجموعة من المعلمات لمقر عملهن الذي يبعد عن مساكنهن مما يستدعي خروجهن مبكرات قبيل الفجر أو بعده بقليل مما يعني أن سائق المركبة لم يأخذ قسطه الكافي من النوم ولا يخفى على أحد أثر النعاس على قائد المركبة خصوصا في الطرق الطويلة مما يجعل السائق منسابا مع الطريق مستسلما لنسائم الفجر التي تخدره شيئا ما فيغفل غفلة تكون هي الكارثة. ولا ننسى سلامة المركبة وصيانتها وطول عمر استخدامها. ولا نغفل طبيعة الطرق خاصة الزراعية والترابية والمناطق التي تكثر فيها الأودية والسيول. ونتساءل ما الحل؟ يبدو لي أنه لابد أن تتولى مسؤولية نقل المعلمات مؤسسة رسمية ولا أشترط إن كانت قطاعا عاما أو خاصا. المهم ألا تترك العملية للاستثمار الفردي العشوائي في أرواح بناتنا. المؤسسة الرسمية تكون مسؤولة عن سائقي الحافلات وتدريبهم والزامهم ببرنامج مباشرة يوم العمل وفق نظام يضمن حصولهم على قسط النوم الكافي وذلك بالاشراف على مجمعات سكنية لأولئك السائقين مع تثقيفهم تثقيفا واسعا بجغرافيا المنطقة التي يسيرون بها وظروفها والمفاجآت المحتمل وقوعها. كذلك الاهتمام بصيانة المركبات وفحصها يوميا. "والله خير حافظا".