عندما يرحل من تعب عن الدنيا يعصرك الحزن وتحتل مخيلتك الذكريات تلوذ بها صامتا فتدمع عيونك وأنت تسترجع أيامها التي مضت وساعاتها التي انطوت وكأنها حلم جميل متعتك به الحياة وتعتق مع الزمن وازدادت حلاوته بعد فقدان صاحبه. آباء وأمهات وأعزاء يرحلون عنا بين الحين والآخر وكأننا نهدم جزءا من بنائنا النفسي والعاطفي الذي نحتاج الى زمن يطول ويقصر حسب مكانة صاحبه كي نعود الى توازننا النفسي والعاطفي السابق. حياة مليئة بالفقد كما هي مليئة بالكسب واللقاء والمسرات وفي كل منها عبرة وألم فرح وخوف بشارة ودموع ودعاء، نغتسل في نهرها ونحن نعبر بزوارق الذكريات بحورها الطوال. آه يامن ودعتنا في لحظة سكون عبرت وكأنك تستسلم للرقاد، هادئا دون أرق أو ضجيج، يذكرنا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنكم تموتون مثلما تنامون وتبعثون مثلما تستيقظون) او كما قال صلى الله عليه وسلم. خلدت روحك يا عماه، ونحن ننظر والدعاء يتقاذف من أفواهنا، والآيات تنسج خيوط الدعاء بالرحمة، وروحك تنقل الى بارئها. يا لها من ساعة اعتبار ورضاء وإيمان، فأنت وإن رحلت جسما فلن تبرح بعيدا عن عقولنا وقلوبنا. يذكرنا بك الزمان والمكان، سؤال أطفالنا المتصاعد أين جدي؟ متى سنراه في الجنة إن شاء الله؟ نحن مشتاقون اليه والى تعليقاته علينا وابتساماته. نعم انه جد صديق لاحفاده حبيب لكل من عرفه تعلوه الابتسامة في كل لقاء، يتذكره كل من عاشره بحبه للناس ووصله لهم بالزيارة أو الصدقة. وعندما رحل كان في وداعه مئات من الناس جاءت تشيع جثمانه الى مأواه الاخير. رحمك الله يا عماه وأسكنك واسع جناته وألهمنا ومن أحبك الصبر والسلوان وجمعنا في مستقر رحمته بعفوه وكرمه. و(إنا لله وإنا إليه راجعون) وإنا لفقدك يا أبا صالح لمحزونون..