تختلف رؤية المبدع لنصوصه , سواء كان شاعرا أو قاصا, فهناك نصوص أثيرة لدى أي مبدع , تحظى بالدلال, و يمكننا أن نلمس هذا الإيثار والدلال من خلال مكان النص من الديوان , أو إطلاق عنوان النص عنوانا للتجربة كلها , أو التركيز عليه في الأمسيات على مستوى الإنشاد أو الإلقاء , وغيرها من الطرق التي تختلف من مبدع لآخر . هذه بعض مظاهر تدليل النص عند مبدعه , إلا أن هذا التدليل لا يعدو كونه نوعا من أنواع القراءات المتعددة للنص . وفي المقابل هناك نصوص يهمشها المبدع , ولا يعطيها مساحة للظهور في تجربته , فتأخذ مكانا هامشيا, بل قد يقصيها من التجربة تماما , ويحرص على إخفائها . وهذا - كذلك- يدخل في قراءة المبدع لنصه , فيختفي النص , وربما لا يرى النور أبدا . وقد تركن بعض النصوص إلى السكون فينتهي تاريخها , إلا أن بعض النصوص تتسم بالتمرد , فلا تقبل هذا الإقصاء من المنتج (المبدع ) فتبحث عن منتج آخر يتبناها , ويعوضها بمكان أثير , هو في الغالب قارئ آخر . إن رؤية المبدع لنصه ليست الحكم الفصل , كما أنها ليست القراءة الوحيدة , فالنص لا تنتهي قراءاته , ولم يعد الباث المرجع التفسيري للنص الإبداعي , لقد دخل المتلقي في اللعبة , وأصبح ذا دور فاعل يفوق دور المبدع في التفسير والتأويل . يصر بعض المبدعين على أن يقوموا بدور الوصي على النصوص , ويحاولون وأدها استنادا إلى تفسير واحد , وهذا فيه إجحاف بحق النصوص الإبداعية , وكم من مبدع فوجئ بتميز نص ما كان يتوقع له ذلك , أو العكس , فيحتفي النقاد والقراء بنصوص ما كانت محل تدليل لدى المبدع, وكثيرا ما يحتفي المبدع بنصه ولكنه يفاجأ بعدم اهتمام النقاد به. المبدع بالنسبة إلى النص , وخصوصا بعد انتهاء التجربة , ليس وصيا , إنما مجرد قارئ من قراء النص , ولم يعد مقبولا أن يقوم المبدع بتفسير النص , ذلك التفسير الأحادي , الذي لا يقبل المناقشة , بل إن هناك من يرى أن النص " نزهة يقوم فيها المؤلف بوضع الكلمات ليأتي القراء بالمعنى" فالنص متعدد بتعدد القراء , بل متعدد بتعدد القراءة عند القارئ نفسه , والقراءة الأولى غير الثانية أو الثالثة . وإلى لقاء