ان جوهر التنمية البشرية ينبغي ان يتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية واستئصال الفقر الذي تعاني منه الأغلبية الساحقة من البشر، وان يتمثل في التأكيد على تمكين الفئات الضعيفة من الاستفادة من عملية التنمية، والتأكيد على حصول أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة على الائتمان بسعر مناسب. وينبغي ان يستخدم العلم والتكنولوجيا بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات الجديدة في بناء القدرات لأغراض التدريب والتثقيف والبحوث والتنمية. ويستتبع هذا التمكين الحصول على متطلبات أساسية 5 هي الغذاء والمأوى والعمل والرعاية الصحية والتعليم. ولتحقيق غرض التنمية البشرية من اللازم ان تتوافر رؤية واضحة للحالة البشرية المتسمة بالعيوب والاختلالات وان يتوافر التزام بتنفيذ تلك الرؤية. ان التنمية الاقتصادية لا تؤدي بطريقة تلقائية إلى التنمية البشرية، التنمية الاقتصادية تعكس اهتماماً بالمسائل والحقائق الكمية بشأن مؤشرات الإنتاج الوطني والتنمية البشرية لها علاقة بالأمور النوعية مثل الحرية والأمن والرفاهية وحقوق الإنسان والصحة والبيئة. ويتمثل التحدي الأكبر الذي يمثل أمام الإنسانية في تغيير مفهوم النمو والتنمية، جعل الإنسان محور التنمية من معانيه تحقيق التقدم للسكان بالمعنى الأوسع، وليس بمعنى التقدم القطاعي الاقتصادي، جعل الإنسان محور التنمية يجب ألا يعني فقط النمو في معدلات الناتج المحلي الإجمالي أو التوازن الكافي في ميزان المدفوعات فحسب، ولكن يجب ان يعني أيضاً القضاء على الفقر والبؤس وامتهان الكرامة المقترن بذلك، وينبغي ان تتاح للجميع فرص العمالة وان يكون للجميع نصيب في عائدات الرخاء الاقتصادي، ولا ينبغي ان تبقى البلدان الأضعف مجرد مشاهدة للبلدان التي تحتل مركزاً أفضل وهي تتمتع بثمار التقدم، ولعله من الواضح ان قوى السوق والنمو وحدها لن تكون كافية، وان المناهج الوطنية ذات الأهداف المحددة، التي تدعمها بيئة دولية مؤاتية وغير مفروضة، مهمة لتعزيز العدالة الاجتماعية. ان اي نموذج للتنمية يستند إلى عوائد غير متكافئة من شأنه ان يؤدي إلى الضغط على النسيج الاجتماعي وان مصداقية أية استراتيجية للتنمية يجب ان تستند إلى المشاركة الفعالة من جانب أعضاء المجتمع في صياغتها وتنفيذها وفي جني الفوائد منها.