كثيرة هي علامات الاستفهام والتعجب التي أثارتها صحيفة "اليوم" العدد 10635 في المقالة المعنونة ب(الوصفة الحجيلانية في المسألة العطوانية)، وأولى علامات التعجب تبدأ من العنوان الذي يحمل الكثير من علامات الاستفهام التي تدفع القارئ الى دوامة عاصفة من الافكار والاستنتاجات المتناقضة والغريبة في نفس الوقت. بعض القراء ربما استنتجوا سلفا ان المحامي صلاح الحجيلان يقدم وصفة استشارية لرئيس تحرير صحيفة القدس عبدالباري عطوان تعينه على الخروج من السقطات القانونية الكثيرة التي ارتكبها بحق المملكة العربية السعودية وزعامتها السياسية، والتي قد تكلفه الكثير الكثير داخل اروقة المحاكم، ولكن الحقيقة المرة هي غير ذلك الاستنتاج، وهو الامر الذي يوضحه الشق الثاني من عنوان المقالة ومحتواها. فالمحامي صلاح الحجيلان يترافع نيابة عن عبدالباري عطوان وضد من؟ ضد وطنه ومجتمعه واخوته الذين تضرروا كثيرا من سقطات عبدالباري عطوان القانونية التي رددها كثيرا من خلال المحطات الفضائية وعلى صفحات جريدته "القدس" التي تصدر من لندن، تلك السقطات التي وزعت بسخاء كبير على كل ما هو سعودي بدءا من القيادة السياسية والقيادات الدينية والمجتمع السعودي بأسره، لا ابالغ ابدا اذا ما قلت ان جميع من له علاقة بهذه البلاد الطاهرة اصابته شظايا عبدالباري عطوان المتجنية. ما الذي يدفع استشاريا في القانون يتمتع بسمعة مميزة خصوصا لدى الاعلام الدولي بقبول الترافع نيابة عن عبدالباري عطوان ضد وطنه الذي عاش وترعرع فيه ونهل من خيراته؟ هل اخلاقيات المحاماة هي التي تفرض عليه قبول مثل هذه القضايا؟.. نعم لكل شخص ايا كانت قضيته حق التوكيل وطلب العون من المحامين للترافع عنه، ولكن هناك ايضا اخلاقيات خاصة تسمى باخلاقيات مهنة المحاماة تفرض على المحامين الاعتذار عن قبول بعض القضايا لاسباب جوهرية، واعتقد ان هذه القضية تحمل من الاسباب الجوهرية الكثير مما يجعل مجموعة كبيرة من المحامين غير السعوديين يرفضون قبولها، فما بالك بمحام سعودي متخصص. هل هي خطوة غير محسوبة أقدم على اتخاذها المحامي صلاح الحجيلان ام ان وراء الأكمة ما وراءها؟.. لن نخوض في التوقعات بل سنخاطب المحامين بالحقائق التي طالما طالبوا بها لصالح موكليهم، ولكنهم أول من يخفيها ويميعها اذا اصبحت خطرا يهددهم ويهدد موكليهم. هذه الحقيقة التي يبحث عنها المحامون، هي حقيقة المصالح، او الحقيقة النسبية التي لم يتطرق لها العالم اينشتاين على الرغم من نظرية النسبية التي ابتدعها في حياته. الحقيقة التي حاول الحجيلان خلط عناصرها الحقيقية تظل واضحة وضوح الشمس لكل لب. مهما استخدم فيها من الفاظ متخصصة وتعابير قضائية فضفاضة، ومهما ابدع في اخراجها واستبدال الادوار بين ابطالها بان وضع الضحية في قفص الاتهام وترافع نيابة عن المتهم، هل يعلم المحامي الحجيلان بان الضحية هي السعودية؟ وان الجاني هو عبدالباري عطوان؟، فان كان يعلم فتلك مصيبة وان كان لا يعلم فالمصيبة اعظم. يقال "رب ضارة نافعة" فإن تسببت هذه القضية الغريبة، التي ترافع بها ابن الوطن ضد وطنه لمصلحة من تجنى على وطنه، في الضرر الكبير لكل من ينتمي لهذه البلاد الطاهرة، فان فيها كثيرا من النفع الذي ستأتي به الايام القادمة ان شاء الله، ولكني سأتحدث عن نفع قد يتحقق قريبا وهو امر طالما تمنيت تحقيقه من قبل ولعل الوقت قد حان لطرحه وتبنيه، لماذا لا يكون لدينا مكتب محاماة عالمي متخصص يترافع نيابة عنا ضد كل من يتطاول على المملكة العربية السعودية بالقذف والتشهير الاعلامي، ربما يصعب تبني هذا الاقتراح على المستوى الرسمي ويرجع ذلك لسبب ان الدول عادة لا تحب الخوض في مثل هذه القضايا كما انها لا تحبذ ان تكون متواجدة كطرف مدعٍ في اروقة المحاكم. ولكن ماذا عن المستوى الشعبي؟ لماذا لا تكون هناك جمعية شعبية تهتم بقضايا التشهير والقذف والاكاذيب التي تتعرض لها المملكة وشعبها، لماذا لا تشكل هذه الجمعيات الشعبية في العواصم العالمية وتدعم ماليا لتحقيق اهدافها العادلة، هناك قذف صريح وتشهير يبث علانية من خلال بعض المحطات الفضائية العربية، وبعض الصحف الصفراء التي تطبع في اوروبا، ومن اليسير جدا على اي محامٍ مبتدئ اثبات مثل تلك القضايا، خصوصا من فم عبدالباري عطوان الذي لا يغلق ابدا في محطة (الجزيرة) الفضائية. معظم المحطات الفضائية العربية تبث من الدول الاوروبية، او تنتج برامجها من تلك البلدان وهي تبث احيانا عن طريق الاقمار الاوروبية او شركات الكيبل العالمية، اما الصحف العربية الصفراء فهي تطبع وتوزع في الدول الاوروبية. اذ من الممكن رفع قضايا التشهير والقذف ضد بعض تلك الوسائل الاعلامية امام المحاكم الاوروبية، وامام اي محكمة ذات اختصاص بمثل هذه القضايا. الدور الشعبي يجب ان ينمى ويدعم ويستفاد منه في القضايا الوطنية المشتركة، يجب ان نقف بشجاعة امام هذه المحطات والصحف وامام كل من يتعاون معها خصوصا من ابناء جلدتنا الذين اصبح البعض منهم يتسول المشاركة في بعض البرامج الحوارية دون ان يعلموا الهدف المشين الذي يجرهم اليه القائمون على تلك المحطات ويسعون الى تحقيقه من خلالهم. حس النية لاتعفي الانسان من المسؤولية أبدا.