حينما تطرح وجهة نظر في قضية ما .. تخص مؤسسة .. مجتمعا .. طائفة .. قبيلة .. دولة .. قد تختلف وقد تتفق مع غيرك دون علمك ولا رابط بينكما أنت وذلك الآخر سوى البحث عن الحقيقة التي هي ضالة المؤمن أيا كان مصدرها .. حول بعض السلبيات وبأوضاع الدنيا وأحوالها المتقلبة .. اجتماعيا .. اقتصاديا .. رياضيا .. سياسيا.. للأسف هذه البادرة منك لاتعجب الكثير .. ففي واقعنا العربي يريدون بأن تكون مقولبا أو مؤدلجا – إن جاز التعبير – سياسيا .. اقتصاديا .. رياضيا ..اجتماعيا .. ولولم تكن لديك قناعات !! وإلا فأنت متهم من قبل فئة مريضة .. فردا .. أسرة .. مجتمعا .. مؤسسة .. وسيلة إعلام .. دولة !! وقد وصلت بهم الجرأة إلى تفسيرالنوايا ( ... إن بعض الظن اثم ) والقاعدة الحقوقية تقول ” إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ” أما في نظر تلك الفئة المريضة ف ” إن البريء متهم حتى ولو ثبتت براءته ” ولا أعرف الأسباب التي جعلتنا ننهج هذا النهج الرديء !! ( 2 ) * فحينما تكون في تجمع وتشارك برأيك ، وقدّر بأنك تفوهت وانتقدت مواقف متخاذلة لبعض الأنظمة العربية نحو قضيتنا المركزية ( فلسطين ) ناهيك عن بعض القضايا الأخرى، وعبرت عما يختلج في صدرك وأبديت وجهة نظر متواضعة لاتدّعي كمالها ونضجها ... قف فأنت متهم أمام انظار تلك الفئة المريضة !! * وحينما يكون لك ظهورا وإن لم يكن مميزا .. أومميزا.. في مشهد إجتماعي على أي صعيد ، وتعتلي منبرا وتشارك غيرك ممن أتيحت لهم الفرصة أيضا ، فأن يحاربك شركائك في تلك المنابر هذا مفهوم ومقبول ، ولكن أن تُحارب من قبل من تنافح عنهم !! ليس لرداءة عرضك وإنما لمجرد ظهورك لأن ذلك الظهور بالنسبة لهم لعنة .. هكذا يعتقدون !! إنها ردّة الفعل الخبيثة التي تجعلك متهما أمام هؤلاء !! * وحينما تكون في دائرة .. جمعية .. مؤسسة .. دولة ما .. وتطالب بحق من حقوقك وكنت تتضجر بسبب التأخير في نيل تلك الحقوق بفعل (البيروقراطية) المقيتة ، ولإهمال من قبل هذا المسؤول أو ذاك ، وتتقدم بشكوى لكل من يهمه الأمر ولا تجد حلولا لمشكلتك ، ومن ثم تتقدم بشكوى لمؤسسات حقوق الإنسان ... ثق بأنك متهم أمام هؤلاء!! * وحينما تمارس هواية القراءة في أجواء سفرعربي ، فتُمسك بكتابك وتحتظنه باشتياق ولهفة ويسيطرعلى مشاعرك وتفكيرك وتبدأ بقراءته ، وفي لحظة توقف عابرة بعد عناء القراءة تفاجأ بالكثير ممن حولك ، وممن قتله الفراغ يحاول بنظراته استراق شيئا مما تقرأ ، ولو قمت من مقعدك لقضاء حاجة ما ، وتركت كتابك على مقعدك فتلك البادرة منك أغلى أمانيه لمعرفة عنوان ذلك الكتاب ومن ثم ... قف فأنت متهم أمام هؤلاء!! * وحينما تتواصل إجتماعيا فتبارك لإنسان ما .. بمولود أومنزل أوسيارة أو تعود مريضا مع الدعاء لكل هؤلاء ، ونطقت بكل ماتحفظه من الأذكار والأوراد الشرعية ، فلو أصاب ذلك المولود أوالمنزل أوالسيارة أو المريض أي عارض بعد مغادرتك .. فثق بأنك متهم أمام هؤلاء !! * وحينما تتصدق كفرد .. أسرة .. جمعية .. مؤسسة .. على إنسان صاحب عوز وتلتزم السرية في ذلك ويُكتشف أمرك ... ثق بأنك متهم أمام هؤلاء !! * وحينما يسترك الله كفرد .. أسرة .. جمعية .. مؤسسة .. في أمر ما.. ليس ذي بال .. ويتسرب إليهم من خبرك وقصتك شيء ولو كان يسيرا ركّبُوا لذلك الشيء اليسير الذي خبروه أجنحة وطيروه في الآفاق ثم .. قف فأنت متهم أمام هؤلاء !! * وحينما تخلص في عملك كفرد .. أسرة .. جمعية .. مؤسسة .. وتؤدي جميع الواجبات الملقات على عاتقك لأنك تخشى الله أولا.. وآخرا .. أوتتصرف تصرفا أو تعمل عملا يحاكي غيرك دون علمك أوبعلمك أحيانا من منطلق أنه ليس عيبا أن تقلد الحميد من الأفعال ولكن العيب كل العيب أن تقلد الخبيث منها .. قف فأنت متهم أمام هؤلاء !! * ومع كل تلك الحالات ستُطرح اسئلة تفتقد البراءة : لماذا ؟ وماسبب ؟ وكيف ؟ وماالهدف ؟ وماالقصد؟ ( 3 ) من أفسد عقولنا وقلوبنا !!؟ فجعلها ملوثة بهذا الداء اللعين !! ولماذا جُبلنا على عدم قبول مشاركة الآخر وعدم تقبل مايبديه وتنقّصه وإساءة الظن به !!؟ والأصل بأن المجتمع مبني على التكافل والتلاحم !! من زرع هذه الشكوك!!؟ ونحن نعرف بأن الأصل في الأموركلها احسان الظن حتى يثبت العكس!! ولماذا نفتقد سلامة الصدر !!؟ “...ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ... ” نحن هنا لم نقل أكثر من ” ... مابال أقواما يفعلون كذا .. وكذا ...” ( 4 ) هذه السلوكيات ليست في مجتمع عربي دون آخر !! وبلا شك أن هذه السقطات تدمي القلب ، والناس في تعاملهم معها على ثلاثة أصناف . الصنف الأول: من يعفو مطلقا ويمتثل : ( ادفع بالتي هي أحسن ... ) أو يمتثل : ” واصبر على حسد الحسود... ” وهذا من النوادر ، والصنف الآخر: من يستحضر ماأثر عن أحد علماء الأمة في موضوع العفو قوله : ” ... العفو لايكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد فالأفضل إلا تعفو عنه ، وإن كان قليل الخطأ فالأفضل العفو .. فلا بد من مراعاة الإصلاح عند العفو ...” والصنف الثالث : من يصادم وينتقم من غريمه، وحالهما كطائرين يعيشان صراعا مريرا فيما بينهما مما يتيح الفرصة لقط يتربص بهما . (5 ) إن تلك الأغصان إذا تُركت نمت وترعرت .. وبالتالي لا يفيد معها الضرب على أوتارها إذ لابد من اجتثاثها من جذورها إذا لم تستجب للعلاج .. وهذا ليس من الإقصاء المطلق أي لذات الفرد .. الأسرة.. المجتمع .. المؤسسة .. وإنما الإقصاء هنا إقصاء لذلك الفعل ( الخلق) الرديء وتلك الأغصان الخبيثة .. وهذا هو منتهى الرفق .. فنحن على ظهر سفينة واحدة ، وهذه السلوكيات لاتساعد مجتمعاتنا على الإنتاج .. إنها أكبرمعوق ، وإنها الفيروس الذي ينخر في جسد المجتمعات التي تصبو نحوالإنتاجية والرقي ، وأن من يغذي مثل تلك السلوكيات وينميها لاشك بأنه يشكل طابورأ خامسا وعبئا على مجتمعه وأمته بعلمه أوبغير علمه . ( رؤية / عبدالعزيز النعام ) https://twitter.com/AAzizAlnaam فيس بوك http://ar-ar.facebook.com/people/Abd...00002082675248