يرى الفلسطينيون في السفر من قطاع غزة الى دول الخارج ومصر او العودة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر رحلة عذاب مؤلمة لا يتجرأ على القيام بها سوى المضطرين فعلا لذلك. ومعبر رفح الحدودي هو الوحيد بين قطاع غزة ومصر ويشكل المنفذ الوحيد على العالم الخارجي لسكان القطاع في ظل اغلاق الجيش الاسرائيلي التام لحاجز بيت حانون العسكري (معبر ايريز) شمالا وتدمير مطار غزة الدولي. ولا يتمكن حاليا سوى ما بين 100 الى 200 مسافر من اجتياز معبر رفح يوميا رغم عطلة الصيف التي كانت قبل الانتفاضة تشهد تنقل اكثر من ثلاثة الاف مسافر من والى قطاع غزة يوميا. ويوضح مسؤول امني فلسطيني ان اسرائيل لا تفتح معبر رفح سوى خمس ساعات يوميا مما يؤدي الى اختناق شديد بسبب اجراءات التفتيش المشددة. ذلك ان المسافرين المغادرين من قطاع غزة يخضعون لاجراءات تفتيش على اربعة حواجز عسكرية اسرائيلية قبل الوصول الى صالة التدقيق بالجوازات. العجوز الفلسطيني المريض الحاج نجيب انتظر اكثر من 24 ساعة قبل التمكن من تجاوز المعبر متوجها الى مصر لتلقي العلاج. وقال بغضب وحسرة ان الاجراءات الاسرائيلية على المعبر جريمة كبرى بحق الانسانية. وقال وائل مدحت (40 عاما) ان المسافرين يمنعون من فتح نوافذ السيارة على الطريق الممتدة من الحاجز العسكري الاسرائيلي الاول حتى صالة الجوازات. ويؤكد المسافرون انهم يسعون دائما للوصول باكرا الى الجانب الفلسطيني من المعبر كي يتمكنوا من العبور في اليوم نفسه اذا كانوا فعلا محظوظين او في اليوم التالي. لكن الوصول المبكر قد يعرض حياتهم للخطر لان الشريط الحدودي يشهد اطلاق نار احيانا يمتد حتى الفجر وهو ما حدث خلال عبور مدحت وعائلته. ورحلة العودة الى قطاع غزة من معبر رفح لا تقل معاناة عن رحلة الذهاب. ويؤكد احد العائدين ان مئات المسافرين يضطرون الى الانتظار في طوابير تحت الشمس الحارقة ساعات طويلة ويضطر بعضهم الى المبيت في العراء على الجانب المصري حيث لا يسمح الاسرائيليون سوى بادخال اربع باصات يوميا رغم الاجراءات التعسفية التي يتخذونها ضدهم . وبعد الخروج من الجانب المصري للمعبر والصعود الى الباص الذي ينقل المسافرين الى الجانب الاسرائيلي يعتقد المسافر ان المعاناة قد انتهت. ويروي العائدون انهم يضطرون الى الانتظار ساعات طويلة داخل الباص المغلق المحشو بنحو سبعين راكبا امام البوابة الاسرائيلية من المعبر في المنطقة الحدودية بين الجانبين المصري والاسرائيلي. وتروي سامية الزوجة الحامل العائدة مع زوجها الى قطاع غزة انها اصيبت باعياء شديد بسبب الحر واغمي عليها مع سيدة ثانية ووصفت الباص المكتظ بالركاب بانه (باص الموت). واضافت سامية انها رحلة عذاب مليئة بالمآسي في معبر الذل هذا من قوات الاحتلال فاذا اردت فترة نقاهة لاسبوع في الخارج فأنت بحاجة الى راحة لاسبوعين بعد معاناة المعبر . وقال ابو علاء العائد من قطر: وصلنا الى المعبر المصري فجرا كي نتمكن من العبور في ساعات الصباح الاولى لكنه اضطر الى الانتظار حتى اليوم التالي للعودة الى منزله. وقال بغضب ان هدف هذا الاذلال الاسرائيلي للمواطن الفلسطيني هو كسر معنوياته . واضاف متسائلا: اين دعاة حقوق الانسان والعالم واين الرئيس الامريكي جورج بوش الذي يطالب بوقف الارهاب ضد اسرائيل ؟ اليس هذا ابشع انواع الارهاب الذي يمارس ضد اطفالنا وشيوخنا؟. واخذت ام محمد التي تصطحب طفليها تبكي وتصرخ ابنتي سوف تموت من هذا الحر الشديد. ويروي احد الصحافيين رحلة عودته الى غزة من مصر مع زوجته واولاده الستة قائلا: وضعونا في باص واكدوا لنا ان النار ستطلق علينا في حال ما اذا حاولنا النزول منه بسبب الحر، وكان الاطفال يصرخون ويبكون ويطلبون الماء وابنتى الرضيع لم تتوقف عن البكاء بسبب الحر وطول الانتظار . وختم قائلا ان السفر الى اليابان اقرب من اجتياز مسافة تقل عن 500 متر تفصل بين جانبي المعبر. وقال الاستاذ الجامعي نصر الدين المزيني العائد من كندا بعد رحلة بحث تعليمية: المعاناة والمأساة في المعبر لا توصف خصوصا بسبب وجود مرضى وعجزة واطفال معتبرا ان الهدف الوحيد هو اذلال الفلسطينيين مؤكدا انه بات ليلته في العراء على الجانب المصري من الحدود.