عندما كان مركز التجارة العالمي Trade Center المكون من برجين شامخين في سماء نيويورك رمزا وطنيا لاقتصاد الولاياتالمتحدة القوي كان الكثيرون في الولاياتالمتحدة بالذات ينتقدونه ويصفونه بالبشاعة والتفاهة والغطرسة الامريكية، وما ان هوى هذا الصرح والتصق بتراب الارض حتى تحول الى المبنى الاسطورة او المبنى المقدس، ومنذ الحادي عشر من سبتمبر وحتى الان والمعماريون وغير المعماريين في الولاياتالمتحدة منقسمون حول اعادة بناء المركز من جديد، ففي استفتاء اجرته احدى المؤسسات على الناجين وسكان نيويورك بعد الهجوم بفترة وجيزة ايد 64 بالمائة اعادة بناء المركز مقابل 29 بالمائة من المعارضين والبقية التزموا الحياد، والمؤيدون على اعادة البناء يصرون على التعجيل بذلك وبنفس التصاميم السابقة حفاظا على كرامة الولاياتالمتحدة، بل ان من هذه الفئة الكبيرة من هم اشد تعصبا كأولئك الذين يطالبون بان يكون التصميم الجديد للمركز على نحو اكبر واعلى وافضل مما كان عليه في السابق، ومن هؤلاء عميد كلية العمارة في جامعة كولمبيا وعمدة نيويورك الذي اقسم بان المركز سيعاد بناؤه على نحو ما، بالمقابل هناك فئة اخرى قليلة تفضل الاكتفاء باقامة نصب تذكاري بسيط في موقع المركز المنهار، وفي هذا الصدد فان احد الحانقين على المركز والمعارضين لوجوده من الاساس وهو محام من منهاتن سبق ان قاد مظاهرة للمطالبة بهدمه يقول: كان ينبغي الا يشيد هذا المبنى من البداية ورغم انني لم اكن ارغب في ازالته بهذه الطريقة الا ان ما حدث قد حدث وعلى اية حال لا يجب ان يتم اعادة تشييده وارى ان من الواجب تحويله الى حديقة للتذكير بالضحايا. من الافكار الاخرى المطروحة تشييد اربعة مبان يتألف كل منها من خمسين طابقا وهذه وجهة نظر مالك المركز لاري سيلفير ستين اثنان من الفنانين كانا يعملان في استوديوهات تقع في الطابق الثاني والتسعين من البرج الاول اقترحا اعادة بناء المركز بالاشعة الضوئية باستخدام شعلتين من الضوء الابيض ليعود البرجان من جديد في افق نيويورك. اما المعماري تشارلز هاربر وهو مدير المعهد الامريكي للعمارة فيتوقع اعاةد بناء البرجين على نحو مختلف، وبانتظار ما ستسفر عنه الامور فان القرار النهائي باعادة بناء المركز من عدمه سيكون قرارا متداخلا بين المالك والسلطات المحلية في منهاتن وكل من حاكم وعمدة نيويورك والبلدية والحكومة الفيدرالية، واذا كان القرار النهائي سيسمح باعادة بناء المركز حسب التصاميم السابقة فان هذا المركز سيكون اول حالة استنساخ في التاريخ في المجال العمراني لبرجين توأم، وربما نشاهد المناهضين لاستنساخ البشر في الولاياتالمتحدة ينظمون المسيرات والتظاهرات احتجاجا على عملية الاستنساخ لهذا المبنى الرمز، بل ربما ياتي من ينادي باستنساخ جميع الضحايا الذين قضوا نتيجة الانفجارات حافظا على شموخ وهيبة الولاياتالمتحدة وهكذا هي بلاد العم سام بلاد العجائب والمتناقضات.