الكونجرس الامريكي يعاود ضغوطه بين الحين والآخر على الادارة الامريكية لسرعة نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس وكان الرئيس بوش قد كرر من جديد في تصريحات بنية الامريكان لنقل السفارة الا انه ترك توقيت هذا الاجراء مبهما وعلى مدى نحو عقدين من الزمان والرؤساء الامريكيون يلوحون بنقل السفارة الامريكية الى القدس خاصة خلال قرب موعد الحملات الانتخابية لرئاسة البيت الابيض الامريكي. وتشكل عملية نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس عنصرا هاما لاسرائيل اذ تمثل اعترافا ضمنيا بالقدس عاصمة لاسرائيل وتعتبر الدول العربية والاسلامية هذا تصرفا عدائيا خاصة ان جامعة الدول العربية اصدرت في اجتماعاتها مرارا بقطع العلاقات مع أي دولة تقدم على نقل سفارتها من تل ابيل الى القدس. اجراءات سرية لنقل السفارة الامريكية للقدس وبالرغم من ان الادارة الامريكية لم تتخذ خطوة تنفيذية لانشاء السفارة الامريكية في القدس الا انها وقعت عقدا مع حكومة اسرائيل خلال عام 1989م بتأجير الاخيرة لامريكا قطعة من الارض في القدس تبلغ مساحتها نحو 32 الف متر مربع تقريبا مقابل دولار واحد للمتر في العام ولمدة 99 عاما قابل للتجديد شريطة ان تقيم امريكا على هذه الارض منشأة دبلوماسية امريكية ويرجع ذلك الى الضغوط التي تمارسها لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية في امريكا "ايباك" منذ السبعينات على الكونجرس الامريكي الذي كان يصدر قرارات داعمة لنقل السفارة الى القدس دون ان يتوصل الى اتفاق تشريعي قانوني حتى عدل قانون هيلمز في 26 يوليو عام 1988م الذي اصبح جزءا من القانون العام 100 459 وفي اكتوبر 1988 كان من شأن الكونجرس بالقانون العام ان يفتح الطريق امام اقرار بناء منشأتين دبلوماسيتين يتم بناؤهما بصورة متزامنة في تل ابيب والقدس ويمكن لأي منهما ان تستخدم سفارة لامريكا وتترك للرئيس الامريكي حرية القرار في هذا الشأن، وفي غضون اشهر قليلة في يناير 1989 وعلى اساس تعديل قانون هيلمز جري توقيع اتفاق بين اسرائيل وامريكا على ان تقوم الاولى بتأجير قطعة ارض بالقدس الغربية وتبلغ مساحتها 31250م2 بالحوض رقم 30113 بالقسيمة القديمة رقم 10،11،17،20،21،22 ويبلغ سعر ايجارها دولارا واحدا سنويا للمتر ويسري العقد لمدة 99 عاما قابلا للتجديد وذلك بهدف بناء منشأة دبلوماسية امريكية في القدس الغربية وقد اشار العقد المكون من خمس عشرة صفحة الذي حصلت مؤسسة الدراسات الفلسطينية على نسخة منه ان هذه الارض تقع في منطقة كانت تعرف بمعسكر اللنبي أي موقع الحامية العسكرية البريطانية في عهدالانتداب البريطاني وطلبت امريكيا من اسرائيل وقت ابرام العقد ان يظل الهدف من العقد غيرمعلق ومبهم كما طالبت اسرائيل امريكا بتعهد صريح بأن مشروع نص العقد سيكون سفارة وعلى ذلك بقيت القضية معلقة في لجنة التخطيط الاسرائيلية منذ عام 1992 غير ان التقدم على مسارالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية جعل رئيس حكومة اسرائيل في ذاك الوقت اسحاق رابين عام 1994 يقرر ان الخلافات بشأن قضية نقل السفارة الامريكية للقدس غير مهمة وعلى الجانبين السير قدما. وقد اوضح البروفيسور وليد الخالدي احد مؤسسي مؤسسة الدراسات الفلسطينية