” آفة الفساد” تُحارب من العالم بأسره، وذلك باعتبار أن من يقبل بالفساد ويرضى به هو في الحكم متشارك فيه ومستفيد منه، والبشر الأسوياء هم من يمقتون الفساد. لقد قرأنا قبل أيام تقريراً يكشف عن أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد باشرت عدداً من القضايا التأديبية والجنائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وأحالت 219 موظفاً إلى التحقيق الإداري؛ نتيجة الإخلال بواجبات الوظيفة العامة. كما باشرت إجراءات التحقيق الجنائي وسماع أقوال 674 شخصاً تم إيقاف 298 شخصاً منهم -وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية – لتوجيه الاتهام بحقهم في قضايا فساد مالي وإداري تمثلت في جرائم الرشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري. قبل هذا التقرير، قرأنا تصريحاً للأستاذ مازن بن إبراهيم الكهموس، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، يقول فيه : المملكة تشهد حاليا في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده خارطة طريق لمكافحة الفساد تشكل مرتكزا أساسيا لرؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنفيذ الإصلاحات والحد من مخاطر الفساد وتأكيد مكانة المملكة الدولية ضمن مصاف الدول العشرين الأقوى اقتصاديا على مستوى العالم. ومضى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ليؤكد بأن: بعد أن تخلصت البلاد بنسبة كبيرة من الرؤوس الكبيرة الفاسدة، أنقل تحذيرا شديد اللهجة من ولي العهد حيث وجهني بأن المرحلة القادمة ستكون لاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار الفاسدين منهم فقط. بالتأكيد، محاربة الفساد والمفسدين نجزم بأنها أحد الأعمدة الرئيسية لمشروع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين الإصلاحي حفظهما الله ، عمود رئيسي نعتبره اليوم حقاً من حقوقنا المجتمعية التي كفلوها لنا. وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل عنها إطلاقاً، وذلك لأن التنازل عنها هو يعني الرضا بأن تُمد للمال العام اليد وأن يُمس، أو يتم الاستهتار به. كذلك يتوجب أن يُحارب مجالات الفساد الإداري الذي يعتبر فيه ظلماً للبشر، واعتداء على حقوقهم أو حتى حرمانهم منها، أو التسلط عليهم بتأثير المنصب والسلطة. في الحقيقة أن سماع مثل هذه الأنباء يثلج الصدر، لأنه يؤسَّس لمرحلة من القناعة الإيجابية التي مفادها بأن وطننا وقيادته الرشيدة ماضية بمسار تقوية هذا العمود الرئيسي من أعمدة المشروع الإصلاحي. وكذلك تثير إحساساً رائعاً وردود أفعال طيبة لدى المجتمع، بأن للأخطاء والتجاوزات نظام يمنع مرتكبيها وتُسترجع به الحقوق لأصحابها، وتنظف دوائرنا الرسمية الحكومية من العابثين. وتتزامن هذه الأنباء مع حصول وطننا على نتائج متقدمة في ترتيب مؤشر مدركات الفساد (CPI) لعام 2019 وتقدمها بين مجموعة دول العشرين الاقتصادية G20. نحن من الأوطان التي ترفع شعار “مكافحة الفساد”، وبموجب أنظمتنا لا بد وأن نبذل بكل إصرار وأن نعمل بجدية وحزم على إيقاف الفساد وإعلان الحرب عليه لتنظيف الأماكن التي تعاني منه، بالتالي يؤثر وقوعه بمسيرة التقدم والتنمية والإصلاح في الوطن، وكذلك يؤثر بالضرر على الأفراد العاملين في القطاعات المختلفة. هنا ندعو الأفراد بأن يقوموا بواجبهم بكل فاعلية من خلال الخط الساخن لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وأن يضعوا أيديهم في يد مليكنا الغالي وسمو ولي عهده، ويقوموا بتصحيح الأخطاء وأن يمضوا في الإصلاح. ختاماً نقول إن المبلغ المعلن 379 مليون ريال الذي أقر به المتهمون تحقيقياً، مبلغ لا يستهان به، وعلينا التحرك واتخاذ الإجراءات. ولا بد من تعزيز محاربة الفساد، والدعوة لذلك باستمرار، وتحويله لثقافة مجتمعية، تدافع عنها القوانين والأنظمة، وذلك حتى نحفظ ونصون وطننا (المملكة العربية السعودية) وثرواته، وماله العام، ونحفظ أيضاً أبناؤه من العاملين في جميع قطاعاته، ونحرص أتم الحرص بأن لا يتعرضوا للغبن والظلم.