مضت المملكة منذ توقيعها على ميثاق منظمة الأممالمتحدة عام 1945 م داعمة ومناصرة لجهود المجتمع الدولي سعياً لإحلال الأمن والسلام الدوليين ، مرتكزة على ثقلها السياسي ودورها الريادي عربياً وإسلامياً ، وبمشتركات مبادئ الميثاق فعملت ولازالت على معالجة مختلف القضايا بالحوار البناء ،وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومكافحة الإرهاب . ومع بلوغ الأممالمتحدة عامها الخامس والسبعين تشارك المملكة بوصفها عضواً فاعلاً المجموعة الدولية في مختلف المهام المنضوية تحت أعمال المنظمة التي ستحتفي يوم الاثنين القادم 21 سبتمبر بذكرى تأسيسها، وبحسب إعلان أمينها العام أنطونيو غوتيريش عنونت الفعالية المقررة عبر الاتصال المرئي ب "حوار الناس " . وجريا على نهجها السنوي تحتفي الأممالمتحدة بهذه المناسبة استشعاراً لمبادئ الميثاق المُوقع عليه في سان فرانسيسكو في 26 يونيو 1945 م ودخل حيز التنفيذ في 24 أكتوبر من نفس العام بوصفة نواة التأسيس لهذه العصبة الأممية وتبنته الدول الأعضاء فيما كانت الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها. واتساقاً مع مضامين هذا الميثاق الأممي الذي حمل آمال الشعوب نحو حياة خالية من ويلات الحروب والنزاعات والأزمات المعيشية والحوادث الطبيعية عملت المنظمة على أن يكون ذلك هدفاً أسمى عبر الحفاظ على السلام وتحقيق الأمن والدفع بالرقي الاجتماعي قًدما ورفع مستويات الحياة ، فضلاً عن تعزيز القانون الدولي ، والنهوض بحقوق الإنسان. وتلتزم المملكة بالأسس التي تضمنها ميثاق الأممالمتحدة ، فمنذ أن وقعت ضمن إحدى وخمسين دولة على الميثاق ومثلها في ذلك المحفل العالمي وزير خارجيتها آنذاك ، الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – سعت نحو تطبيقه على الواقع وحرصت على دعم المنظمة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبراً مهماً للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات . وتتمتع المملكة بعضوية عدة منظمات ولجان في الأممالمتحدة منها عضوية فريق الأممالمتحدة القطري، ومنظمة التجارة الدولية، و"اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة"، واتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، واتفاقية الأممالمتحدة ضد الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية، واتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وعضوية الرابطة الدولية للمندوبين الدائمين في الأممالمتحدة، في حين انضمت المملكة مؤخراً لعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة. وتعتز المملكة بالتزامها بالأسس التي تضمنها الميثاق وبسعيها الدؤوب نحو تطبيقه على الواقع لذا حرصت على دعم منظمة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبراً مهماً للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات .. كما أكدت المملكة على حقيقة أساسية مفادها أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بجميع هذه الأدوار وكل تلك الأعباء تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ الفعلي والعملي . وانبرت جهود المملكة بحكم عضويتها ودورها الفاعل في المنظمة صوتاً عربياً وإسلامياً وأممياً تترجمها خطابات قادتها من على منبر الأممالمتحدة دفاعاً عن مختلف القضايا العربية والإسلامية، ودعماً لقضايا الأمن والسلام، والدعوات المتواصلة للحوار بين الحضارات، إضافة إلى مواجهة الإرهاب، وقضايا التنمية والإغاثة والأعمال الإنسانية، إضافة إلى إقامة العلاقات الإنسانية على قواعد الحق والإخاء والعدالة بين الشعوب. وتعزيزاً للدور الفاعل لهذه المنظمة في حياة شعوب العالم فقد أكد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – في خطابه لدى مشاركته عام 1957 في احتفالات المنظمة بذكرى توقيع ميثاقها ،أي بعد عشر سنوات من تأسيسها ، أن العالم استبشر بميثاق الأممالمتحدة وبميلاد فجر عهد جديد من السلام والحرية والأمل بين جميع الشعوب. وحمل خطاب أول ملك سعودي يشارك في اجتماعات المنظمة تأصيلاً للقيم الإنسانية المشتركة الباعثة على التعاون بين الشعوب حيث قال – رحمه الله – :" إننا نؤمن بالقيم الإنسانية والروحية، وبالمثل الأخلاقية، وبحق كل إنسان في الحياة الحرة الكريمة الآمنة، والتعاون المثمر الصادق بين البشر لخيرهم المشترك " . وانطلاقاً من مكانة المملكة الإقليمية والدولية وكعضو مؤسس بمنظمة الأممالمتحدة خاطب الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – عام 1962 م ، قادة وممثلي الدول الأعضاء خلال احتفاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمرور خمسة عشر عاماً على تأسيسها ، مشدداَ على أهمية اضطلاع المنظمة بأدوارها المعلنة ، ومما جاء في كلمته – رحمه الله – : " لتكون الأممالمتحدة جديرة بالبقاء وبمبادئ ميثاقها؛ فعليها أن تضمن العدالة والسيادة القومية للجميع، وأن تجتهد في منع خرق مبادئ القانون الدولي، وجميع المبادئ التي أعلنت عنها الأممالمتحدة. وواصلت المملكة على مدى ثلاثة عقود حضورها فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة ففي الأعوام 1985م و 1995م و 2005م ، رأس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، وفود المملكة. وتناول – رحمه الله – في كلمة المملكة التي صادفت عام 1985 م مرور 40 عاماً على تأسيس الأممالمتحدة مختلف الأوضاع السياسية الراهنة آنذاك في منطقة الشرق الأوسط. وفي الذكرى الخمسين لتأسيس المنظمة عام 1995م ألقى سموه – رحمه الله نيابة عن الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – كلمة جاء فيها : " إن قدرة الأممالمتحدة على العطاء طيلة الخمسين عاماً الماضية ودورها البناء في حشد التعاون الدولي يجعلنا أكثر تصميماً على مساعدتها لكي تمضي في أداء رسالتها وخاصة أنها اليوم أمام مفترق طرق يتحدد معها مستقبلها، وإن كان المعيار الأساسي لنجاحها هو مدى فعاليتها في خدمة السلام والأمن الدوليين فلا بد من التنويه بضرورة الالتزام بميثاق الأممالمتحدة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ". وجددت المملكة في قمة الألفية الجديدة عام 2000م المتزامنة مع مرور خمسة وخمسين عاماً على تأسيس الأممالمتحدة ، تأكيدها على الدور الأممي لتحقيق السلام حيث تضمنت كلمة المملكة التي ألقاها -ولي العهد آنذاك- الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – :" إن بلادي تعتز بأنها إحدى الدول المؤسسة لهذا الصرح الكبير الأممالمتحدة وتفخر بأنها كانت وما زالت عضوا نشطا وفعالاً تجاه أعمالها ومهامها وتؤكد اعتقادها الراسخ أن الأممالمتحدة تبقى أمل البشرية الأكبر بعد الله في تحقيق تجنب الأجيال القادمة ويلات الحرب رغم ما قد يشوب آليات العمل من شوائب أو يعترضها من عقبات أو صعاب ". وخلال مشاركة المملكة في احتفال الأممالمتحدة بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيسها جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس الوفد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية آنذاك – رحمه الله – : إنه إذا كانت مبادئ وأسس ميثاق الأممالمتحدة لم تجد دائما الالتزام المطلوب لها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية الأمر الذي أثر في كثير من الأحيان على فعاليتها ومصداقيتها إلا أن قدرتها على الاستمرار في الوجود والأداء وما قدمته وتقدمه من إسهامات جليلة في مختلف الحقول الإنسانية كفيل بأن يمنحها ما تستحقه من التقدير وما تحتاج إليه من الدعم والمساندة. وخلال ترأس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، وفد المملكة المشارك في احتفال الأممالمتحدة بالذكرى الستين لتأسيسها عام 2005م ألقى – رحمه الله – كلمة المملكة نيابة عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – وقال فيها: إن المملكة تقدر الدور الحيوي للمنظمات التابعة للأمم المتحدة وتأمل أن تؤدي الجهود المبذولة لإصلاح الأممالمتحدة إلى تقوية هذه المنظمات وزيادة فعاليتها بما يتوافق مع تطلعات شعوبنا، وإن تحقيق الأمن والسلام يتطلب الالتزام بمبادئ ميثاق الأممالمتحدة وتجنب ازدواجية المعايير في القرارات. ولم تقتصر جهود المملكة على المشاركات السنوية في احتفالات واجتماعات الأممالمتحدة فقط، بل أكدت المملكة حرصها دوماً على العمل على دعم الأممالمتحدة ووكالاتها ولجانها والمنظمات التابعة لها من خلال الدعم المالي واللوجستي والعيني والمبادرات . ومن أبرز جهود المملكة في دعم الأممالمتحدة المقترح الذي تقدم به الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – في عام 2006 م " بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب " وفي نفس العام تبنت الأممالمتحدة قراراً يقضي بذلك، وفي شهر سبتمبر من عام 2011م تم تدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب وأعلنت المملكة العربية السعودية حينها مساهمتها بمبلغ عشرة ملايين دولار لتغطية ميزانية المركز لثلاث سنوات. ومن أوجه دعم المملكة لأعمال الأممالمتحدة ، تفضل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بدعوة أممية للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في العالم، وفي 13 أكتوبر 2011 م وقع سمو الأمير سعود الفيصل – رحمه الله – في العاصمة النمساوية فيينا اتفاقية إنشاء " مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار ". وتعددت جوانب دعم المملكة فشملت الإسهام في الحد من آثار الكوارث الطبيعية ومكافحة الفقر والأمراض من خلال تبرعها لصناديق الأممالمتحدة المتعددة ومنها برامج الغذاء العالمي، ووكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وشغل منصب المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأممالمتحدة عدة سفراء : أسعد الفقيه 1948 1954م ، وأحمد أسعد الشقيري 1955 1962 م ، وجميل مراد البارودي 1963 1979 م ، وسمير الشهابي 1983 1992م ، وجعفر مصطفى اللقاني 1992 1999م ، وفوزي عبدالمجيد شبكشي 1999 2006 م ،وخالد عبدالرزاق النفيسي 2006 2011 م وعبدالله بن يحيى المعلمي من 2011 حتى الآن. وفي عام 1991 م ترشح مندوب المملكة لدى الأممالمتحدة آنذاك السفير سمير الشهابي، بأغلبية الأصوات في الأممالمتحدة لرئاسة دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة السادسة والأربعين. ويندرج تحت منظمة الأممالمتحدة أجهزة: الجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي، ومجلس الوصاية، والأمانة العامة، ومحكمة العدل الدولية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويعمل ضمن منظومة الأممالمتحدة عدة منظمات أبرزها: منظمة العمل الدولية، ومنظمة الأغذية الزراعية، ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الطيران المدني الدولي، والمنظمة الدولية البحرية، ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي. ويتبع المنظمة برنامج الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، إلى جانب مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والاتحاد الدولي للاتصالات، والاتحاد البريدي العالمي. وتولى مهام منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ تأسيسها تسعة أشخاص هم النرويجي تريغفي 1946 -1952 م، والسويدي داغ همرشولد 1953 – 1961 م ، والميانماري يوثانت 1961 1972م والنمساوي كورت فالدهايم 1972 1981 م والبيروفي خافيير بيريز دي كويلار 1982 1991م والمصري بطرس غالي 1992 1996 م والغاني كوفي عنان 1997 -2006 م ، والكوري الجنوبي بان كي مون 2007م – 2017 م ، والأمين الحالي البرتغالي أنطونيو غوتيريش منذ عام 2017 م .