هؤلاء الذين يهاجمون الاعجاز العلمي في القرآن الكريم ليس لديهم ثقافة علمية فلا يستطيعون التفرقة بين الفرض والنظرية والقانون والحقيقة هم يتخيلون العالم كله فروض ونظريات وهذا غير صحيح .. فالعلم يصل إلى قدر من حقائق هذا الكون وهذه هي النقطة الأولى، اما النقطة الثانية فهي أن القرآن نزل إلينا لنفهمه ولم ينزل لمجرد البركة .. القرآن كله بركة لكنه لم ينزل للتبرك وتلاوته في المآتم والمناسبات المختلفة .. القرآن هو دستور حياة كامل نزل لنفهمه ونستوعبه فلا يجوز أن تبقى هذه الآيات القرآنية وهي تمثل سدس القرآن بغير فهم لان تفسيرها في إطار اللغة وحده لا يكفي وهذا لا ينفي إن اللغة مطلوبة لان القرآن نزل بلسان عربي مبين لكن لابد أن نفهم دلالة الألفاظ من الناحية اللغوية وأساليب التعبير القرآني ونفهم أسباب النزول والمأثور من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك جهود السابقين من المفسرين . ان العلم الكوني في تطور مستمر ونماء مستمر ومن خلال التطور العلمي نصل لحقائق كثيرة فيتم توظيف هذه الحقائق لتفسير مدلول هذه الآيات التي تشير إلى الأعجاز العلمي وإلا سنظل نعيش على جهود المفسرين السابقين وهذا لا يرضي الله ولا الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الضروري أن يظهر من كل جيل من أبناء المسلمين من يقدم هذه الخدمة لفهم دلالة هذه الآيات الكونية لأن الآيات الأخرى المتعلقة بالدين بركائزه الأربع الأساسية . العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات مصاغة في القرآن صياغة واضحة بشكل لا يلتبس على اثنين من الناس بينما الآيات الكونية تحتاج إلى جهد فالعلم الكوني في نماء مستمر وهذه الآيات لابد أن تنفرد معانيها مع نمو العلم حتى يظل القرآن الكريم مهيمناً على هذه المعرفة الإنسانية . ومن اعظم جوانب الإعجاز في القرآن الكريم أن الآية ترد بألفاظ محددة يرى فيها أهل كل عصر معنى من المعاني وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية ليبقى القرآن الكريم مهيمناً على هذه المعرفة مهما اتسعت دوائرها . ليس من المنطق ابداً أن أظل أعيش طوال عمري على جهود المفسرين السابقين مع تقديري وإجلالي لهم لأنهم قاموا بأعمال عظيمة لم يقم بها جيلنا للأسف الشديد .. إن التفسير العلمي للقرآن هو أن يتم شرح هذه الآيات في إطار المعرفة العلمية المتاحة في كل عصر وليس من ذلك أي خوف .