وأمين سرها انه وفريق التنسيق مع اللجنة الامريكية للقدس ظل يعمل خلال سبع سنوات ماضية للبحث وجمع الادلة من محفوظات لجنة التوفيق التابعة للامم المتحدة والخاصة بفلسطين في نيويورك ومكتب السجلات العامة في لندن ووزارة العدل الاسرائيلية وورثة الملاك الاصليين للأرض لاثبات ملكية موقع الارض المخصصة لبناء السفارة الامريكيةبالقدس الغربية وقد قامت هذه اللجنة والمؤسسة الفلسطينية بعمل بحث اكدت فيه بالتوثيق المعلوماتي والخرائطي من الجهات المذكورة ان الموقع المرتقب لهذه السفارة به 70% من مساحة الارض ملكية خاصة ل76 لاجئا فلسطينيا من الملاك الاصليين للارض واصبح لهم ضمن ورثتهم 90 مواطنا امريكيا من اصل فلسطينيا والجزء الباقي من مساحة الارض وقف اسلامي صادرته اسرائيل في عام 1948م. ملكية الموقع واوضح البروفيسور وليدالخالدي في بحثه ان وقت ابرام عقد الايجار بين حكومتي اسرائيل وامريكا ضللت الاولى الاخرى بمعلومات خاطئة ومغايرة لحقيقة الارض بالحوض رقم 30113 محل العقد بالقدس على ان الارض بعيدة عن أية نزاعات حول ملكيتها أو ديون عليها في حين ان هذه الارض وقف اسلامي وملك لعدد 76 لاجئا فلسطينيا "مواطنين امريكيين" وبلغ مجموع عدد ورثة الملاك الاصليين حتى اليوم استنادا الى قانون الارث الاسلامي 1000 وارث. تغيير ديموجرافي للموقع وتشير المعلومات الواردة في هذا البحث الى انه رغم ما قامت به سلطات الاحتلال الاسرائيلي من تغيير ديموجرافي لمناطق القدسالمحتلة وجميع الاراضي الفلسطينية سواء في الخرائط الصادرة عن بلدية القدس الاسرائيلية أو على ارض الواقع الا ان لجنة البحث بمؤسسة الدراسات الفلسطينية حصلت على اتفاقيات ايجار بين حكومة الانتداب البريطانية والملاك الفلسطينيين لقسائم هذه الارض متضمنة عروض دفعات الايجار التي قدمها البريطانيون الى الملاك الاصليين، فضلا عن وجود شهادات تسجيل لهذه القسائم وفقا للسجلات العقارية العثمانية والانتدابية البريطانية وخرائط عثمانية وبريطانية لموقع قسائم هذه الارض محل النزاع التي تدعي اسرائيل ملكيتها بعد شرائها من البريطانيين التي كانت تسمى بموقع "معسكر اللبنى" وظلت مراسلات دفعات الايجار من الحكومة البريطانية للقسائم رقم 10،11،18،19،20،21،22 بالحوض رقم 30113 حتى نهاية الانتداب البريطاني في مايو عام 1948، وقد سددت دفعات ايجار من البريطانيين حتى يوليو 1951 وبذلك توجد مستندات للاعتراف البريطاني بالملكية الفلسطينية للقسائم المذكورة والمستأجرة في هذا الحوض. اتفاقية الايجار غيرقانونية وقد وجهنا عدة تساؤلات قانونية لمتخصصين في القانون الدولي حول ملكية وايجار هذه الارض محل النزاع اكد فيها الدكتور استاذ القانون الدولي على عدم قانونية اتفاقية الايجار الموقعة بين الحكومة الامريكية واسرائيل في الاراضي الفلسطينيةالمحتلةبالقدس لبناء السفارة الامريكية عليها حيث ان المواثيق الدولية الخاصة بالاحتلال العسكري التي تنطبق على اراضي القدس وجميع الاراضي الفلسطينيةالمحتلة التي صادرتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي سواء كانت وقفا اسلاميا أو مسيحيا أو مصادرة املاك خاصة فهذا عمل غير قانوني ويتعارض مع القانون الدولي حتى لو اجازه القانون المحلي الاسرائيلي. رفع قضية دولية