يسترجع ضيوف الرحمن عبق التاريخ وعراقته من خلال مرورهم بمساجد المشاعر المقدسة أو الصلاة بها ، خلال رحلتهم الإيمانية التي تمثل مكانة كبيرة لدى المسلمين ، وفي طليعتها مسجد نمرة في عرفات ، ومسجد "الخيف والبيعة" في منى ، والتي تقف شاهدة على العناية بها من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين –حفظهما الله- ، بعد أن مرت بعدة تغيرات وترميمات عبر العصور الإسلامية والحقب التاريخية المختلفة. ويؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة ، الذي يعرف بعدة أسماء منها مسجد إبراهيم ، والخليل، وعرفة ، وعُرنة " ، وشهد المسجد أضخم توسعاته ، لتصل مساحته إلى 18 ألف م2 ليصبح بذلك ثاني أكبر مسجد بمنطقة مكةالمكرمة من ناحية المساحة بعد المسجد الحرام ، حيث يستقبل أفواج الحجيج في فترة مبكرة تسبق موعد الوقوف في مشعر عرفات. فيما يقع مسجد الخيف على مقربة من "الجمرة الصغرى"، وهو مبني على الطراز العربي الإسلامي على يمين الذاهب إلى عرفات، و مرت عمارته بعدة مراحل ، وتُعد توسعة المملكة للمسجد الأكبر في تاريخه ، إذ بلغت أكثر من 45 ألف م2 ، خلاف المساحات المهيأة للمصلين حول المسجد ، ممثلاً المسجد منارة حقيقية لإنارة الطريق أمام حجاج بيت الله الحرام ، ومسجد البيعة الذي يقع أسفل جبل "ثبير" التاريخي المطل على ساحات الجمرات ، ويمثل حقبة مهمة من تاريخ الدعوة الإسلامية في العهد المكي ، ففي هذا المكان عقدت أول بيعة في الإسلام ، في عهد كانت الدعوة فيه تعيش حصاراً خانقاً من أهل الضلال في مهبط الوحي ومنطلق الرسالة مكةالمكرمة ، ويبعد عن الجمرة الكبرى حاليا "1كم" تقريباً ، وتقدر مساحته ب 500م2 . وأوضح المهتم بتاريخ مكةالمكرمة الدكتور إسماعيل خليل كتبخانة أن هناك مساجد تاريخية لها مكانتها ومنها مسجد الصخرات بعرفات ، الذي يقع أسفل جبل الرحمة ، من الناحية الجنوبيةالشرقية على يمين الصاعد إليه ، وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وهو على ناقته القصواء، كما في حديث جابر رضي الله عنه المشهور في المناسك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في موضع مسجد نمرة ثم ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة "أي طريقهم الذي يسلكونه في الرمل النهاية " بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص "صحيح مسلم " . ويمثل مسجد المشعر الحرام "مزدلفة " مكانته في نفوس حجاج بيت الله الحرام ، وقد سمي بذلك لوقوعه في المشعر الحرام بمزدلفة مما يلي عرفات بأسفل جبل قزح ، وقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم ، ولقد أطال الأزرقي في وصفه ، ولم يكن المسجد هذا في مستهل القرن الرابع عشر الهجري ، سوى جدار في غرب موضعه يشير إلى القبلة ، وبعد ذلك تم بناء المسجد على مساحة حوالي 1000 متر مربع وكان بناؤه متواضعاً ، ثم جددت عمارته عدة مرات ، كان آخرها التوسعة التي قامت بها حكومة المملكة العربية السعودية عام 1395ه ، وتبلغ مساحة المسجد الحالية 6000م2 ويستوعب 8000 مصل. كما كان بالمشاعر المقدسة مسجد صغير في سفح جبل الصابح جنوب مسجد الخيف ، يسمى مسجد "المرسلات"، وسمي بذلك لنزول سورة المرسلات على رسول الله في غار من موضعه ، ومسجد الكوثر الذي يقع وسط منى على يمين القاصد إلى عرفات ، وقيل أن سورة الكوثر نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكان هذا المسجد ، وهناك مسجد شهير بالمشاعر المقدسة ، وهو مسجد الكبش وهو موضع معروف من منى إلى يسار الذاهب إلى عرفات ، وهو في شمال جمرة العقبة على نحو 300 متر منها في سفح جبل ثبير ، ويقال أن الكبش الذي أضيف إليه هو الذي فدى الله به نبيه إسماعيل عليه السلام لما شرع الخليل بذبحه ، وبجوار هذا المسجد الصخرة التي ذبح عليها الفداء. وقد تم تعقيم وتطهير مسجدي نمرة والمشعر الحرام والمرافق التابعة لها في المشاعر المقدسة من خلال تقنية "الأوزون" ، إضافة لأعمال الصيانة وفق أعلى معايير الجودة بما يضمن أداء الحجاج نسكهم بكل يسر وطمأنينة.