إن حياة الشباب بمراحل نموها المختلفة من طفولة متأخرة ومراهقة متميزة ورجولة أو أنوثة مكتملة ما هي إلا فرص متاحة لاكتساب الخبرات وتنمية القدرات واكتشاف المهارات للاستفادة منها في تهيئة الشباب لمرحلة النضج والاستواء. وتعد مرحلة المراهقة أو البلوغ من أخطر مراحل النمو وأكثرها تعقيدا لما يصحبها من تغيرات كبيرة في جميع جوانب الشخصية فالجسم في مرحلة المراهقة ينمو بطفرة مدهشة ويصاحب ذلك اضطراب في الجهاز الحركي ووظائف الغدد بحيث يجري الدم حارا متدفقا في الشرايين مؤذنا ببدء مرحلة جديدة وبالإضافة الى التغيرات الجسمية والفسيولوجية تظهر التغيرات العقلية وتزول بذلك القيود التي فرضها عصر الطفولة على مواهب الطفل وقدراته المختلفة لتزداد القابلية للتعلم ويشتد جناح الخيال والفكر وتقوى غريزة حب الاستطلاع ويظهر الميل الى الشك والنقد لكثير من الظواهر المحيطة كما يتجه العقل الى التفكير في العقائد ويستهويه بريق الأيدلوجيات مع الرغبة في تكوين فلسفة خاصة في الحياة العامة وربما اتجه ولاؤه لمبادىء معينة أو مثل عليا كما يزداد اعجابه بمظاهر البطولة في صورها المختلفة من شجاعة ووفاء وتضحية في سبيل الدين والوطن. أما التغيرات الانفعالية فتبدو في الحساسية الزائدة واختلال توازن الانفعالات بحيث يميل بعض الشباب الى العنف والرفض وعدم الثبات والتقلب والتناقض أحيانا كما تنتابه حالات من الاكتئاب نتيجة مواقف الإحباط المتكررة إزاء مصادمة المجتمع في كثير من مألوفاته كما يعجز بعض الشباب عن التوافق والانسجام مع عالم الكبار من آباء ومعلمين ورؤساء ومسؤولين فلربما استقر في ذهنه وصف الكبار يالتخلف والرجعية واكتفى لنفسه بالانطواء والبعد عن الواقع والهروب الى عالم الخيال وأحلام اليقظة. ويلزمنا من أجل تربية واعدة أن نعمد الى تقوية الوازع الديني في نفوس الشباب ومراعاة مراحل نموهم مع أهمية ايجاد تعاون وتنسيق كامل بين الأوساط المسؤولة عن تربية الشباب كالبيت والمدرسة والمسجد والمؤسسات الاعلامية والأندية ومراكز رعاية الشباب والمسؤولين عن تنظيماته وأن نبذل جهدنا لوقاية الشباب وتجنيبه الانخراط في سلك المنحرفين لأن النفوس يتأثر بعضها ببعض خصوصا في هذه السن المبكرة كما علينا أن نوفر للشباب كل أسباب النمو السليم وهنا لابد أن يكون منهجنا منهجا علميا قائما على فهم ميول الشباب وغرائزهم مقلين من التوجيه والإرشاد النظري معتمدين بعد الله على القدوة الصالحة والتنشئة المبكرة للعادات الفاضلة.