(رضا) امرأة نشأت في أحضان ريف محافظة البحيرة .. عاشت قرابة اربعة اشهر لا تعرف معنى السعادة .. دموعها لم تتوقف او تجف وبكاؤها لم ينقطع .. اربعة اشهر قضتها رضا في سجن مظلم حبيسة ترتدي ملابس السجن البيضاء المميزة تنتظر تنفيذ حكم الاعدام فيها , صورة حبل المشنقة وهو يتلف حول عنقها وابتسامة عشماوي وهو ينتظر اللحظة المناسبة لقبض روحها لا تفارقها .. بعد أن اصدرت محكمة جنايات دمنهور حكمها باعدامها شنقا في شهر أغسطس الماضي بعد اتهامها بقتل زوجها السائق الشاب والقاء جثته في مصرف القرية ، وقتها عاشت اياما قاسية ترتعد فرائصها كلما اشرق صباح يوم جديد وسمعت اذان الفجر حين يتم تنفيذ حكم الاعدام تخشى من دخول حراس السجن واقتيادها الى غرفة الاعدام حيث ينتظر عشماوي لتنفيذ مهمته ووضع جبل المشنقة حول عنقها وازهاق روحها. اربعة أشهر ورضا فتاة البحيرة راضية بنصيبها رغم خوفها ورعبها الشديد من لحظة وضع حبل المشنقة حول عنقها .. بل كانت مثل الميتة التي لا تشعر بمن حولها حتى اصدرت محكمة النقض المصرية حكمها باعادة محاكمة رضا امام دائرة اخرى و رفض حكم الاعدام الذي اصدرته محكمة جنايات دمنهور لعدم كفاية الأدلة.. وقتها استعادت رضا حياتها مرة أخرى رغم انها ما زالت رهن المحاكمة واحتمالات اصدار المحكمة حكما باعدامها مرة أخرى قائمة وقوية لأنها معترفة وهناك الكثير من الشهود ضدها. ومرت الأيام ووقفت رضا امام محكمة جنايات دمنهور في دائرة جديدة تدافع عن نفسها وتبرر جريمتها البشعة وتحدثت بفصاحة وبلاغة شديدة رغم جهلها الشديد الا انها تحدثت واقنعت المحكمة بدوافعها حتى أصدرت حكمها بتخفيف العقوبة بسجنها 15 سنة أشغالا شاقة وقتها عادت الحياة الى جسد رضا من جديد رغم العقوبة الشديدة التي ستجعلها تقضي افضل سنوات عمرها خلف اسوار السجن العالية.. لكنها استقبلت الحكم بسعادة لانه كتب لها الحياة مرة أخرى .. وصدر الحكم برئاسة المستشار بدر الدين محمود رئيس محكمة جنايات دمنهور وعضوية المستشارين محمود عبد الرحمن وسامي الحسين. انتقلت رضا من السجن المخصص للسجينات الصادر ضدهن احكام بالاعدام الى سجن النساء العادي بين تاجرات المخدرات والمتهمات في قضايا سرقة ونصب وغيرها لكن الاشهر الاربعة التي قضتها رضا في سجن المحكوم عليهن بالاعدام لن تنساها بسهولة ولم يمح الدهر تلك الايام القاسية .. وستظل ذكراها تسيطر على خيالها. تقول رضا الناجية من حبل المشنقة عن جريمتها.. كنت مثل كل الفتيات احلم بزوج هادئ متدين ..وعندما تقدم لي ابن خالتي أجبرتني والدتي على الزواج منه رغم أنني لا احبه وتزوجته وقررت ان اجعله الرجل الوحيد في حياتي .. وهبته جسدي وروحي وقلبي بعدما قتلت حبي بيدي .. بعد زواجنا فوجئت بزوجي وحشا كاسرا مفترسا راح ينهش في جسدي ويعذبني واكتشفت انه رجل مدمن .. عشت اياما شديدة عصيبة.. ولم يمر على زفافنا سوى عشرة أيام الا وتركت منزل الزوجية هربا من تعذيب واعتداءات زوجي .. وفوجئت بأمي بدلا من ان تقف الى جواري ضد اعتداءات وبطش زوجي أعادتني الى منزل الزوجية وانهال علي بالضرب امامها .. وفي هذه الليلة قام زوجي بوضع سلك كهربائي في قدمي وصعقني بالكهرباء وكوى جسدي بالنار .. فانتهزت فرصة النوم وقمت بطعنه بالسكين ثم تخلصت من جثته والقيت بها في مصرف القرية. وعن الأشهر الاربعة التي كانت رضا تنتظر فيها حكم الاعدام تقول رضا كنت امرأة ميتة لا اشعر بالحياة .. لكني كنت على يقين ان الله ليتخلى عني وسوف يقف الى جواري .. بعد عشرة ايام زواج كلها آلام ومآس مستمرة كنت فيها امرأة محطمة وعروسا حزينة .. عندما دخلت العنبر المعد للسيدات الصادرة ضدهن احكام بالاعدام اعتقدت ان حياتي قد توقفت وكنت ارى كوابيس واحلاما موحشة اثناء نومي .. ارى عشماوي وكأنه يقف مبتسما يمسك بحبل المشنقة ينتظر رقبتي ليلف حولها الحبل وينهي حياتي. وتضيف رضا قائلة : اصعب لحظات حياتي كانت عندما اسمع اذان الفجر وهو الوقت الذي يتم فيه تنفيذ الإعدام على المحكوم عليهن بالاعدام... وقتها ترتعد فرائصي ولا تستطيع قدماي حمل جسدي.. وكثيرا ما كنت افقد الوعي عندما يصطحب حراس السجن احدى زميلاتي بعنبر المحكوم عليهن بالاعدام ويتم تنفيذ الاعدام فيها ، وكنت انتظر لحظة تنفيذ الاعدام رغم خوفي ورعبي حتى جاء اليوم الذي حددته محكمة الجنايات لاعادة محاكمتي وجاء الحراس واصطحبوني وقتها اعتقدت انهم جاءوا لتنفيذ حكم الاعدام علي فسقطت فاقدة الوعي ولم اشعر بنفسي الا وانا في مستشفى السجن ... حتى صدر حكم المحكمة فاعاد لي الحياة من جديد .. وهي ايام لن انساها طوال حياتي.