قال لي ابي ذات يوم اسمع يا بني في الحياة لا تكون كالسائر في حقل للإلغام لانك لا تعلم تحديدا ما هي المفاجئة التي قد تقتلك…! واجعل التوكل منهجا والحذر سلوكا فمن المعيب على الرجل ان يموت طيشا فالموت طيشا ديدن المتهورين والجاهلين ولا اريدك ان تصنف منهم…! توكلت على الله ودخلت اليوم اكبر حقل للألغام في طوق صنعاء ، حقل مترامي الاطراف يوزع الموت على كل من يمر به… كنت اخطو مع خبراء نزع الالغام في (مسام) البرنامج السعودية لنزع الالغام وكأنني امشي على جمر ، وهو ما يحدث باي عاقل وهو لا يعلم ماذا سيحدث بعد رسم خطواته على الأرض ان تنفس تحت باطن القدم نابض اللغم….؟ لغم مزروع بخبث ومحاطة بشبكة من الدواسات التي تساهم في احداث شرارة الانفجار ، يا الهي كم من الأشلاء ستتطاير وكم من الأحلام ستتناثر لو انفجر احد الالغام تحت قدمي وكم من قضية ستموت بخافقي… الوطن.. الاهل … اليمن … العروبة … ياله من شعور يبعث في النفس الف رسالة في كل ثانية…! هكذا دار الحديث بيني وبين نفسي …لن اموت … سأموت…. واي ميتة… تلك التي تُرسم بقطع اللحم المتطايرة… حلم وطن حر كريم هو اصل العرب ، ميتة على ارض اليمن تعيد محمد العرب إلى جذوره لينصهر مع موطن العروبة الاصلي ويرجع العرب إلى تراب العرب مغرما ومتيماً….! فالموت في اليمن ليس اجمل منه الا الموت على تخوم بلاد فارس التي لم تجلب الا القتل والإرهاب والدمار والجريمة ، رحم الله عمر ابن الخطاب ورضي عنه الذي علم انه لن ينفع معهم سلم ولا هدنة فاذاقهم كاس الهوان. سيدي عمر الفاروق هل تعلم انهم يزرعون الموت والالغام في أرض العرب هم جمعوا كل احقادهم منذ فتح العراق ووضعوها في الغام كي يحصدوا المزيد من جند العرب في أرض العرب ، تعس جمعهم وخاب سعيهم. عندما قررت خوض التجربة فكان الهدف ان اصف خطورة ووحشية حرب الالغام الحوثية القذرة ، وحتى اوصل الرسالة بدقة كان لابد من الدقة في تحسس مخاطر حقول الموت المنتشرة على طول وعرض الجسد اليمني المثخن بجراح الغدر الايراني. في كتابي الاخير (هدهد سلمان) وكتابي ما قبل الاخير (75 قاعدة دليل الاعلام الحربي ) تناولت موضوع الالغام بكثير من الشرح والاستفاضة واجد من المفيد ان اورد هذا الحزء مما كتبت . تجربتي مع الألغام مريرة جدا، خسرت أقارب وأصدقاء وزملاء، وأبشع حروب الألغام التي قمت بتغطيتها هي حرب اليمن التي فيها مخزون كبير هو الأكبر عربيا من الألغام. في 2018 كنت أقوم بتغطية تحرير قرى آل صبحان وآل شريم وآل ماطر وآل زماح وآل مغرم وآل مزهر في مديرية باقم بمحافظة صعدة. ومن حيث لا نعلم دخلنا حقلا للألغام مشيا على الأقدام، ولحسن الحظ كانت الألغام مخصصة للدروع والتي لا تنفجر حتى يمر عليها آلية ثقيلة تفوق الثلاثمائة كيلو غرام، لكن الشعور بأنك وسط حقل ألغام هو شعور مرعب جدا ، بعدها أخضعت نفسي لدورة مكثفة لمعرفة أنواع الألغام وطريقة تفاديها، وهو تدريب أنصح به لمن يريد أن يحترف الأعلام الحربي.