واكد المحامي مبارك سعدون المطوع امين عام اللجنة الاسلامية العالمية لحقوق الانسان بالمجلس الاسلامي العالمي للدعوة والاغاثة ان اتفاقية الايجار بين الحكومة الامريكية واسرائيل بشأن قطعة الارض بالقدس الغربية المحتلة لبناء سفارة امريكية عليها اتفاقية غير قانونية وباطلة وعلى الكونجرس الامريكي الامتناع عن توفير الاعتمادات المالية الضرورية لتنفيذ هذه الاتفاقية لان هذه الارض توجد لها سندات قانونية قوية تثبت ملكية هذه الارض محل النزاع لعدد 90 مواطنا امريكيا من اصل فلسطيني والجزء الباقي من مساحة هذه الارض وقف اسلامي صادرته اسرائيل عام 1948 واوضح المحامي مبارك سعدون المطوع امين اللجنة الاسلامية العالمية لحقوق الانسان بالمجلس الاسلامي العالمي قيام اللجنة بالاتصال بمؤسسة الدراسات الفلسطينية للحصول على مستندات ملكية هذه الارض للقيام برفع قضية امام محكمة العدل الدولية أو المحاكم المختصة وتكون هذه المستندات موثقة بوثائق ملفات لجنة التوفيق التابعة للامم المتحدة الخاصة بفلسطين ومكتب السجلات العامة في لندن وسجل ملكية الاراضي بالقدس والاوراق العائلية لورثة ملاك الموقع موثقة بخرائط قبل الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية خاصة القدس في فلسطين عام 1948م وخرائط اخرى اجرت عليها سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعديلات لتهويد هذه المنطقة وتغيير معالمها الاسلامية بعد الاحتلال وهذه الوثائق جميعها تؤكد ان هذه الارض ملك للفلسطينيين ومحتلة منذ عام 1948. جريمة دولية يؤكد الدكتور جعفر عبدالسلام استاذ القانون الدولي بجامعة الازهر ان ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات لمصادرة الاراضي والمقدسات الاسلامية يعد جريمة دولية حيث ان ما قامت به اسرائيل من تأجير ارض للحكومة الامريكيةبالقدس لبناء هيئة دبلوماسية عليها خاصة ان هذه الارض ملك لوقف اسلامي وعائلات امريكية من اصل فلسطنيي يعد جريمة دولية تخالف قانون الاحتلال الحربي الذي يعد جزءا من القانون الدولي الذي قننته اتفاقية جنيف الرابعة المبرمة عام 1949 واعلان الاممالمتحدة الصادر عام 1970 الذي اكد انه لا يجوز اخضاع اقليم أي دولة لاحتلال عسكري ناجم عند استعمال القوة خلافا للميثاق ولا يجوز اكتساب اقليم أي دولة من قبل دولة اخرى نتيجة للتهديد باستخدام القوة أو استخدامها فعلا. واوضح الدكتور جعفر عبدالسلام ان الاحتلال العربي حالة فعلية مؤقتة لذلك اكدت اتفاقية جنيف الرابعة أن الاحتلال لا ينقل سيادة على اقاليم أو اراض محتلة الى دولة الاحتلال وعدم الاعتراف بأي تغييرات تجريها اسرائيل في الاراضي المحتلة لذلك ما قامت به اسرائيل من تأجير قطعة ارض للحكومة الامريكية غير قانوني ويعد جريمة دولية من هاتين الدولتين المؤجر والمستأجر مما يتطلب من الدول العربية والاسلامية أو بعض الهيئات الاسلامية ان ترفع هذا الامر الى المحاكم الدولية بمستندات ملكية هذه الارض. ونرى هنا ان ابطال عقد الايجار لا يعني ابطال نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس غير ان الامر يستلزم موقفا عربيا واسلاميا حاسما يجعل الادارة الامريكية وغيرها من الدول العالم تراجع حساباتها قبل الاقدام على هذه الخطوة العدائية الخطيرة.