تنهمكُ في أعمالها المنزلية بابتسامةٍ تعلو محياها وتنتشرُ في مملكتها بروحٍ مشرقةٍ بالعطاء الذي ينسكبُ بلسماً على قاطنيه. برنامجُها مزدحمٌ من بعد صلاةِ الفجرِ وحتى تخلدَ للنومِ بعد يومٍ طويلٍ ومنهك. تؤمنُ برسالتها إيماناً عميقاً، وتشعرُ بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها. لا تنزعجُ كثيراً لانصراف الأضواءِ عنها إلى غيرها ممن لا يُقدمن رُبُعَ ما تقدِّمه هذه المرأة المسكونة بالعطاء والبذل والتضحية وبصمت. المنزل يسير بكلِّ مكوناته من الزوج إلى أصغرِ طفلٍ فيه بدقةٍ كدقةِ أنفاسها التي تنبضُ حباً يعكسُ متعةَ الحياة في ناظريها؛ ورسالتها في هذا الوجود المترعِ بالصخبِ والضوضاء. تجلسُ خلفَ أخطرِ مقودٍ يُوضعُ في يد امرأةٍ بكافة تبعاته وأعبائه ومسؤولياته ومطباته فلا تجد منها إلا رباطة الجأش، وحسن التصرف، وعمق الإحساس بالمسؤولية، والرغبة المتجددة في العطاء والإنتاج. كلُّ من حولها متعلقٌ بها، ويهتف باسمها، ولا يستغني عن رأيها، بل إنَّ مكونات مؤسسة الأسرة تنحلُّ وتضمحل وتنفرط بفقدها. لا أبالغُ إنْ قلتُ عنها بأنها تمثلُ نصف الناتج القومي لأي بلد، لكونها ولادة المجتمع ثم هي مربيته، وغارسة زرع القيم النبيلة بين جنبيه، والمفتاح السري لنجاحاته وإنجازته. حديثي عن ربة المنزل، وصانعة الأجيال، وبانية القيم والأمم أُماً وزوجةً ومصدرا للنهضة والرقي. هذه العظيمة حين سألوها: هل ترغبين في قيادة السيارة؟، أجابتهم: عفواً فأنا مشغولةٌ بقيادة جيلٍ نحو المعالي؛ ثم أشاحت بوجهها وانصرفت إلى مشروعها التربوي العظيم. ربة المنزل تستحق التقدير، وتستحقُّ مُرتباً يُخصصُ لها نظير أعمالها الجليلة في بلدٍ حباه الله خيراتٍ كثيرة ويحتفي بأبنائه وبناته.