تحدثت في المقال السابق حول أهمية إتاحة البيانات والمعلومات الخاصة بالأجهزة الحكومية لعموم المستفيدين، ولم أكن أعلم حينها أن بلادي قد دخلت هذا المجال منذ سنوات، وهذا تقصيرٌ مني بلا شك. فالبيانات المفتوحة وكما يطلق عليها (نفط المستقبل) هي فكرة عظيمة جداً؛ إذا يمكن للأشخاص المهتمين ومراكز البحوث والدراسات الدخول على تلك البيانات وتحليلها وتقديم الأفكار الجديدة والحول المبتكرة والمفيدة للأجهزة الحكومية، والتي قد تكون غائبةً عن أذهان المسؤولين كما ذكرت في المقال السابق، وضربت مثالاً بالطالب الأمريكي (سفير) ذو الأربعة عشر عاماً، الذي استطاع أن يوفر على الحكومة الأمريكية مبلغاً يصل إلى 400 مليون دولار كانت مهدرة في مجال الطباعة، وبفكرة جديدة وحل مبتكر هو تغيير الخط المستخدم في الطباعة فقط. لذلك علينا أن نستفيد من هذه الميزة التي وفرتها بعض الدول، والتي تهدف إلى مشاركة المواطنين في عملية التنمية والاستفادة من الأفكار والحلول المبتكرة. حيث قام برنامج التعاملات الالكترونية الحكومية (يسّر) بإنشاء منصة البوابة الوطنية للبيانات المفتوحة في المملكة العربية السعودية، وأصبح بإمكاننا الاستفادة من المعلومات والبيانات التي توفرها هذه المنصة عبر الموقع الالكتروني (https://www.data.gov.sa). إن الكثير من الأعمال التي يقوم بها البشر لابد وأن تكون قاصرةً، ومن الطبيعي أن يكون النقص هو سمة الكثير منها، وهنا تبرز أهمية مشاركة الحلول والأفكار الجديدة مع الآخرين، وضرورة الاستفادة من العقول المميزة التي قد يتوفر لديها من الحلول ما تبحث عنه قطاعات الأعمال، لكن الفجوة التي كانت بين الطرفين هي ما يمنع وصول تلك الأفكار والاستفادة منها، فوجود منصة البيانات المفتوحة يسهم بشكل كبير في ردم تلك الفجوة الموجودة. وأنا هنا أدعوكم وأدعو نفسي للاستفادة من هذه المنصة بالدخول عليها واستعراض البيانات التي نرغب في تقديم الحلول حولها، وأنا على يقين تام بأن من بيننا من يستطيع أن يساهم في عملية التنمية والتطوير في بلادنا. فنحن نعيش في مجتمع يمثل الشباب نسبة كبيرة فيه تصل إلى 60% من إجمالي عدد السكان، وهذه الفئة من الشباب يحمل الكثير منهم تخصصات مختلفة من جامعات محلية وأجنبية، ويعملون في قطاعات متنوعة، ولا شك بأن لديهم من الأفكار والحلول الجديدة ما يستطيعون المساهمة به في دفع عملية النماء والتطور. رسالة أخيرة لمن اعتاد على الانتقاد والتذمر، تقدم واطرح أفكارك وشارك الآخرين بها، ولا تقلل من أهمية دورك وقيمة نفسك في الحياة، فالفاشلون هم من يفكرون في المشكلات ويتحدثون عنها دائماً، والناجحون فقط هم من يضعون الحلول ويرون خلف كل مشكلة فرصاً عظيمة لهم ولغيرهم، وتذكر بأن فكرة بسيطة تستهين بها قد تغير من شكل العالم إذا طبقت بالشكل الصحيح.