في ظل الإجراءات العالمية الواسعة المتخذة من أجل مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19 تبدو بيلاروسيا استثناء فرئيس البلاد يعتبر ان “كوفيد-19″ بات أشبه ب”هوس” وتقام منافسات كرة القدم بشكل طبيعي، وبحضور الجماهير،و المطاعم تستقبل الزبائن. و لم تسجل في بيلاروسيا، الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة على أبواب الاتحاد الأوروبي، سوى 88 إصابة ب”كوفيد-19″، من دون أي حالة وفاة. وعلى رغم القيود الواسعة التي تفرضها معظم دول العالم على حركة التنقل والسفر وخروج الناس من منازلهم، رفض رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاتشنكو فرض أي حجر صحي أو عزل على مواطنيه. ذهب الرئيس المثير للجدل الى أبعد من ذلك، ولم يتردد الأسبوع الماضي باعتبار كورونا المستجد “هوسا”، وان “الهلع” منه هو أكثر خطورة من الفيروس نفسه. وطالب رئيس البلاد مواطنيه الذين يبلغ عددهم 9,5 ملايين نسمة، بمواصلة أعمالهم، الذهاب الى الحقول وقيادة جراراتهم التي تصنعها بلاده بكثرة، “لأن الجرار يشفي الجميع” بحسب قوله. كما نصح بشرب الفودكا وممارسة الحمام البخاري كأفضل دواء لمحاربة فيروس كورونا. وكرر الرئيس مواقفه الخارجة عن المألوف السبت، بقوله خلال مباراة خيرية للهوكي على الجليد “الموت بكرامة أفضل من العيش خانعين!”. وفي ظل شلل شبه تام في البطولات والمسابقات على امتداد أوروبا والعالم، وعدم يقين شامل بشأن الموعد الذي يمكن فيه استئناف المباريات، يستأثر الدوري البيلاروسي بالاهتمام حاليا، وليس لمستواه الكروي: البطولة التي يطلق عليها تسمية “فيسهايا ليغا” باللغة المحلية، تواصل نشاطها. ولم تتردد شبكة “ماتش تي في” الروسية بشراء حقوق بث المباريات، بينما اقترح نجم برشلونة الإسباني وأرسنال الانكليزي السابق البيلاروسي ألكسندر هليب في الصحف الألمانية، دعوة النجمين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو القدوم للعب في بلاده. وتوافدت الجماهير السبت الى الملعب لمتابعة مباراة فريق سلافيا موزير المحلي الذي تفوق على باتي بوريسوف، الفريق الأشهر في البلاد. أما في مينسك، فقد امتلأ نصف الملعب الخاص بفريق “أف سي مينسك” للمواجهة التي جمعته مع دينامو مينسك في “دربي” العاصمة. وقال إيغور الحاضر في المدرجات “حتى لو أتينا الى هنا، نعرف كيف ننعزل: نبتعد عن بعضنا البعض… جئنا بالسيارة وغسلنا أيدينا 10 مرات”. وأبدى المشجع البالغ 33 عاما استغرابه لعدم اكتراث العديد من المشجعين الآخرين، موضحا “وكأنهم لا يتابعون ماذا يحدث، يتجولون ويبتسمون”. وبحسب مصور فرانس برس، اصطف المشجعون في صفوف على الأبواب الخارجية للملعب قبل الدخول، وتوزعوا في المدرجات لكن على مسافات متقاربة من بعضهم البعض. وفي حين ارتدى عدد قليل كمامات واقية، قام العديد من المشجعين بخلع قمصانهم والتشجيع جنبا الى جنب. واتخذت السلطات على المداخل إجراءات على مداخل الملاعب من خلال نصب كاميرات حرارية وقياسة حرارة الوافدين الى الملعب، وهو ما يطمئن ليودميلا (55 عاما) التي تعمل كمدرّسة. وتوضح “المرضى لا يأتون الى الملعب”. وشدد المتحدث باسم الاتحاد البيلاروسي ألكسندر اليينيك لفرانس برس على اتخاذ “جميع الاجراءات المطلوبة من وزارة الرياضة. يتعين على جميع الأشخاص الذين يتواصلون مع أنصار الفرق ارتداء القفازات”. وفي حين ان المباريات لا تزال مستمرة بحضور جماهيري، يلاحظ ان الإقبال تراجع الى النصف تقريبا مقارنة بالموسم الماضي، وهذا ما يسمح بتوزيع المتفرجين في مختلف أرجاء الملعب”، بحسب أليينيك. وعلى رغم العدد القليل نسبيا من حالات الإصابة في بيلاروسيا بفيروس أودى بحياة أكثر من 30 ألف شخص عالميا حتى مساء السبت، بدأت اللهجة بشأن “كوفيد-19” في البلاد تتبدل منذ الثلاثاء الماضي. وإثر اجتماعه بالسفير الصيني، أكد لوكاتشنكو ان بلاده “تسيطر بشكل جدي” على الوضع، بينما بدأت الصحف والشبكات التلفزيونية المحلية تتحدث عن الوباء. لكن السلطات ووسائل الإعلام لا تزال تعتبر ان إلزام السكان بالبقاء في المنازل ليس الحل. وتبدو العاصمة مينسك أكثر هدوءا في الأيام الأخيرة، اذ دعي الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين الى البقاء في منازلهم، والتلامذة لعدم الذهاب الى المدارس. حتى في ساعات الذروة، لم تعد القطارات تشهد ازدحاما كبيرا، وبدأ معظم موظفي الشركات بالعمل عن بعد. بيد ان الحانات، المقاهي وأكشاك بيع الصحف ما زالت مفتوحة من دون أي تعليمات معينة تجاه الزبائن. ويؤكد إيفان، الموظف في شركة تكنولوجية ويعمل من منزله منذ ثلاثة أسابيع، انه يلتقي أصدقاءه كل مساء “في قاعة الرياضة أو في المقهى”. وتدافع السلطات عن عدم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بالتأكيد ان كل المصابين هم في حجر صحي تام. وقد أكدت وزيرة الصحة إيلينا بوغدان أن جميع المصابين بفيروس كورونا المستجد معزولون في المستشفيات، بينما يلتزم كل الأشخاص الذين كانوا على تواصل معهم، بالحجر الصحي. لكن هذه السياسة الرسمية لقيت معارضة المعارضة البيلاروسية. وقال المعارض ميكولا ستاتكيفيتش في رسالة له عبر شريط فيديو إن “السلطات تتحضّر لتوفير ضخم على مستحقات التقاعد”، في إشارة الى النتائج المدمرة للمرض على المتقدمين في السن حول العالم. ومن الأسباب الأخرى أيضا، مواجهة البلاد لصعوبات اقتصادية نظرا للتوتر مع روسيا شريكتها الاساسية. ويرى المحلل أرتيوم شرايبمان “مع الانكماش العالمي، يبدو الوضع أسوأ بكثير. يبدو ان لوكاتشنكو (رئيس بيلاروسيا) قرر بأن وقف الاقتصاد سيكون خطوة انتحارية” بالنسبة الى البلاد.